اختطاف الدبلوماسي المصري في غزة

حجم الخط
0

اختطاف الدبلوماسي المصري في غزة

اختطاف الدبلوماسي المصري في غزةيمكن النظر الي حادث اختطاف الدبلوماسي المصري حسام الموصلي في غزة كأحد اسوأ تداعيات الانهيار الامني من حيث مدلولاته البعيدة. فمن نافل القول ان وضعية الفلتان الامني تتقاطع مع اعتبارات سياسية وامنية عدة. واذا وضعنا جانبا احتمالات ان يكون الحادث مجرد ممارسة قصيرة النظر من عناصر لا تعرف ماذا تفعل، فان هناك احتمالا قائما بان تكون الواقعة ذات صلة بترتيبات الدخول والخروج الي قطاع غزة عبر معبر رفح.ونحن هنا اذ نشجب مثل هذه الحوادث الا اننا مضطرون للتعليل، او للتفسير. فقد يمكن ان يكون الخاطفون من الشرائح الاجتماعية والسياسية، او من القطاعات النضالية التي تأذت من اتفاق المعبر وهو في معظمه اتفاق مصري ـ اسرائيلي، حيث لا يخفي علي احد، ان الاتفاق لم يبرم مع الجانب الفلسطيني، وبما ان الترتيبات التي وضعت علي المعبر كانت بين اطراف ثلاثة هم الاوروبيون والاسرائيليون والمصريون، وللأسف تم التوافق بين هذه الاطراف الثلاثة علي الالتزام بقاعدة معلومات الحاسوب الاسرائيلي بكل حيثياتها.فالممنوعون من السفر في عهد الاحتلال ظلوا كذلك علي النحو الذي لا افق له، وبشكل نهائي، وكأن الامر قد حسم علي ان يظلوا ممنوعين من السفر، والممنوعون من الدخول، حتي وان كانوا قد منعوا باجراءات واوامر احتلالية قهرية بالغة الظلم ادانتها مصر والدول العربية والعالم، فان هؤلاء ظلوا ممنوعين بموجب اتفاق المعبر. والممنوعون من الخروج لان الاحتلال لم يمنحهم بطاقات هوية اثناء الاحتلال ظلوا ممنوعين بحيث ان غادروا لا يستطيعون العودة. وافراد هذه الشرائح كلها لها قواعدها في المجتمع المسلح، ربما ارادت ان تبلغ رسالة بان هناك ظلما وقع عليها، والسبب هو الضلوع الامني المصري في العملية كلها، ومع ذلك نظل علي يقين بان الشباب الذين اختطفوا الدبلوماسي المصري الشقيق لن يتعسفوا معه او يسيئوا معاملته، وذلك في حال ان يكون هذا الافتراض حول الدوافع صحيحا.بقي القول ان طريقة تعاطي السلطة مع مثل هذه الاحداث وغيرها تثير السخرية والاستغراب فالرئيس محمود عباس يشجب حادث الاختطاف في حين ان الشجب ليس هو وسيلة التعبير المطلوبة من اعلي مسؤول فلسطيني في السلطة وهو الرجل الذي تأتمر بأمره الاجهزة الامنية. ان المسألة تحتاج الي الشجب من قبل الاخرين خارج غزة. اما في غزة فان التعبير الصحيح هو تحمل المسؤولية عن كل هذه التداعيات وهو المفترض والمطلوب سماعه من رأس السلطة الفلسطينية. ونأمل ان تنتهي هذه الحادثة بسلام حتي وان كان الغرض منها ابلاغ الرسالة السياسية حول مظالم المعبر والاتفاق حوله، بحيث لا يصبح الدبلوماسي المصري ضحية لسياسات طائفية.ان هذه الفاتحة تفتح الباب من جديد للحديث بجدية عن اشكالية الفلتان الامني وتذكير الفلسطينيين ان العالم كله من حولهم يراقب اداءهم، وكل يوم يمر دون استقرار الوضع الامني الفلسطيني يخصم من رصيدهم السياسي ويضر بالقضية الفلسطينية، وكان المفترض ان تكون الاجهزة الامنية والرئيس عباس هم اول من يتحسس مخاطر الفلتان الامني فيبادروا الي تكثيف جهودهم من اجل استقرار الاوضاع بدل استنفاد الوقت والجهد في حديث جانبي حول من يأخذ ماذا من كعكة السلطة.9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية