ادريس البصري: كان بامكان الملك الحسن الثاني وبوتفليقة طي ملف الصحراء الغربية ودفع العلاقات الثنائية لكن القدر شاء غير ذلك

حجم الخط
0

ادريس البصري: كان بامكان الملك الحسن الثاني وبوتفليقة طي ملف الصحراء الغربية ودفع العلاقات الثنائية لكن القدر شاء غير ذلك

اثني علي الرئيس الجزائري بشكل لافت للانتباهادريس البصري: كان بامكان الملك الحسن الثاني وبوتفليقة طي ملف الصحراء الغربية ودفع العلاقات الثنائية لكن القدر شاء غير ذلكباريس ـ القدس العربي من شوقي أمين:في هذه الأيام يتذكر المغاربة رحيل الملك الحسن الثاني قبل سبع سنوات. ومعه يتذكرون شخصا لازمه ما يزيد عن ربع قرن اسمه ادريس البصري الذي عمل وزيرا للداخلية فنال لقب الرجل القوي في عهد الملك الراحل. القدس العربي التقت البصري في بيته بباريس حيث يقيم منذ سنوات وسألته عن القضايا التي يمكن أن يستحضرها بهذه المناسبة، وماذا تثير فيه هذه الذكري.وقد آثر البصري أن يطل علي ذكري وفاة الرجل الذي خدمه طيلة حياته من خلال نافذة جزائرية أراد من خلالها الوقوف علي العلاقات المغربية الجزائرية التي كانت في عهده أحسن مما هي عليه اليوم . ويبدو ان هدف الوزير الاسبق هو كشف البون الشاسع بين سياسة الأمس التي قادها جيل علي دراية بخبايا الأمور وعلي معرفة بالملفات الدولية، وبين جيل اليوم الذي يبدو من زاوية البصري هاويا تعوزه الخبرة والاحترافية .وأثني البصري علي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بشكل لافت للانتباه قائلا ان علاقة صداقة قوية كانت تربطه بالملك الراحل وبالمغاربة بشكل عام . واوضح البصري ان وفاة الحسن الثاني كانت مفاجأة قوية للعالم أجمع وان وقعها عليه خصوصا كان اشد وأقوي. وقال لقد كنت آخر مبعوث لجلالته عند الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يوم 20 حزيران/يونيو 1999، قبل شهر من وفاته، وكان الرئيس بوتفليقة حديث العهد بالسلطة .وتابع يقول، ان الرئيس بوتفليقة صديق شخصي لي، وأعرفه منذ أمد بعيد وتعمقت علاقتي به أكثر بعد الاستقلال فنحن نتقارب في السن تقريبا، وللشهادة أقول ان بوتفليقة أحد أكبر العارفين بملف الصحراء الغربية ان لم اقل أكبرهم علي الاطلاق، ورغم أن هذا الملف فرق بين الجزائريين والمغاربة الا أن بوتفليقة حافظ علي صداقته في المغرب وبالخصوص مع جلالة الملك الحسن الثاني، الذي كانت تربطه به علاقة طيبة.وأضاف: أذكر أنه عندما كان يقع خلاف بين بوتفليقة والرئيس الراحل هواري بومدين، كان يأتي الي المغرب ويمكث بعض الوقت حتي تمر سحابة الغضب، يلتقي أصدقاءه فيشعر أنه بين ذويه وأهله. ولكن في الأمور الجدية كان وفيا لبلده ولرئيسه محافظا علي مصالح بلاده، دون أن يخدش ذلك علاقة الاحترام والمودة بينه وبين جلالة الملك الحسن الثاني الذي كان يناديه كما يناديه المغاربة بسيدنا (بتسكين الدال).وأوضح البصري في معرض كلامه ان الشيء الثاني الذي استحضره في ذكري الملك الحسن، ان خلال المقابلة الطويلة التي جمعتني بالرئيس بوتفليقة بحضور شخصيات سياسية وعسكرية في البلاد، قال لي بالحرف الواحد ان الملك الحسن الثاني أقدم مني في السلطة قبل أن أكون أنا رئيسا. وعليه أرجو أن تبلغه بأني مستعد للقائه وقتما شاء وفي أي مكان يريد في المغرب أو في أي بلد آخر حتي نصفي بيننا المواضيع العالقة وننتهي الي صيغة ننهي بها الخلاف الصحراوي .أما الرسالة الثانية التي وجهها بوتفليقة الي الملك فهي أن الجزائر ستبقي وتظل تحترم جارتها المغرب مهما كان الأمر ، والرسالة الثالثة هو حرص الجزائر علي احترام نتائج الاستفتاء في الصحراء .وقال البصري في سياق ذلك كان من المنتظر ترتيب لقاء بين بوتفليقة والحسن الثاني في شهر اب/أغسطس، لكن شاء القدر أن يغيب الملك في 23 تموز/يوليو.وتذكر البصري دموع بوتفليقة أثناء تشييع جنازة الملك كما ولو أنه كان يدفن أخا عزيزا . وأفاد أنه قبل أن يأتي بوتفليقة الي المغرب لحضور مراسيم الجنازة، أبلغه بأنه سيأتي بوفد هام وطلب منه استقباله. وبالفعل، قال وزير الداخلية الأسبق، نزل الوفد الجزائري في المطار بأربع طائرات، واحدة حملت قدماء مجاهدي حرب التحرير، وثانية ضباطا في الجيش الوطني الشعبي، وثالثة استقلها نواب في البرلمان ودبلوماسيون والطائرة الرابعة صغيرة نقلت الرئيس بوتفليقة .وقال البصري ضاحكا ان بوتفليقة أخبره بأن الجزائر لا تفعل ما فعل المغرب مع وفاة الرئيس هواري بومدين، اذ لم يحضر أي مسؤول مغربي جنازته.من ناحية أخري، شدد البصري علي أنه بعد وفاة الملك كان هو شخصيا يميل بقوة الي تصفية الأجواء مع الجزائر، لذلك طلب من محمد السادس أن يتروي في أي خطوة يقدم عليها في علاقته مع الجزائر، منبها اياه في تقرير قدمه له أن ثمة دوائر في المغرب قد تدفعه الي القيام بشكوي صد الجزائر أو شيئا من هذا القبيل . وقال: لكن ما اتأسف عليه هو أنه بعد فترة من ذلك عشنا فصلا متوترا مع الجزائر .وتابع البصري بأسلوب المتحسر مؤكدا أنه كان علي يقين بأن بوتفليقة والملك الحسن الثاني كانا سيتوصلان الي حل يرضي الطرفين لكن القدر أراد أن يكون شيئا آخر . وعندما سألته القدس العربي عن السبب الذي كبح تلك الوثبة بهدف الوصول الي تسوية سريعة للملف الصحراوي ، صمت البصري قليلا وانطلق في الحديث من جديد مستذكرا الجنرال العربي بلخير سفير الجزائر في المغرب حاليا الذي همس له يوما بالقول كانت بين المسؤولين المغاربة والمسؤولين الجزائريين معرفة عميقة، وكانوا كمن يعيشون في بلد واحد، أما اليوم وقد ذهب الملك الحسن الثاني لم يعد الأمر كما كان في السابق . واشار الي أن المسؤولين الجزائريين يعرفون المغاربة جيدا ولكن المغاربة لا يعرفون الجزائريين، في اشارة الي طبقة سياسية مغربية جديدة لا تملك أية خلفية علي الجزائر.لا تفسدوا الود مع الجزائر!وأضاف البصري: أنت تعرف أن الجزائر قوية أيضا بأجهزتها، وهي تطل علي المغرب من نافذة العارفين بخبايا الأمور، وتملك كل الملفات، وما حدث من تصدع في العلاقة بين المغرب والجزائر حدث بسبب ذهاب رجل هو الحسن الثاني . وقال البصري انه حتي وهو يغادر المغرب للاستقرار بفرنسا بعد تنحيته، أوصي مسؤولي المخزن بعدم افساد العلاقة مع الجزائر.وهنا ذكر البصري ما قاله له بوتفليقة من أنه علي استعداد ليعمل المستحيل من أجل تحسين العلاقات الثنائية والتعاون، مؤكدا أن كل ما تكسبه الجزائر هو مكسب للمغرب ماعدا الملف الصحراوي فسيبقي في يد هيئة الأمم المتحدة ومن المستحسن وضعه جانبا .وهنا فتح وزير الداخلية الأسبق قوسا ليقر بضعف بعض المسؤولين المغاربة في تسيير هذا الموضوع، لأن الجزائر، كما قال، ظلت وفية لدفاعها عن الشعوب التي تسعي الي تقرير مصيرها، وكذلك هو بوتفليقة .علي صعيد آخر، أوضح ادريس البصري، أن المسؤولين الشباب في المغرب الذين أحيطوا بالملك الجديد يجهلون تماما الموقع الجيوسياسي الهام الذي تحتله الجزائر، ونسوا مثلا أن العلاقة بين أمريكا والجزائر من أقوي العلاقات في المنطقة، ومن الوهم الاعتقاد أن أمريكا تسير في خط المغرب .أما الملف الثاني الذي بُعثرت أوراقه، في رأي البصري، بسبب القضية الصحراوية، فهو ملف المغرب العربي الكبير. وقال اذا كان الحظ قد حالف الجزائر في أن تجد سياسيا مخضرما ورجلا محنكا ودبلوماسيا لبقا علي علاقة بالماضي وعلي قدرة لاستشراف المستقبل، فان المغرب وبلدانا عربية أخري لم تتوفر علي مسؤولين يقارعون بوتفليقة في الذكاء وفي المسؤولية ، مشيدا بقدرة وبكفاءة المسؤولين الجزائريين في تخطي عقبة الارهاب والتصدي بشجاعة وتبصر لمحن لو وقعت في أي بلد آخر لما صمدت يوما واحدا.واعتبر ان الجزائر وهي تخرج بثبات من معضلاتها باتت البلد العربي الوحيد الذي يمكن أن تزدهر فيه الديمقراطية، ويعيش سكانها مستوي معيشيا لائقا لأن كل مقومات ذلك موجودة وعلي رأسها تلك اللحمة التي تعززت بين الشعب وحكامه ، مشيرا أن بلده المغرب يتوفر علي هيكل صلب هو الملكية وملك، ولكن يعوزه مسؤولين أقوياء .من ناحية أخري، اعتبر البصري أن رحيل الحسن الثاني خسارة كبيرة للعالم العربي، وخاصة للقضية الفلسطينية قائلا ان الراحل كان يملك حسا دوليا رفيعا ويتوفر علي فهم عميق للمسألة الجيوسياسية. وفوق ذلك كان يحظي بسمعة ومصداقية دولية جعلته يحصل علي شبكة علاقات ذات مستوي وصداقات صلبة .وختم بان كل هم الملك الراحل كان مستقبل وازدهار الوطن العربي وفي كيفية اخراجه من الرداءة التي تجمد فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية