استثمار الديمقراطية الفلسطينية لتحقيق انتصار الشعب
عبدالجواد صالحاستثمار الديمقراطية الفلسطينية لتحقيق انتصار الشعبكتب المفكر والكاتب الفلسطيني، ماجد كيالي، تحت عنوان عندما تستخدم إسرائيل الديمقراطية كذريعة للإحتلال ، جاء فيه، اللافت للانتباه ان النظام السياسي الإسرائيلي بتكويناته وتبايناته وتعقيداته وطريقة عمله، اضطلع بدور كبير في التسهيل علي إسرائيل التهرب من استحقاقات عملية التسوية، والتملص منها نهائيا.وبالتحديد فقد استغلت القوي الحاكمة في إسرائيل الطبيعة الديمقراطية لهذا النظام لتبرير هذه التهربات، يمكن تبين ذلك في المجالات التالية: حزب الليكود أو حزب العمل، ذهبت إلي الانتخابات المبكرة في المفاصل الحاسمة، بدعوي عدم قدرتها في ظروفها علي تمرير استحقاقات أوسلو. هكذا لجأ بنيامين نتانياهو إلي انتخابات مبكرة عام 1999 لتجنب تطبيق اتفاق واي ريفر الذي وقعه مع الفلسطينيين عام 1998. ومن بعده ذهب باراك زعيم حزب العمل أيضا إلي انتخابات مبكرة مطلع العام 2001، بعد حوالي عامين فقط في رئاسة الحكومة. ناور باراك في البداية إعادة موضعة قوات الاحتلال كما يقتضي استحقاق المرحلة الثالثة، وبعد ذلك أصر وأقنع الرئيس الأمريكي كلينتون بتأجيل دفع استحقاق هذه المرحلة ليكون جزءاً من التوصل لحل شامل نهائي كان من المفروض أن يتم في كامب دافيد 2000 التي عمل باراك بكل الطرق علي إفشاله. وبدعوي الديمقراطية تبني باراك ـ الذي كان قد وافق علي مضض علي اتفاق أوسلو بسبب معلمه رابين ـ الدعوة لانتخابات عامة مبكرة، سبقها دخول شارون للأقصي المبارك، وهو ما أشعل شرارة الانتفاضة الثانية ودفن العملية السياسية وتوج الأخير ملكاً لإسرائيل. كلا الرجلين نتنياهو وباراك تفاخرا فيما بعد بعدم التنازل للفلسطينيين.بعد ذلك استخدموا للتهرب من استحقاقات السلام كذبة غياب الشريك الفلسطيني، فعزلوا الرئيس الراحل الذي لم يكن علي الساحة الفلسطينية من يستطيع أن يوافق علي أوسلو غيره. ورغم انتخاب الشعب الفلسطيني في انتخابات حرة ونزيهة الرئيس ابو مازن ـ الذي يشهد له العالم، بما في ذلك بوش الابن، بأنه رجل السلام ـ والذي أعلن والتزم بأن المفاوضات، وحدها، هي الطريق لتحقيق الحقوق الفلسطينية وتمكن أن يقنع الآخرين من فصائل المقاومة بهدنة، لم يلتزم بها الجانب الإسرائيلي، فقد واصل الإسرائيليون رفض اعتبار أبو مازن كشريك.ألا تذكرون معي كيف دخل حزب العمل، بقيادة بيرس، حكم وحدة وطنية ، بقيادة شارون، لتبييض جرائم حربه ضد شعبنا؟ من لا يذكر منا كيف تم إقصاء عمرام ميتسناع عن رئاسة حزب العمل، مجرد ما أعلن استعداده للانسحاب من الأراضي المحتلة إن لم يجد شريكا فلسطينيا، فكانت فترة ولايته مجرد فترة الاستعداد لإقصائه؟ هل علينا أن ننسي آخر المستجدات في هذا المسلسل، فما أن نجح عمير بيرتس في انتخابات رئاسة حزب العمل الأخيرة، وأعلن موقفه في التركيز علي الشأن الاجتماعي وحل المشاكل التي اعتقد انها تهدد الكيان الصهيوني أكثر من الفلسطينيين، وعبر عن استعداده تفكيك المستعمرات والانسحاب من الأراضي الفلسطينية كيف تحركت الصهيونية، فقام شمعون بيريس وأنصاره بالانسحاب من حزب العمل وقام شارون بشق حزب الليكود، وتشكيل حزب كاديما أي للأمام، وهو نداء القائد العسكري اليهودي لجنوده في المعركة، للأمام، اتبعوني!!هذه الديمقراطية العنصرية التي قتلت رابين عندما شعر المطبخ الصهيوني بأنه اتخذ قراره بتنفيذ تسوية لصالح ضمان مستقبل كيان يهودي لا تشوبه أكثرية عربية. قراره كان ضد قرار التوسع والضم، وضد مشروع إسرائيل الكبري، لأنه الخبير في التطهير العرقي حيث أدرك ان ما تم تحقيقه في 1948 ـ 1949 علي يديه غير ممكن التنفيذ اليوم. هذه هي ديمقراطية الغاب، ديمقراطية ضمان التوسع الاستعماري الصهيوني!!اللاعب الفلسطيني كما يبدو لم يستثمر في الماضي ولا يستثمر اليوم الديمقراطية الفلسطينية كما استغل اللاعب الإسرائيلي الديمقراطية العنصرية. كيف يطالب البعض من حماس بالاعتراف بإسرائيل وهي ليست حتي اليوم فصيلا تابعا لمنظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بإسرائيل وأرضها ما زالت محتلة، وأدانت النضال الفلسطيني بالإرهاب وما زال الاحتلال يرتكب جرائم احتلاله للأرض الفلسطينية، واعتبرت ميثاقها كادوك بينما الصهيونية لم تعترف بحق مصير الشعب الفلسطيني.كان من المفترض علي اللاعب الفلسطيني، من منطلق ان نتيجة الانتخابات الأخيرة ربما تساهم في إنقاذ شعبه، لو يُحسن اللاعبون أدوارهم، من مرحلة استمر فيها الكيان الصهيوني ارتكاب جرائم الحرب من اغتيالات وتدمير بيوت وتصحير مزارع وشن حروب التجويع والحصار والإغلاقات ومئات الحواجز وهي رابضة علي صدورنا ولم تؤد استحقاقات اتفاقات مجحفة أساساً بحق الشعب الفلسطيني. كان يجب علي الرئيس الفلسطيني أن يعلن للعالم ان هذه الانتخابات ثمنا لإفشالي من قبل شارون وحكومته في تحقيق برنامج السلام الذي انتخبني الشعب من أجل تحقيقه. ولكن التعنت الصهيوني المدعوم أمريكيا، في رفض السلام وتغييب الشريك الفلسطيني، دفعت حركة فتح ثمنا له. عقابا لمن؟ للرئيس الفلسطيني، غير الشريك وغير الموجود علي المسرح، مع ان أبو مازن، بنفسه، نجح في عقد هدنة لم يلتزم بها شارون ولا خليفته أولمرت.كم حكومة إسرائيلية جاءت بعد حكومة رابين، جددت اعتراف إسرائيل الغامض والذي لا معني له في القانون الدولي، بالشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير. اتفاقية أوسلو، كانت احد اتفاقات خمسة عقدت في العالم ما بعد عام 1987، من بينها، بوسنيا هيرزيكوفينا، ايرلندا، جنوب افريقيا، كمبوديا، موزامبيق وناميبيا. جميع هذه الاتفاقات، اعتمدت الشرعية الدولية، بما يتعلق بحقوق الانسان، وعلي رأسها حق تقرير المصير، وحق عودة اللاجئين، والإفراج عن أسري الحرب، والحق في المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب، باستثناء أوسلو التي لم تعتمد الشرعية الدولية هذه.أي إسرائيل يريدون حماس الاعتراف بها؟ إسرائيل التي تحتل جميع فلسطين؟ أم إسرائيل من شرق أو غرب جدار الفصل والنهب والضم والطرد الجماعي؟ أم اسرائيل اليهودية من النهر حتي البحر؟ أما الفلسطينيون فلهم يباب الصحاري العربية.لوْمي علي السيد كوفي عنان، الذي يبدو علي الشعب الفلسطيني أن يعاني ليس فقط من جريمة الهولوكوست، بل عليه أيضا أن يدفع ثمن فساد ابنه المتورط في صفقات البترول العراقي من أجل الغذاءِِ!! اليس من العار علي حارس الشرعية الدولية أن يتجاهل من ان الدولة التي يطالب الناس الاعتراف بها، قد القت بعشرات قرارات مجلس الأمن، ومئات من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في مزابل التاريخ؟لماذا نضغط علي بعضنا البعض في الوقت الذي تُعطل فيه إسرائيل عملية التفاوض، واستراتيجيتها التي تُعلنها، بانها عازمة الرأي علي القيام بفرض حل منفرد، بقرار إسرائيلي منفرد، وإذا لم يعجب القيادة الفلسطينية فليذهبوا إلي البحر الميت ليشربوه!!لو كنا قاب قوسين أو أدني من حل كما وعدنا به الرئيس الراحل في آخر مجلس مركزي عقد في تونس علي ما أذكر، بان في نهاية المرحلة الانتقالية ستكون السلطة الفلسطينية تسيطر علي 90% من أرض الوطن، ونجحت حماس مثل هذا النجاح، وقد سيطرت السلطة علي هذه النسبة، لتصدينا لها، وطلبنا منها الوقوف جانبا. ولكن الوضع ليس هكذا. الوضع ليس هكذا فحسب بل اننا أمام حكومات صهيونية ليست علي استعداد أيديولوجي وسياسي أن تمنحنا كيانا ذاتيا متواصلا جغرافيا. انها تخطط علي الأرض وحتي في جوفها علي بناء حقائق علي الأرض ليس لتغيير نتيجة المفاوضات في المستقبل فحسب، بل تخطط بانتظار ظروف تمكنها من شن عملية تطهير عرقي، كما قال شارون عند انتخابه بعد انسحاب براك: اليوم بـــــدأت حرب 1948. هل من أحد يفسر لي معني ذلك، غير إعادة الكرّة بشأن التطهير العرقي؟ الدرس اليتيم المستفاد من استثمار الديمقراطية الفلسطينية هو أن يدعم الجميع حماس، بواسطة مطبخ فلسطيني يتخذ شكل مؤتمر دوري يقوم به مركز دراسات، في قيادة دفة السفينة من منطلق الشرعية الشعبية وبدون التنازل المجاني للصهيونية أمام مطالبها التي تم تقديمها مجانا منذ التسعينات ولكنها لم تُحقق ما كان مبشرو السياسة الأمريكية يعدون به في حالة ذلك التنازل المُسبق قبل الجلوس علي طاولة المفاوضات. دعم حماس هذا مشروط برفض أي صمت من جانب حكومة حماس تجاه ما يجري من فرض حقائق الضم والتوسع الصهيوني علي حساب المستقبل الفلسطيني. وعليها أن تعمل علي تنفيذ قرار المحكمة العليا الدولية، كأول إنجاز يجب ان تقوم به. ومن ثم فرض انطباق ميثاق جنيف علي الأراضي الفلسطينية كأمر طبيعي وذلك لمعالجة موضوع الأسري الفلسطينيين. والاهتمام في الوقت نفسه في عمليات التنمية الاقتصادية والبشرية لتشكل بيئة تمكينية للصمود لمجتمع يجري تمتين نسيجه الاجتماعي من خلال تنظيفه من الفساد وإطلاق حرية الصحافة والتعبير. إننا في حاجة إلي قيادة حركة تستطيع أن تدير دفة السفينة في هذا البحر العاصف، لوحدها إن تعذر وجود طاقم من كل القوي، مع الدعم المطلق حتي تأتي لحظة خطر تتفق فيها الأطراف، في إطار ذلك المطبخ، إكمال اللعبة بشكل أو بآخر من شأنه أن يخفف المعاناة علي الشعب ويقربه من نيل حقوقه الضائعة بين عدو يريد لنا التطهير العرقي ورفاق خندق يعتقدون انهم يلعبون في ملعب مستقل لديهم فرصة اللعب ضد بعضهم البعض.9