اعترافات زلماي تؤكد ورطة المحافظين الجدد بالعراق وحدود الطموح الامبريالي الامريكي
لم يبق من الموقعين علي مشروع القرن الامريكي احد.. وبوش وحده لا زال يردد افكارهماعترافات زلماي تؤكد ورطة المحافظين الجدد بالعراق وحدود الطموح الامبريالي الامريكيلندن ـ القدس العربي :اكثر من مئة الف ضحية عراقية، واكثر من الفي جندي امريكي، ومئة جندي بريطاني، واكثر من 200 مليار دولار انفقت علي الحرب في العراق، ولم يتغير شيء في العراق منذ احتلاله قبل اربعة اعوام. ادارة الرئيس الامريكي انفقت الكثير من اجل الحصول علي الفوضي. ولكن المحافظين الجدد الذين سوقوا فكرة غزو العراق واحتلاله لتغيير خريطة المنطقة العربية اعترفوا الان ان الاهداف الامريكية في العراق فشلت كلها. ولم يعد الامر الان مقتصرا علي عدد من الاصوات التي تعرضت لنقد من تيار اليمين المحافظ، والمدافعون عنه في صحف ويكلي ستاندرد ، و ناشيونال ريفيو و نيوريباليك ، بل لكتاب ومحرري هذه الصحف والمجلات. فقبل اسبوعين نشر فرانسيس فوكوياما كتابا اعترف فيه بان اليمين المحافظ تطور الي مفهوم لم يعد قادرا علي دعمه، وفوكوياما هو المنظر الذي كتب في نهاية حقبة الثمانينات كتابه نهاية التاريخ ، الذي طبل فيه لانتصار الرأسمالية الليبرالية علي الشيوعية. ويليام باكلي محرر ناشيونال ريفيو ، جورج ويل، الكاتب والمعلق الصحافي الذي كان شكك في البداية من اهداف اليمين وغزو العراق انتقل للصف المعارض، ويضاف الي هذا الفريق، اندرو سوليفان محلل نيو ريبابليك . وفي الوقت الذي لا يعترض فيه المحافظون علي الاطاحة بصدام حسين، الا ان التحديات التي واجهت الامريكيين في العراق جعلتهم يعتقدون انهم امام مشروع اكبر من مصادرهم او بحسب احدهم اكبر من المصادر المتوفرة للرئيس جورج بوش.. اهداف امريكا فشلت . ولكن تصريحات ممثلي معسكر اليمين المحافظ تنم عن جلد للذات ومحاولة للبحث عن مكمن الخطأ، حيث يقول سوليفان ان الفوضي والخراب في العراق كانا نتاجا للثقة الزائدة والافتراضات الخاطئة الناجمة عن الغرور والسذاجة. ويعترف سوليفان في عمود كتبه في مجلة التايم ان امريكا لم تخسر بعد. ومن بين المنظرين الاكثر حدة في نقد المشروع الامريكي الجديد، كان فرانسيس فوكوياما في كتابه امريكا علي مفترق طرق ووضع فوكوياما عنوانا فرعيا للكتاب جاء الديمقراطية، والسلطة وتراث المحافظين الجدد . ويقول معلق في صحيفة الاندبندنت البريطانية ان ما في كتابه ليس طرحا من نوع ما ولكن ردة كبيرة وكفرا بالمشروع الذي دافع عنه المحافظون الجدد، وارتدادا عن مشروع القرن الامريكي الجديد (1997) الذي كان احد الموقعين عليه، وهو البيان الذي شكل عقيدتهم واعده ويليام كريستول، محرر ويكلي ستاندرد . وكان المشروع الامريكي الجديد هذا يهدف الي تأكيد مداميك الامبراطورية التي ولدت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، من خلال مواصلة الانفاق والتسليح وتحدي كل الانظمة العدوانية او المعادية لامريكا، والعمل علي نشر الحرية والديمقراطية في كل انحاء العالم. وكان هدف المشروع هو بناء نظام عالمي جديد موال لامن وامان وازدهار امريكا . ومن هنا كانت الحرب علي العراق امتحان وفحص لهذه العقيدة، حيث اعتقدوا ان التخلص من العراق واسلحته المزعومة، سيقود الي القدس وسورية والمنطقة كلها، ولكن فوكوياما يعترف الان انها كانت خداعا كبيرا للنفس والاخرين. ويحدد فوكوياما الاسباب التي قادت لاخطاء وفشل المشروع الجديد هذا، بقوله ان المحافظين الجدد كانوا متعجلين، كذلك افتراض ان العالم كله سيكون جاهزا لتقبل ما اسماه الخيرية التسلطية لامريكا، اما الخطأ الثالث، فهو التصريحات الكبيرة التي استخدمت في مرحلة ما بعد هجمات ايلول (سبتمبر) 2001 عن الخطر الاسلامي لتبرير الحرب الوقائية. كما يشير فوكوياما الي التناقض في تفكير المحافظين الجدد الذين تجنبوا التدخل بسياسات الحكومة الامريكية وثقتهم بالقدرة علي فرض رؤيتهم علي العالم، خاصة العراق. طبعا لا زال داخل المحافظين الجدد من يدافع عن الفكر، مثل ويليام كريستول الذي اتهم فوكوياما بالخيانة، وكذلك اليساري التروتسكي السابق كريستوفر هتشنسن، الذي اتهم فوكوياما بالتنازل امام المتطرفين. ولكن الحقيقة الواضحة من ركام المحافظين ان كل الذين وقعوا علي مشروع القرن الامريكي الجديد، ذهبوا في حال سبيلهم، بول وولفوفيتز، ترك الي البنك الدولي، والتزم الصمت ازاء الفوضي التي سببها في العراق. ريتشارد بيرل، اختفي من المشهد تماما، لويس سكوتر ليبي، ترك مكتب نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني لتركيز جهوده علي انقاذ نفسه من السجن. اما زلمان خليل زاد، السفير الامريكي في بغداد، واحد الموقعين علي البيان اعلاه فخرج عن طوره وحمل امريكا مسؤولية المتاعب في العراق عندما فتحت صندوق باندورا . ما تبقي من العصابة، ديك تشيني ودونالد رامسفيلد، هما في الجوهر ليسا من العصابة بقدر ما يؤمنان بالحلول الفردية التي تحمي مصالح امريكا في عالم فوضي وعنف. كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية، لم توقع علي البيان ولكنها كانت متعاونة مع المجموعة عندما كانت مستشارة للامن القومي، اما الآن فاصبحت اكثر براغماتية. الوحيد الذي لا تزال شفتاه تردد عبارات المحافظين الجدد هو الرئيس نفسه. ولكن حتي الرئيس يتواضع الان في تصريحاته عن نشر الديمقراطية والحرية بعد ان اظهر العراق حدود ومحددات هذا الطموح.