أخوان الأردن يكشفون عن أنيابهم السياسية ويثيرون قلق السلطة والليبراليين لكنهم يطرحون رسائل تطمين

حجم الخط
0

أخوان الأردن يكشفون عن أنيابهم السياسية ويثيرون قلق السلطة والليبراليين لكنهم يطرحون رسائل تطمين

برقية تهنئة من الذنيبات بمناسبة عيد ميلاد الملك.. و حماس تستأثر بالنخبة الإسلامية.. ووفد دمشق سيهنيء مشعل بدلا من إنتقاده:أخوان الأردن يكشفون عن أنيابهم السياسية ويثيرون قلق السلطة والليبراليين لكنهم يطرحون رسائل تطمين عمان ـ القدس العربي ـ من بسام البدارين: تفاعل الإعلام الرسمي الأردني مع ما حصل مؤخرا في فلسطين وكأنه عرس عند الجيران يؤكد مجددا ان الحاجة ليست ملحة فقط لإعادة الهيكلة التي يتحدث عنها رئيس الوزراء معروف البخيت ولكن لبناء تصور جديد تماما لفكرة الإعلام الرسمي بعد ان فشلت الحكومات المتعاقبة في ترجمة سعي القصر الملكي لتأسيس إعلام دولة وليس إعلام حكومة. وهذا التفاعل السلبي بطبيعة الحال يتجاهل الحقائق تماما فتطورات الموقف غربي نهر الأردن كانت كبيرة ومهمة وإستثنائية، والمسألة بالنسبة للإعلام المحلي لم تتجاوز التعامل مع الحدث إخباريا في الصحف وفي التلفزيون والسماح لبعض التعليقات بالبروز دون ان تتطرق ماكينات الإعلام الوطني للسؤال الذي يطوف الآن في عقل كل السياسيين الأردنيين وهو.. كيف خسرنا حماس؟ وماذا كسبنا من إغلاق الباب المستمر في وجهها؟ وهذا السؤال يبدو حرجا في هذه المرحلة لإن إجاباته متعلقة بإعتبارات تنطوي علي حساسية من طراز خاص، فالإجابة علي سؤال خسارة حماس طوال خمس سنين تتضمن التطرق لعدة ملفات مسكوت عنها او لايفضل التحدث بها من بينها هيمنة الأمني سابقا علي السياسي في الإدارة الدبلوماسية ومن بينها غياب مطبخ سياسي داخل الحكومات. وسؤال حماس في عمان لم يعد إعلاميا فقط بل سياسيا وإسلاميا ودبلوماسيا بإمتياز فقد حرك رئيس كتلة النواب الإسلاميين في البرلمان عزام الهنيدي كل الركود في كل البركة الداخلية عندما فاجأ الجميع يتصريح غريب تحدث فيه عن إستعداد الحركة الإسلامية لإستلام السلطة التنفيذية منتقدا الحكومة لإنها تحجب تعليقاتها بخصوص فوز حماس الأخير. ومن الثابت ان الهنيدي لم يكن يدلي بتصريحات من هذا الطراز لولا إرتفاع منسوب المعنويات الذي اصاب جماعة الأخوان المسلمين بعد فوز حماس، فشهية حماس للسلطة فتحت فيما يبدو شهية الهنيدي ورفاقه لممارسة السلطة إذا تسني لهم ديمقراطية مماثلة للديمقراطية الفلسطينية. وإستغل الهنيدي في الواقع الموقف لكي يشتم قانون الإنتخاب الذي إستهدف دوما تحجيم التيار الأخواني و ويبلغ الأخير ضمنيا الحكومة الأردنية بان المواجهة علي اساس مستجدات مشهد حماس بدأت وبأعلي صوت ممكن، فالتيار المؤيد لحماس بالجبهة والمتحكم بقرار الأخوان سرب الحقنة المشار إليها عبر الهنيدي المعروف بهدوئه البالغ. لكن الهنيدي لم يكن وحيدا في فورة الحماس التي إجتاحات قيادات الأخوان المسلمين في الأردن بعد التطورات علي الساحة الفلسطينية، فالرجل الثاني في حزب جبهة العمل الإسلامي جميل أبو بكر الذي يعتبر من أهم الشخصيات الأخوانية مطمئنا خصوم الحركة الذين أقلقهم كلام الهنيدي عن إستلام السلطة التنفيذية بان الحركة الإسلامية تعتبر أولويتها ترسيخ النهج الديمقراطي في هذه المرحلة. وطرح أبو بكر إستراتيجية المشاركة السياسية بين كل القوي الفاعلة في إدارة شؤون الوطن إيمانا كما قال علي الموقع الإلكتروني للجبهة بضرورة تكريس التعددية وإنهاء نهج الإقصاء والتفرد. ولكي يواصل سياسة التطمين أوضح أبو بكر ان الأهم من إستلام سلطة التنفيذ كما يقول الهنيدي هو إرساء قواعد الديمقراطية في تشكيل مؤسسات السلطة الثلاث مما يفضي إلي تداول سلمي للسلطة وتشكيل حكومات برلمانية تتولي المسؤولية وهي أفكار سبق ان وردت علي لسان الملك عبد الله الثاني في عدة مناسبات في الماضي. والكلام عن تداول سلطة وحكومات برلمانية والمشاركة في إدارة شؤون الوطن.. كلام جديد في المفردة الأخوانية في الأردن، ومن الواضح ان هذه العبارات لم تكن لتدخل القامومس الأخواني السياسي في الأردن لولا فوز حركة حماس الأخير لكن هذه العبارات التي تنطوي علي كشف للأنياب السياسية من قبل الأخوان تفجرت في حضن الحكومة الأردنية في توقيت سييء وأثارت موجة من القلق في صفوف فئتين في المجتمع هم النخبة الرسمية والنخبة الليبرالية المخاصمة بطبيعتها للتيار الإسلامي. ومن اللافت ان قيادة الأخوان المسلمين متنبهة تماما لذلك وتسعي لطمأنة دوائر الحكم أيضا عبر إشارات توضح ان الحركة الإسلامية ليست بصدد إنقلاب سياسي او تفكيك لتحالفها التاريخي مع النظام وإنما بصدد إستغلال سياسي شرعي وسريع للموقف وأول وأبرز إشارة هنا هي رسالة التهنئة التي أرسلها للملك عبد الله الثاني مراقب الأخوان الشيخ عبد المجيد الذنيبات بمناسبة عيد ميلاده . وهذه الرسالة نشرت في صحف عمان علي الصفحة الأولي وكانت لافتة لإن الإسلاميين لا يقدمون مبادرات مماثلة بالعادة ويعلنون عنها خلافا لإن خطباء الأخوان في المساجد يعتبرون دوما أعياد الميلاد من البدع لكن عيد ميلاد الملك في الأردن يتخذ طابع المناسبة الوطنية التي قرر الذنيبات لأغراض لا يمكن ان تكون إلا سياسية المشاركة بها. وتكتيك الأخوان في الكشف عن الطموح السياسي وسط فورة الحماس الأخيرة مع رسائل تطمين هنا وهناك كان النتيجة الأسرع كإستحقاق داخل الساحة الأردنية لملف حماس الفلسطيني، فقد تأكد الجناح الأخواني المؤمن بضرورة نزول حركة حماس عن أكتاف الحركة الإسلامية الأردنية الوطنية بأنه ينبغي له ان يغير ويبدل في قناعاته البراغماتية، فالمنطق السياسي وحده الآن يقول بان حماس بعد إنتصارها الكاسح والساحق في فلسطين مؤخرا وبعد ان شغلت العالم إبتداء من البيت الأبيض إنتهاء بالإتحاد الأوروبي مرورا بمنتدي دافوس في موقع يؤهلها لإن تطالب أخوان الأردن وغيرهم من الإسلاميين في المنطقة بالنزول عن أكتافها. وتبديل القناعات داخل الأخوان بدأ فعلا، فالوفد الأخواني الذي تقرر إرساله لدمشق لكي يطالب خالد مشعل بعدم التدخل في الشأن الأخواني الأردني تحول من وفد سيشكو حركة حماس لزعيمها إلي وفد سيهنيء الحركة بإسم الأخوان الأردنيين. وعمليا لم تبق حماس للتيارات السياسية الإسلامية التي تفرق بينها وبين حاضنتها الأم جماعة الأخوان أي ذريعة للإنسلاخ لا بحجة الأردنة ولا بحجة تشتيت الأضواء الأمريكية والأوروربية، فالأمريكيون وغيرهم في العالم الآن يسلطون كواشفهم بكل طاقتها صوب حماس مباشرة وسيضطرون للتعامل معها مباشرة إذا ما وجدت طريقها ما بين الشعار والسياسة وهي مؤهلة لذلك بكل تأكيد. ومعني ذلك ببساطة ان أخوان الأردن او الجناح المعترض علي حمل حماس فيهم لا يستطيعون الإدعاء بان الإرتباط بحماس مكلف سواء مع السلطة في الأردن او مع العالم لإن حماس نفسها في مواجهة أضواء العالم الآن بعد الزلزال الإنتخابي الأخير ولإن الأخوان في عمان قد يكونوا بحاجة لحماس في إنتخابات الأردن المقبلة.وبإختصار شديد يمكن القول بضمير مرتاح ان حماس الآن في موقع قيادي بالنسبة لخارطة التيارات الإسلامية السياسية وهو موقع يجعل الأخرين بحاجتها ولا يجعلها بحاجة لأكثر من تحييد أكبر عدد ممكن من الأعداء والخصوم والمتربصين والأصدقاء الضارين كذلك.لكن الأهم ان لفوز حماس الكاسح بالتأكيد تأثيرات وإستحقاقات مباشرة علي الساحة الأردنية سواء وافقت حماس ام لم توافق، فشعار الأردنة داخل الحركة الأخوانية سيفقد الكثير من فرص الصمود بعد إنتصارات حماس في التشريعي الفلسطيني لصالح شعار إسلامي مضاد يكرس الوحدة الوطنية غربي وشرقي النهر ويسند وقائع التوحد الجغرافية والتاريخية والواقعية والتيار المناصر لحماس او المؤيد لعلاقة جيدة دوما بها سيعزز مواقعه بالضرورة. وفي الفقة التحليلي للمشهد لابد من القول بان وضع الأخوان في الأردن بعد فوز حماس معنويا ولوجستيا أفضل من وضعهم قبلها وسينتقل الوضع إلي مستوي التألق فعلا لو تمكنت حماس من دفع العالم لقبولها خلال عام او عامين. وتجاوب الساحة المحلية مع ما حصل لا يقف عند هذه الحدود فشبح حل البرلمان الذي سيطر علي النواب وهم يدرسون الثقة بوزارة معروف البخيت إبتعد لأقصي مسافة ممكنة لان عقد أي إنتخابات عامة مبكرة الآن او في وقت قريب وفقا لأحد السيناريوهات المطروحة بين يدي البخيت يعني المجازفة بنشوة نصر الإسلاميين والتعامل مع إرتفاع حاد في منسوب المعنويات المرتفعة للتيار الإسلامي. في المحصلة يمكن القول ان معادلة التيار الإسلامي في الأردن تغيرت تماما وكذلك لعبة الإسلاميين برمتها، فالسلطة من جهة والأخوان من جهة اخري يترصد الواحد بالآخر ويحاول طمأنته ضمن شروط لعبة جديدة تماما تترقب المقبل من الأيام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية