اسرائيل وجدت نفسها مجبرة للتعامل مع الامر الواقع والقبول بالانتخابات الفلسطينية وبمشاركة حماس علي أمل ان تتحول فيما بعد الي حزب سياسي يتخلي عن السلاح

حجم الخط
0

اسرائيل وجدت نفسها مجبرة للتعامل مع الامر الواقع والقبول بالانتخابات الفلسطينية وبمشاركة حماس علي أمل ان تتحول فيما بعد الي حزب سياسي يتخلي عن السلاح

وقوع موجة من العمليات ستجرف اصواتا كثيرة لصالح الاحزاب اليمينية الاسرائيلية المنافسةاسرائيل وجدت نفسها مجبرة للتعامل مع الامر الواقع والقبول بالانتخابات الفلسطينية وبمشاركة حماس علي أمل ان تتحول فيما بعد الي حزب سياسي يتخلي عن السلاح مجموعة الازمة الدولية هي عبارة عن منظمة تشكلت من مجموعة من الاشخاص يوصفون بأنهم من ذوي النوايا الحسنة ، تحاول دراسة النزاعات في ما لا يقل عن خمسين دولة في العالم، وأن مجلس امناء هذه المنظمة مليء بأسماء بارزة سبق وأن شغلت وظائف رفيعة، رؤساء دول، وزراء خارجية، رؤساء حكومات ودبلوماسيين معروفين (والسفير الامريكي السابق ورئيس جامعة تل أبيب البروفيسور ايتمار رابينوفيتش هو الاسرائيلي من بين هؤلاء). كما أن هذه المنظمة تفتخر بقدرتها علي تحريك وعمل حوالي 110 من المحققين الاكفاء الذين يستطيعون الوصول الي مراكز وبؤر النزاع ودراستها عن قرب وبتعمق. في نهاية الاسبوع الماضي، نشرت هذه المنظمة دراسة موسعة وكثيرة الصفحات عن تنظيم حماس بعنوان دخول حماس: تحدّ في العملية السياسية . فهذه الدراسة جرت تحت مراقبة، بل إنها مراقبة وتدقيق عميق للغاية: ان نقطة البداية واصوله تنبع الان من أنه (اي تنظيم حماس) موجود الان.. ولا زال يحتفظ بميثاقه.. وبسلاحه.. وهو شريك شرعي في عملية تحديد مستقبل هذه المنطقة، والسؤال فقط هو: كيف يمكننا التعامل معه الان؟.الوثيقة تتحدث عن وجود عدة توصيات، فالوثيقة توجه توصية الي السلطة الفلسطينية للعمل خلال مئة يوم للحصول علي موافقة المجلس التشريعي الذي سينتخب لاتخاذ قرار بضرورة اقرار واعتراف جميع القوي المشاركة فيه علي أن الطريق الوحيد للتوصل الي السلام هو بالطرق السلمية فقط.. وكذلك فصل ـ نهائي ـ لاجهزة وقوات الامن ـ الفلسطينية ـ عن كل النفوذ والقوي السياسية ومن ثم الاعلان عن البدء بعملية نزع سلاح تدريجية كما ان علي السلطة الاعلان عن تمديد فترة الهدنة لمدة ستة أشهر جديدة اخري. وكذلك، فان هذه المنظمة تدعو اسرائيل للاستجابة الي هذه المبادرات وأن تعمل من جانبها وعلي النحو الذي تراه الي وقف لاطلاق النار بحيث: الامتناع والتوقف عن عمليات التصفية والقتل.. والامتناع عن الدخول ـ التسلل ـ الي المراكز السكانية ـ الفلسطينية ـ وعن هدم البيوت والبدء باطلاق سراح معتقلين من السجون الاسرائيلية بصورة فعلية ولا سيما من عناصر التنظيمات التي تؤيد الهدنة وتشارك فيها. ولاظهار مدي الحاجة للدور الاوروبي، فان هذه المنظمة توجه توصيتها الي الدول الاوروبية وتطلب: اعادة اتصالاتها مع المجالس المحلية والبلدية التي فازت حركة حماس برئاستها وان تجديد دعمها المالي لها وذلك علي اساس الاعتقاد ان حركة حماس سوف تنصاع للقرارات الجديدة التي ستشارك فيها. ومن ثم القرار باخراجها من قائمة المنظمات الارهابية ، واذا ما عادت ـ حماس ـ وجددت نشاطاتها الارهابية فيمكن اعادة قطع العلاقات.كما أن هذه المنظمة تقدم توصيتها للادارة الامريكية وتقول: ضرورة بلورة توجه وسياسة جديدة ازاء حركة حماس بحيث تكون ذات افق واسع وان تدرس بدورها جميع التوصيات التي صيغت ووجهت للاوروبيين.من الجيد دائما التفكير بمنطق وبثقافة وبعقل منفتح وتوسيع الافاق، ولكن في هذه الحالة، فان مصطلح الانفتاح يعتبر مرادفا لكلمة الانهزام لان العالم مطالب الان بأن يقرر ويعترف ويتعامل مع برلمان فريد من نوعه، ففي زاوية من زواياه تجلس حركة فتح والتي يشكل عدد لا بأس به من مسؤوليها رؤساء لجماعات مسلحة وبعضهم تم تصنيفهم كزعران مسلحين .. وفي الركن الاخر يجلس اعضاء حركة حماس الذين انتخبوا للمجلس التشريعي الذين سبق لهم ـ كلهم ـ ان اقسموا الايمان علي تدمير دولة اسرائيل لا يتخلون عن الارهاب ومرتبطين عقائديا وماليا مع طهران ودمشق.أذكر أنه حين تصاعدت وتيرة النقاش والجدل السياسي في اسرائيل في أعقاب التوقيع علي اتفاقيات اوسلو، فان المؤيدين لها كانوا يؤكدون بأن منظمة التحرير الفلسطينية وفي اللحظة التي ستوقع فيها علي هذه الاتفاقية لن تظل منظمة للتحرير، وانما ستتحول من منظمة مسلحة مقاتلة الي حركة عمل سياسي رسمي تسعي لاقامة دولة فلسطينية بطريق التفاوض والحوار، وانها ـ أي م.ت.ف ـ بدلا من أن تقيم دولتها علي انقاض دولة اسرائيل فانها ستعمل لاقامة الدولة الفلسطينية الي جانب دولة اسرائيل.. والان، فان نفس هذا الادعاء ـ الجدل ـ يعود ليطرح من جديد بالنسبة لحركة حماس حيث يقولون: ان حماس في السلطة لن تكون حماس التي نعرفها لان وجه وتوجه حماس الان هو للسلطة وليس للارهاب.للاسف، فان هذا التحليل والفهم المشرق والمتفائل قد تحقق علي صورة نسبية جزئية، وهو جزء له علاقة بالفشل الاسرائيلي الذريع في اتفاقيات اوسلو. ولكن، مع ذلك، يقال: ان منظمة التحرير الفلسطينية تعهدت والتزمت بان تعترف ـ علي الاقل ـ بوجود دولة اسرائيل والتوقف عن العمل المسلح وتغيير بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني.. وقد نفذت ذلك. ونعرف الان، ان هذه العملية (اتفاقيات اوسلو) جلبت لاسرائيل الكثير من المزايا الحسنة والخير الوفير، فهي الي جانب تحسن علاقاتها وسمعتها الدولية وتجديد علاقات سياسية لها مع عدد من دول العالم فانها استفادت ـ كذلك ـ علي الصعيد الاقتصادي بما في ذلك ضمن علاقاتها مع عدد من الدول العربية نفسها، كل ذلك جاء بعد التوقيع علي اتفاقيات اوسلو وليس قبلها. وبنظرة سريعة نري، أن حركة حماس لم تلتزم أو تتعهد بأي شيء حتي الان، الا ـ فقط ـ بالتوقف المؤقت عن العمليات المسلحة والمشاركة المباشرة في هذه العمليات (حيث ان مشاركتها غير المباشرة عن طريق دعم الجهاد الاسلامي في هذه العمليات لا زال مستمرا). ومع ذلك فان هذه الحركة حققت مكسبا لها من خلال هذا الموقف واستفادت منه جيدا.لا بد من الاقرار بوضوح، ان مشاركة حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تعتبر في حد ذاتها فشلا لاسرائيل. فحين زار ابو مازن واشنطن في شهر ايلول (سبتمبر) من العام الماضي استطاع اقناع الادارة الامريكية (الرئيس بوش ووزيرة خارجيته رايس) انه اذا لم تجر الانتخابات التشريعية في السلطة الفلسطينية فانه (ابو مازن) لا يستطيع الاستمرار في تولي هذه المسؤولية .. وتمكن من اقناع هذه الادارة بأن لا بد من السماح بمشاركة حركة حماس، لانها بعد أن تشارك في هذه الانتخابات وتصبح ممثلة في المجلس التشريعي فانه (ابو مازن) سيتمكن من تجريدها من السلاح لانها ستتحول الي حزب سياسي. وعلي الفور سافرت الوزيرة الاسرائيلية تسيبي لفني الي واشنطن وحاولت ان تصرخ هناك محتجة علي الموافقة الامريكية، لكن ذلك لم يفدها بشيء، لان الامريكيين كانوا قد أجمعوا علي ضرورة اجراء الانتخابات وانجاحها وكان قرارهم واضحا بهذا الخصوص. وبعد ذلك، وحين اخذت استطلاعات الرأي تشير الي تصاعد قوة حماس وامكانية حصولها علي عدد كبير من الاصوات، حينها شعر ابو مازن بذعر وحاول التطرق الي فكرة تأجيل هذه الانتخابات فان الادارة الامريكية ابلغته بان الوقت اصبح متأخرا وانه بذلك اصبح في وضع لاعب الشطرنج الذي وفقا لاتفاق اذا لمست.. حرك .غالبية الجمهور في اسرائيل يشعر حاليا باليأس من السلطة الفلسطينية، لان مشكلتهم الوحيدة الان هي خفض مستوي الارهاب. فمن ناحية حزب كديما الجديد، وهو الحزب الوحيد الممثل حاليا في الحكومة الاسرائيلية، فانها توجد مصلحة اضافية تفيده في الاستعداد للانتخابات البرلمانية.. لان وقوع موجة من العمليات الارهابية الجديدة عشية هذه الانتخابات فانها ولا شك ستجرف اصواتا كثيرة لصالح الاحزاب اليمينية المنافسة في هذه الانتخابات. وان هذه الحكومة، مثلها مثل جميع حكومات اسرائيل تتطلع الي هدوء تام ومتواصل، ولكن من مصلحتها الفعلية الحفاظ علي هذا الهدوء ـ علي الاقل ـ لغاية الثامن والعشرين من شهر اذار (مارس) المقبل (موعد الانتخابات للكنيست القادمة).كذلك الحال، فان التقليل والتراجع في مستويات الارهاب، ولو علي المدي القصير فقط، فانه يشكل هدفا بالغ الاهمية، والسؤال هو: ما هو الثمن الذي ستقدمه اسرائيل مقابل ذلك ولكن علي المدي البعيد؟ فيبدو أن أفعي مجلجلة قد اتخذت جحرا لها امام بيتنا، وان حقيقة الاعتقاد بأن هذه الافعي ليست جائعة اليوم، لا تفي بأنها ستظل غير جائعة الي أبد الآبدين!.ناحوم برنياعكاتب ومحلل إسرائيلي(يديعوت أحرونوت) 23/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية