أسرة التحرير
الخميس، أبلغت الشرطة مدير مسرح “السرايا” في يافا، محمود أبو عريشة، بأنها تمنع بث الفيلم الوثائقي “اللد”، الذي خطط لذاك المساء. وبينت أن البث ملغى لأنه لم يلقَ إذناً، بل واستدعت مدير المسرح إلى محطة الشرطة، وأوضحت له بأن عليه من الآن فصاعداً أخذ إذن منها على كل فيلم يبث في المسرح.
مثلما حصل قبل أسبوعين، حين أغلقت الشرطة بأمر منها فرع الجبهة الديمقراطية “حداش” في حيفا لأنه كان سيبث الفيلم الوثائقي لمحمد بكري عن أعمال الجيش الإسرائيلي في جنين، فهذه المرة أيضاً عملت الشرطة بسرعة ووقفت وقفة استعداد بسبب ناشط اليمين شاي غليك، الذي يعنى منذ سنين بالنبش والاستهداف وملاحقة النشاطات الثقافية التي يرى أنها تنم عن رائحة يسارية. الطقوس ثابتة: الواشي يرسل كتب تحذير يزعم فيها بأن الفيلم موضع الحديث مليء بالأكاذيب ويمس بدولة إسرائيل (دون أن يشاهده)، وسياسيون من اليمين يرتبطون به ويعطونه ريح إسناد، ووسائل إعلام تغطي النبأ ليبدأ التسونامي.
انضم إلى غليك هذه المرة وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهر، الذي توجه إلى شرطة إسرائيل وطلب منها منع بث الفيلم، بالذريعة البائسة: يتسبب باضطرابات. أما الشرطة التي تجتهد لإرضاء الوزير المسؤول عنها، بن غفير، فتهرع نحو كل موضوع كهذا وكأنه حدث أمني. في حالة “اللد”، فإن “الخطر” الجسيم والفوري ليس سوى فيلم يتجرأ على طرح الرواية الفلسطينية عن المدينة وتاريخها. أحد منتجيه هو رامي يونس، عربي ولد في اللد. ما يجعل الفيلم تهديداً بقوى عالية، أن رودجر ووترز، هو أحد منتجيه، الذي استهدف على أنه مقتلع إسرائيل، منذ زمن بعيد.
لكن أفلاماً إسرائيلية كثيرة تبث كل سنة بسنة في السينما دون أن تتلقى إذناً من مجلس رقابة الأفلام؛ هذا الأمر صحيح أكثر حين يدور الحديث عن بث منفرد وليس تجارياً. الفيلمان الوحيدان اللذان استفزا الشرطة كانا وثائقيين لمنتجين عرب، يطرحان رواية فلسطينية. هكذا تبدو الملاحقة السياسية.
في كل مرة تلاحق فيها الشرطة، سياسياً، أبرياء فإنها تخطئ مرتين: تلاحق من لا ينبغي ملاحقتهـ وتسمح للمجرمين الحقيقيين بارتكاب جرائمهم دون عراقيل. على شرطة إسرائيل أن تعود لتؤدي مهمتها، وألا تشكل كلب هجوم سياسي لبن غفير ورفاقه في اليمين المتطرف، وأن تسمح ببث “اللد”.
هآرتس 14/10/2024