ازدواجية المعايير في حرية التعبير!
ازدواجية المعايير في حرية التعبير! لقد ظهرت ازدواجية المعايير والتي يتعامل بها الغرب مع العالم الاسلامي جلية واضحة، فقد جاءت ازمة الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها صحيفة جيلاندز بوستن الدنماركية، والساخرة من شخص الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، واخذت تتفاعل في العالم وخصوصا في العالم الاسلامي لتبرهن علي هذه المعايير المزدوجة. فعلي الرغم من خروج الجماهير المسلمة للشوارع تعبيرا عن الغضب العارم الذي سببه نشر هذه الرسوم الساخرة. وعلي الرغم من الاحتجاجات الواسعة التي صاحبت نشر هذه الرسوم السخيفة، اعيد نشر هذه الرسوم في جل الصحافة الغربية، كتعبير منهم علي التضامن في حقدهم علي الاسلام ضاربين عرض الحائط بمشاعر اكثر من مليار مسلم في تحد صارخ واستهزاء سخيف.اما موقف الحكومات الغربية فقد كان اكثر تحديا، وظهر الارتباك واضحا علي هذه المواقف، خصوصا التي تبنت سياسة صارمة ضد المسلمين، فقد اعلن رئيس وزراء الدنمارك بان ما قامت به هذه الصحيفة هو من قبيل حرية التعبير، كما رفض مقابلة ممثلين عن الجالية الاسلامية وممثلي البعثات الدبلوماسية عن الدول الاسلامية آنذاك، في تعنت واضح وتحد صريح. وجاء اكثر المواقف تطرفا من روما، عندما دعا وزير الاصلاحات الدستورية والعضو بحزب رابطة الشمال روبرتو كالديرولي الي استخدام القوة ضد المسلمين. كما دعا البابا للتدخل بحملة صليبية جديدة علي غرار اسلافه في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقال متحديا بأنه سيقوم بتوزيع قمصان بالمجان مطبوع عليها الرسوم الساخرة.وعلي الرغم من ادانة الرئيس الفرنسي جاك شيراك للاستفزازات الواضحة التي يتسبب بها نشر هذه الرسوم والتي تؤجج المشاعر بشكل خطير نشرت مجلة تشارلي ايبدو الفرنسية الرسوم المسيئة. وكانت محكمة فرنسية رفضت مصادرة اعداد المجلة التي حاولت منظمات اسلامية منعها من اعادة نشر هذه الرسوم. الا ان تصريح وزير خارجيته أخذ بعدا آخر، عندما اعلن عن حماية السامية والتشديد علي ذلك فاقحامه ذكر السامية في هذا الوقت وعند هذه الاحداث، له دلالاته فكأنه اراد ان يبعث برسالة مشفرة فحواها ان لا بأس بالهجوم علي الاسلام ورموزه، طالما تبقي السامية في منأي عن كل نقد. ويعد اصدار احد المحاكم النمساوية الحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات علي المؤرخ البريطاني، ديفيد ايرفنغ، لانكاره محرقة الهولوكوست التي راح ضحيتها ملايين من اليهود، رغم تراجعه عن انكار المحرقة، دليلا واضحا علي ازدواجية المعايير هذه في حرية التعبير. وكان ايرفنغ المؤرخ قد انكر في تعليقات اطلقها في النمسا عام 1989 قتل النازيين ملايين اليهود في معسكر اوشفيتز جنوب بولندا. كما انه قضت محكمة بريطانية بتوقيف عمدة لندن كين ليفنغستون عن العمل لمدة اربعة اسابيع بسبب تشبيهه صحافيا يهوديا بحارس معسكر اعتقال نازي خلال الحرب العالمية الثانية.وقال في مؤتمر صحافي في لندن ان عدم رضاء مجلس المفوضين اليهود في بريطانيا عن مواقفه حيال النزاع في الشرق الاوسط وانتقاده للتصرفات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين دفعه (مجلس المفوضية) لاستغلال قضية الصحافي اليهودي لمعاقبته.جمال الكاتبرسالة علي البريد الالكتروني6