أول الأمة مشروع فهم وليس مشروع إصلاح

حجم الخط
0

اذا كف الماضي على أن يكون قيما على الحاضر، فنحن نمر في طور الإصلاح، لا يصلح آخر هذه الأمة الا بما صلح أولها، قول لا يمكن التأكد منه بل ليس صحيحا، تثبيت الماضي بشروطه القائمة حينئذ على الحاضر المتغير. مثل هذه الأقوال المنتشرة والمتداولة دينيا وإجتماعيا تشطح بفكر الانسان الى أبعد نقطة من الاختزال وعدم اشغال الفكر والتوقف عند الماضي كنموذج في معاكسة واضحة للفكر السليم وللمنطق القويم.
كيف يصلح الماضي الحاضر؟ يتم ذلك حينما يتوقف الماضي أن يكون نموذجا للتكرار ويتحول الى مشروعا للفهم فقط. فلذلك يمكن استعادة المقوله كالتالي لن يصلح اول الامة الا حين يصلح آخرها بمعنى انه لن يكون مشروعا للفهم الا اذا تخلص آخر الأمة منه كقيد وكمشروع استعادة جاثم على الاذهان.
مشروع استعادة الماضي هو الاساس مشروع استبدادي بدرجة كبيرة، بل أنه أبو الاستبداد الديني والسياسي الذي تعايشه الأمة. لم نفهم العصر الاول بل إكتفينا بترديد مقولاته واختزلناه الى إفيهات’ بلغة التمثيل تردد وتدخل في الادمغة دون وعي ولا إدراك، يعززها من يعتلي المنابر دون يقظة حقيقية بتبدل الحال والزمن. اذا أول الامة صالح فإصلاحه ذاتي ولا يمكن تمرير ذلك الاصلاح الا بشروط الزمن المتغير، فبذلك قد لا يكون ذلك الاصلاح في تلك المرحلة هو نفسه ما يتوجبه الزمن وشروطه في مرحلة أخرى، فهو حالة من الاصلاح وليس مشروعا للإصلاح أبعد من زمنه وشروطه.
أن يتحول أول هذه الأمه الى مشروع للفهم لا يمكن إعادته، ولكن يمكن استيعابه هو الحل الوحيد والممكن، الوعي الايماني بذلك يجب أن ينتقل من إستحالة إعادة الماضي والتركيز عليه دعويا وخطابيا إلى الدعوة الى فهمه ودراسة شروطه المعرفية وكسر نمطية الاقوال المبسترة التي تعبر الزمن والجغرافيا والعصور دون ادراك لخطورتها وما تركزه من أفكار طوبائية تعيش الامة في تصورها وتخيلها دون قدرتها على تحقيقها، فتبدو الأمة وكأنها حالمة في وقت اليقظة، بل ويطول بها الحلم، ولكن دون ان تستلذ بحلو منام.
عبدالعزيز الخاطر
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية