ارهاب الاحتلال يغتال العقول العراقية

حجم الخط
0

ارهاب الاحتلال يغتال العقول العراقية

هيفاء زنكنةارهاب الاحتلال يغتال العقول العراقيةاغتال مسلحون مجهولون صباح يوم الاثنين 23 كانون الثاني (يناير)، الطبيب البيطري الدكتور اثير هشام عبد الحميد في منطقة السيدية، بينما نجا الدكتور هلال البياتي، رئيس الهيئة العراقية للحاسبات، من محاولة اغتيال علي الطريق الرئيس بين منطقة السيدية وحي البياع، في بغداد. وهذه ليست المرة الأولي التي يتم فيها اغتيال طبيب أو اكاديمي او عالم في العراق المحتل. واقول وقلبي مثقل بالهم والكمد بأنها لن تكون الاخيرة. فعراقنا مهدد من كل الجهات وعلي كل المستويات والطلقات المصوبة عليه باحكام تستهدف، اولا، العقول المستنيرة.ان عملية تصفية الاكاديميين العراقيين، الهادفة الي انهاء الجو الاكاديمي واستنزاف العقول الفاعلة وترويع الناس وقتل المبادرات، مستمرة بلا انقطاع. فلا يكاد يمر اسبوع، منذ احتلال العراق وحتي الآن، بدون ان نقرأ خبر اغتيال او محاولة اغتيال أحد الاساتذة او العلماء او الاخصائيين، حتي تجاوزت فضيحة الاغتيالات حدود الاختصاص الواحد او الصدفة. وخلافا لتصريحات مسؤولي الاحتلال من عراقيين وقوات اجنبية فان اغتيال الاكاديميين عمل منظم يستهدف اشخاصا معينين دون غيرهم، ووفق تخطيط مرسوم، لاعلاقة له بحوادث الاختطاف المستهدفة لبقية ابناء الشعب طلبا للفدية. أي ان منفذي عمليات الاعدام الفوري للعلماء والاساتذة والاخصائيين هم ليسوا من رجال العصابات العادية وقطاع الطرق والمافيات المنتشرة حاليا. اذ تدل آلية تنفيذ الاغتيالات، المباشرة والفورية، بانها عمليات لاتهدف الي الاختطاف طلبا للمال لتحرير الرهائن بل الي ما هو اعمق وأهم، أي تحطيم البنية الفكرية للمجتمع العراقي. وللاطلاع علي نموذج لكيفية تنفيذ جريمة الاغتيال، ومعظمها متشابه في تفاصيله، باستثناء حالات الاعدام الفوري من قبل قوات الاحتلال، علينا ان نقرأ تصريح أحد الذين تواجدوا في موقع الجريمة يوم 23 يناير، اثر ارتكابها. قال الرائد علي صالح من شرطة بغداد، في تصريح صحافي، ان مسلحين اطلقوا النار علي الدكتور اثير هشام اثناء خروجه من منزله في السيدية قاصدا مكتبه في منطقة السنك، وسط بغداد، واردوه قتيلا في الحال . واضاف ان سيارتين تحملان مسلحين اعترضتا السيارة التي يستقلها الدكتور هلال البياتي، وتم اطلاق وابل من الرصاص علي سيارة البياتي، من الجهتين اليمني واليسري، مما اسفر عن اصابة اثنين من مرافقيه، ونجاته من هذه المحاولة التي تأتي ضمن استهداف الشخصيات العلمية في البلاد. وضمن التصنيف ذاته يمكن ادراج حوادث اغتيال اساتذة آخرين. حيث كان مصدر في الجامعة المستنصرية قد صرح في 5 اب (اغسطس) ان مجهولين امطروا الدكتور زكي باكر سجر العاني، المدرس في كلية الاداب، والدكتور هاشم عبد الامير، المدرس في كلية التربية، بوابل من نيران اسلحتهم خلال خروجهما من بوابة الجامعة مما ادي الي مصرعهما. كما اختطف مجهولون الدكتور سمير يلدا، معاون عميد كلية الادارة والاقتصاد في الجامعة، من امام بوابة الجامعة من دون معرفة اسباب الاختطاف ولا دوافع الخاطفين وقد وجدت جثته ملقاة في احد الشوارع، يوم 3 اب (اغسطس). تمثل هذه الاغتيالات النموذج الاول . اما الثاني فهو الاعدام الفوري من قبل قوات الاحتلال وبشكل مباشر وصريح كما في حالة المعماري المعروف بسام البير الذي قام جنود امريكيون باطلاق النار عليه، في منتصف النهار، وهو يقود سيارته علي مقربة من ملعب الشعب، في بغداد، وهو في طريقه لاداء بعض احتياجاته ، في شهر تموز (يوليو) الماضي. وكما هو معروف فان الجهات المسؤولة عن جرائم القتل المتعمد في كلا النوعين ما تزال حرة طليقة، وعلي استعداد لتنفيذ المزيد من الجرائم، خاصة وهي تشعر بالامان لأن جرائمها تمر مرور الكرام بلا حساب ولاعقاب . لايتم التحقيق فيها من قبل حكومة الاحتلال بل يتم تسجيلها ضد مجهولين . اما الاغتيالات من النوع الثاني، اي المرتكبة من قبل قوات الاحتلال مباشرة وفي وضح النهار، وبحضور شهود، فلا يمكن التحقيق فيها من قبل القضاء العراقي اطلاقا، لسبب بسيط وهو ان قوات الاحتلال، علي اختلاف جنسياتها، تتمتع بالحصانة القانونية ولايمكن محاسبتها من قبل القانون والقضاء العراقي مهما ارتكبت من جرائم ومجازر بحق اهلنا. وقد شنت، أخيرا، في بروكسل حملة عراقية عالمية تدعو الي تحطيم حاجز الصمت المحيط بتصفية الاكاديميين، والي تحميل مرتكبيها والمتواطئين معهم مسؤولية الجرائم. تم تنظيم الحملة من قبل محكمة بروكسل الناشطة، منذ ثلاثة اعوام تقريبا، في مجال توثيق جرائم الحرب والاحتلال ضد الشعب العراقي . وقد جاء في المبادرة : ” ان عمليات تصفية الاكاديميين العراقيين التي تجري بصورة منظمة هي جانب من جوانب المأساة التي حلت بالعراق منذ الاحتلال. اذ تم، استنادا الي اكثر المصادر تحفظا، اغتيال مايزيد علي 250 اكاديمياً. كما ان هناك المئات من المفقودين وآلاف الهاربين الي خارج العراق حفاظا علي حياتهم. يدل هذا الوضع المأساوي علي ان العراق لا يمر بعملية منظمة لافراغه من العقول واصحاب الكفاءات فحسب وانما يدل، كذلك، علي ان الطبقة المتوسطة المتعلمة المدنية التي ترفض التعاون مع الاحتلال تتعرض لعملية تصفية كاملة، مما سيؤدي بالضرورة الي تهديد مستقبل العراق. ان حملة الاغتيالات هذه تستهدف الجميع نساء ورجالا، وليس طائفة او حزبا بعينه، وفي كل انحاء العراق. وهي لا تستهدف اختصاصات علمية اكاديمية محددة بل تستهدف كذلك اساتذة الجغرافيا والتاريخ والادب بالاضافة الي العلوم. وعلي الرغم من كل هذه الاغتيالات، لم يتم اعتقال اي فرد له علاقة بها. ووفقا لتقرير هيئة الامم المتحدة فان 84 بالمئة من مؤسسات التعليم العالي العراقية قد تم حرقها ونهبها او تدميرها بعد الاحتلال مباشرة، علما بان نظام التعليم العراقي كان واحدا من بين اكثر الانظمة تقدما في المنطقة، وان الثروة البشرية المتعلمة هي واحدة من اهم ثروات العراق. ان وضع الاكاديميين هذا هو مرآة تعكس وضع الاحتلال بمجمله: كارثة انسانية ذات ابعاد مذهلة تجري في ظل جو من عدم الاكتراث المجرم من قبل الاحتلال. ان الولايات المتحدة، كقوة احتلال ووفقا للقوانين الانسانية العالمية، مسؤولة عن حماية المدنيين العراقيين ومن ضمنهم الاكاديميين والمثقفين . وقد دعا الموقعون علي المبادرة، الذين قارب عددهم ثلاثة آلاف شخصية عالمية من الاكاديميين والقانونيين والمثقفين بالاضافة الي العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان، كل المنظمات العاملة في مجال تطبيق القانون الانساني العالمي الي وضع جرائم الاغتيال علي برامج عملها. كما طالبوا باجراء تحقيق عالمي مستقل فورا في عمليات القتل المتواصلة، علي ان يشمل التحقيق قضية تحديد المسؤولية، بشكل واضح وصريح، وبالتالي محاسبة من تثبت ادانته. وقد قام وفد من المحكمة بتقديم النداء الي المقرر الخاص عن جرائم الاغتيالات في اللجنة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة في جنيف. كما اصدروا دعوة للعمل، في الامكان الاطلاع عليها في موقع: http://www.bruelstribunal.org/Academics.htm وتهدف الدعوة الي تفعيل مشاركة كل انسان مؤمن بحق العراقيين، بضمنهم الاكاديميين المعرضين لحملة الاغتيالات المنظمة، في العيش في وطن مستقل، حر من هيمنة الاستعمارالأنجلو ـ أمريكي، وتتحقق فيه العدالة. ان الحل الوحيد الذي سيوفر لنا الاستقلال والحرية والعدالة وصيانة ثرواتنا البشرية ووضع حد لارهاب الاحتلال هو اخراج قوات الاحتلال الأنجلو ـ أمريكية من بلدنا وباسرع وقت ممكن. فما دامت قوات الاحتلال باقية علي اراضينا وهي تتمتع بالحصانة القانونية التي توفر لها الحماية الكاملة عند ارتكابها الانتهاكات والجرائم وبضمنها جرائم قتل ابنائنا، ستبقي هي صاحبة القرار الحقيقي في بلادنا وهي الآمرة الناهية مهما ادعي سياسيو الاحتلال غير ذلك . وسيبقي الحديث عن بقاء القوات في بلادنا بناء علي طلبنا من اجل الديمقراطية وحماية حقوق الانسان محض هراء. 9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية