افتتاح المعرض العالمي للفنون التشكيلية بمشاركة 44 فنانا

حجم الخط
0

افتتاح المعرض العالمي للفنون التشكيلية بمشاركة 44 فنانا

ضمن فعاليات الاحتفاء بمسقط عاصمة الثقافة العربية لسنة 2006:أحمد جاريدافتتاح المعرض العالمي للفنون التشكيلية بمشاركة 44 فناناافتتحت فعاليات الاحتفاء بمسقط عاصمة الثقافة العربية لسنة 2006 بتنظيم المعرض العالمي للفنون التشكيلية من 4 كانون الثاني (يناير) إلي 8 منه بمركز عمان للمعارض تحت رعاية وزارة الثقافة.وتميز هذا المعرض بمشاركة 44 فنانا من المغرب، الولايات المتحدة، استراليا، ألمانيا، بريطانيا، المكسيك، العراق، اليابان، البرازيل، مصر، إيران، النمسا، جنوب إفريقيا، الصين، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، السعودية، قطر، سلطنة عمان.ومن المشاركات النوعية التي رفعت من مستوي هذا المعرض ا لعالمي مشاركة اليابان وألمانيا والمغرب والإمارات وسلطنة عمان والكويت والبحرين والفنان الياباني ناكاكاوا Nakagawa المختص في علم الدلالات والفيديو آرت والمحتك بالملتقيات والمهرجانات الفنية الدولية الذي قدم عمل فيديو اعتمد فيه أسلوب المونتاج الرشاش لتكثيف الدلالات والإحالات مع قصدية في هشاشة الموضوع وبساطته.وفي مجال الفيديو آرت أيضا قدم الفنان الشاب لكن بكعب فني عال وهو حسن المير. يقع هذا الفنان العماني في طليعة مجايليه من ما بعد الرواد، وبسبب تكوينه الأكاديمي في الولايات المتحدة تخصص تصميم وميديا آرت، وبسبب إمعانه في البحث عن وسائط جديدة للتعبير فإنه سرعان ما تخلي، إلي أجل غير مسمي، عن اللوحة بالأبعاد الثنائية ليلج تجربة الفيديو آرت باعتبارها تستجيب لرغبته في هدم الواقع وإعادة بنائه، وفي محاكمة البنية الثقافية الرثة.ينهض أسلوب هذا الفنان علي شظايا سردية تعالج إشكالية الأنا والمثيل بمقاربة تحليل ـ نفسية تارة أو وجودية تارة أخري،بحثا عن نوع من الشفافية أو التطهير، حيث المرآة والماء والحلم والهذيان وكل سنائد حضور الآخر في الأنا كتجربة تراجيدية تبدأ تقنيا بالأبيض والأسود لتحييد المؤثرات الجمالية المتكلفة،ووصولا إلي أعلي درجات المعاناة اليسوعية.وبين العمل الفني الذي هو علي ضمير المتكلم وحيز الأنا الذي هو في ذات الوقت: الآخر تقع مسافة السيرة الذاتية، فنصطدم مباشرة بالموضوع دون مواربة أو لعب بالصور كما هو الحال عند ناكاكاوا الذي يغلب الصورة، أي تغليب الشكل علي الموضوع، لذلك وجد الفنان حسن المير في الفيديو آرت فنا ادخر أدوات جديدة تساعد علي المجاز وعلي تضييق الخناق علي موضوعه وطرح أسئلة سقراطية واستعارات منفتحة علي الحقيقة وعلي نقيضها، ومنفتحة علي إضافات المشاهد وتأويله وتكميلاته. يقع هذا الفنان خارج السرب، لذلك أسس رفقة ثلة من الفنانين والفاعلين (جماعة الدائرة) التي أخذت منذ دورتها الثانية تستقطب اهتماما متزايدا.أما مشاركة المكسيك فكانت من خلال النحات العالمي سيباستيان أنغيل كاغفاجال الذي قدم منحوتاته الصارمة المونوكرومية اللون والحداثية المواد معتمدا في إنجازها علي معادلات جبرية وهندسية دقيقة حولها أثناء العرض إلي لعب للتحليل والتركيب بكيفية سحرية وبهلوانية تثير تعجب الزوار.ومن بريطانيا الفنانة سارة وايت المقيمة في مسقط قدمت متتاليات أكريليكية حول المعمار العربي ومن ألمانيا الفنانة جوردن سيكموند Gurdun Siegmund بأعمال ورقية تحت الزجاج تتميز بقدرة تعبيرية مرجعيتها: التلقائية الطفولية بكل التوترات العفوية واندفاع حركة الفراشي والباستيل بخبرة لونية مقترة تعتمد تقنيات الإستنساخ بالروبورت وكليشيهات الراديوكراف…واعتبرت مشاركتها من الأعمال الأساسية في هذا الملتقي.أما مشاركة الولايات المتحدة (بايو أوكاهينا) وجنوب إفريقيا (هيلين سيبيدي) وأستراليا (توني والكر) والنمسا (هلمت كاند) فكانت مشاركات من غير قيمة مضافة لهذا المعرض. علي عكس الصين التي قدمت من خلال الفنان المحترف (وان جيوان) جداريات انطباعية بخامات مكثفة قربت الجمهور من مدرسة المثابرة الصينية في الإنجاز الفني وتحويل المشهد التراثي الثقافي اليومي إلي موضوع جمالي خصب.والملاحظ في هذا المعرض حضور الاتجاه الحروفي بشكل لافت، وأرسخ الفنانين ظهورا هو الفنان محمد فاضل الذي تميزت أعماله الضخمة بمراوحة بين اندفاع تعبيري وتكوينات غرافيكية وكاليغرافية داخل المساحة الواحدة وكأنها أعمال لمخاض انتقالي يبشر بخروج الفنان من حالات الحروفية نحو أفق آخر. وما يعزز هذه الفرضية هو حضور قوي لخامات مختلفة وحركيات صباغية تعبيرية متحررة تجاور مخطوطات ومقتطفات لطلاسم يديوية لا تزال شاهدة علي مرحلة حروفية سابقة. وما يفسر مجهود محمد فاضل في البحث عن حل جانب من المعادلة الصعبة بين التعبيرية التجريدية والإستيطيقا الحروفية هو ذلك القلق البارز علي الصعيد الكروماتيكي. ولأنه فنان توقظه رائحة التوابل كما تقول أنيكا جنسون (السويد) فإن الديالكتيك اللوني بين الغامق والفاتح هو ليس فقط، حلبة أخري لتصفية الصراعات الداخلية للفنان بل بحث عن الذات وعن مرفأ جمالي جديد وكذا علي مفهوم غير سلفي للعالم.إن علامات القلق في المنجز الفني لمظهر إيجابي للفن العماني المعاصر في البحث عن الذات والانطلاق نحو آفاق جديدة تميزت به بصفة خاصة التجربة العمانية والبحرينية علي صعيد الخليج العربي، غير أن الأسلوبية الحروفية والعلاماتية لا تزال وطيدة في سلطنة عمان خاصة علي يد الفنان محمد الصايغ وموسي عمر ورشيد عبد الرحمان ومن قطر الفنان أحمد يوسف المتمرس في تنضيد التقنيات المختلطة وإدماج الحروفية ضمن نسيج الخامات. ومن العراق الفنان صبيح كلش المقيم في مسقط والفنان العراقي بدر شاكر المقيم في السويد والذي يبذل مجهودا في التأطير التنظيمي للفنانين في المهجر. ثم الفنانة العمانية فخرية اليحيائي الغمورة بلغة الأقمشة وأهازيجها اللونية والعلاماتية وهي تختار بعناية وحذر شديدين تفاصيلها البصرية معتمدة علي مقاربة جشتالطية حيث تحلل وتركب عناصر عملها الفني بخبرة يدوية ودربة لونية، ملتقية في ذلك بمواطنتها الفنانة مريم الزدجالي، غير أن إعادة إنتاج هذه الجمالية التي تدخل سواء في نطاق ما يفكر فيه الناس أو ما لا يفكر فيه الناس، يستوجب استثمار تلك التمارين البصرية إلي ما بعد التزيينية، وفك الارتباط بالمعادلات المدرسية. ومن المشاركات النسائية المتميزة التي شهدها هذا المعرض العالمي كذلك مشاركة الفنانة زكية البرواني بعمل ذي ا نطباعية لونية متقدمة، مستلهمة في ذلك المشهد الطبيعي، فخصت أعمالها بتنفيذ صباغي دفعت فيه موضوعاتها الطبيعية إلي تخوم التجريد. ولم تتوار عن طرح دواخلها وترجمة انطباعها، حيث اندفاعات الفراشي والجرأة اللونية تنم عن خبرة تعبيرية ملحوظة ودربة تدل علي أن التجربة الفنية النسائية في مسقط قطعت شوطا هاما.وتجدر الإشارة إلي ملاحظة غياب مشاركة الفنانة نادرة محمود وهي من الفنانات الأساسيات في سلطنة عمان المتميزة بحساسية إبداعية قل نظيرها، أعمالها مطبوعة بطابع حداثي وبشفافية وشاعرية لافتتين ولو تمت دعوتها لهذا المعرض لقدمت قيمة إضافية للتجربة العمانية.أما عن البحرين فكانت مشاركة الفنان أحمد باقر في الرسم بالرصاص علي ورق عملاق، حيث جاءت كروكيهاته التي تعالج البيئة الصحراوية مثل عزف منفرد علي آلة العود، وتعكس مراس أحمد باقر في مجال الرسم.وقدم الفنان الإماراتي المعروف عبد الرحمان سالم في هذا المعرض ثلاث لوحات من القطع الكبير، طور فيها نظرته التعبيرية في اتجاه المابين تشخيصية مع ترشيد لوني وحركية واضحة ترجح انطلاق اليد والجسد بحرية أكبر بعيدا عن التنميق وباهتمام أكثر بمسألة اللامكتمل في منجزه الفني. ومن الكويت اطلع الجمهور علي عمل رائع للفنان عبد الرسول سلمان الذي أنجزه بتقنية عالية وفي غاية الشاعرية والرقة.في حين أن النحت وإن كان محدودا فإن المنحوتات الحجرية للفنان العماني أيوب البلوشي (من مواليد 1955) شغلت مساحة هامة داخل فضاء المعرض، وهي أعمال عالجت مسألة الامتلاء والفراغ بمقاربة عربية من حيث نحت الكتل عموديا وتحريرها من خط ارتكاز أفقي نحو انسيابات عمودية مستلهما في ذلك مرجعيات الجسد تارة وحركات حروفية تارة أخري متدفقة بفاعلية دون السقوط في غلو التجريد أو التشخيص السطحي. غير أن اختيار عرض منحوتات محفوظة الارتفاع داخل مساحة رحبة لفضاء العرض، وإن كان حقق توازنا سينوغرافيا للمعرض فإنه بسبب مسافة النظر اليها (عن قرب) من أعلي إلي أسفل، قلل ذلك من وقع العمل الفني علينا. وربما لو قدمت أعماله تلك علي مقاسات ارتفاع أعلي لكان لها وقع أكبر. ويُهيأ لي أن مشاريعه تلك صالحة لكي تكون تدخلا جميلا في الميادين والساحات العمومية لو حقق لها الإنجاز في مسقط.وتذهب مشاركة مواطنه النحات خميس الحنيني (من مواليد 1965) إلي معالجات تشخيصية ترصد حالة الحصار وأشكال الوأد الإنساني معتمدا علي تنويع مواد العمل المختلفة مما يضفي علي أعماله صبغة واقعية من حيث الموضوع ومن حيث الشكل. أما القطع المرمرية للنحات العماني الشاب سالم المرهون فتتخذ من أدوات الاستعمال التراثية اليومية موضوعا للتحوير والتأويل.ومن المشاركين البارزين في هذا الملتقي العالمي الفنان أنور سونيا (من مواليد البحرين 1948) الذي شارك بأعمال حروفية، وإن كانت أعماله هذه غير اعتيادية أنجزها لأول مرة، فهي تبتعد عن حساسيته المعاصرة وعن هاجسه الوجودي المعتاد. ويشفع له ذلك نزعته التجريبية. فهو فنان شغوف بالبحث التعبيري، يحميه من التكلف الجمالي ما يدخر في عمقه الإنساني من طفولية وتلقائية في مواجهة أعطاب الإنسان وأعطاب المجتمعات السلفية. أعماله المعتمدة علي الفيديو آرت وتقنيات الاتصال المتعدد الوسائط تحكي بالضبط وقائع قلق الإنسان داخل الدائرة العربية وتحكي مشاهد فنان يقاوم علي الطريقة الطاوية ضد الآلام الوجودية للأنا والغير. وبمزاج ثقافي ملغم بأسئلة متوترة يشق هذا الفنان الطليعي مساره في ركب كوكبة الفنانين العرب الحداثيين، إذ مثل بلده في كثير من الملتقيات الأجنبية فضلا عن تأثيره الواضح علي جيل من الفنانين العمانيين وديناميكية في تطوير الحركة التشكيلية العربية سواء من خلال جماعة الدائرة أو من خلال مساهمات أخري.وفي مجال الميديا آرت دائما قدم الفنان سليم سخي (من مواليد 1968) عرضا تركيبيا يحكي موقفا وجدانيا إزاء المرأة والطبيعة، غير أن له أعمالا إنشائية أخري هامة من الناحية الشاعرية ومن ناحية تحويل الأدوات المألوفة يوميا إلي خطاب مجازي وإحيائي. وفي فن الكرافيك هناك الفنان سيف العامري الذي هو من الفنانين العمانيين المختصين في التصميم والحفر الفني. ثم عبد الله الحنيني وسعود الحنيني اللذان شاركا بأعمال متقنة من حيث التنفيد الأكاديمي الكلاسيكي.وأخيرا من المغرب كاتب هذه السطورشارك بعملين يتكونان من أربع وحدات تعالج بتقنية مختلفة مسألة الذاكرة من خلال ما قاله المتصوف الأندلسي الكبير محيي الدين ابن عربي امح ما كتبت وانس ما علمت وازهد في ما جمعت . وخلاصة القول أن المشاركات سواء العربية أو الأجنبية ظهرت بتفاوت واضح في مستويات التجارب الإبداعية مما طرح إحراجا لبعض الفنانين الوازنين المشاركين.ومرد مجمل الارتباك الذي عرفه تدبير المعرض يعود لغياب تعيين كوميسير عام مستقل للمعرض الذي ينسق كل مراحل التنظيم ابتداء من وضع القوائم إلي تخطيط تصور منسجم لتركيب المعرض وبرمجة لقاءات وأنشطة موازية، وهذا الفراغ أدي بفريق العمل الي تحمل مشاق التنظيم.كما أن المعرض تعرض لإهمال إعلامي واضح خلق استياء للمشاركين الأجانب وقلص من فرصة زيارة المواطنين خاصة وأنه معرض لم يتجاوز خمسة أيام.إن المعرض التشكيلي العالمي بمناسبة الاحتفاء بمسقط عاصمة الثقافة العربية لسنة 2006 يحسب له هذا المجهود الذي حقق لقاء فنانين من مختلف المعمورة ليتعرفوا علي بعضهم وعلي التجربة العمانية مما يؤهله لكي يكون موعدا سنويا.فنان تشكيلي من المغرب0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية