عندما غادر الملك

حجم الخط
0

1 من منطقة بعيدة في الحلم يكتب، لا يعبر عوالمنا المادية إلا ليتزود لمسيرة حلم جديدة. في كل قصة نكتشف إنه يستمتع بالقهقهة عالياً، كيف نقف عند بابه ونكتفي بالمراقبة خوف الدخول.
عوالمه خاصة، وكتابته للقصة مختلفة، يحدد شخوصه بعناية تامة، ولا يسرف في إحضارهم، يكتفي بالممثلين الرئيسيين فقط، أما الكومبارس فلا حاجة للمشهد بهم، سيكون أفضل بدونهم، أو ادخارهم لمشهد يتطلب بعض الصخب.
عرفتهُ قبل أن ألتقيه، كانت أذني قد التقطت اسمه عبر الراديو، من خلال برنامج (ما يكتبه المستمعون) الذي كان يعده، القاص ‘سالم العبار’، والذي يهتم بالأدباء والكتاب الجدد، كنت وقتها أتلمس خطواتي الأولى في عالم الأدب، وكان اسمه يتكرر كثيراً، حتى جاءتني منه رسالة، وكان أول اتصال.
لصوتهِ نبره خاصة، لا يمكنك نسيانها. فصوته ـ مثله- يأتي من آخر منطقة في الحنجرة، عميقٌ وواضح، وراسخ، وعندما يضحك، يتحول إلى طفل.
توقفت قليلاً عند الباب، تلفتت من حولي، ثم دخلت. سألت، فقيل لي: غادي نهاية الممر.
ها هو ذا، يجلس إلى كرسيه، يقرأ في جريدة، وعلى الطاولة مجموعة من الرسائل، والأظرف المفتوحة. لابد أن يكون هنا قلت لنفسي-، فهو يطابق الصورة التي رسمتها من خلال قصصه، ورسائله وصوته، ودخلت المكتب.
– وأخيراً التقينا.
– أخيراً!!!!
-أنت الوحيد من ضمن المجموعة الذي لا أعرفهُ بشكل شخصي، إلا من خلال البرنامج وما تكتب. الشباب جميعهم يسألون عنك.
ـ …..
-هل ستذهب معنا للمهرجان هذا العام؟
-سأحاول!!!
من خلاله تعرفت إلى عالم الأدباء الجدد كما تنص على ذلك مقدمة برنامج ما يكتبه المستمعون-، قائمة طويلة من الأسماء والأصدقاء، بدأت من طرابلس ووصلت الى أغلب مدن ليبيا الحبيبة، وتكررت اللقاءات، كنت أكتشفُ شيئاً جديداً فيه في كل مرة، قارئ، ناقد، شاعر، راوي،….، الحديث معه يتدفق في سلاسة ولا يتوقف، أذكر أني عندما زرته أول مرة في بيته، بدأنا حديثاً عن الروائي ‘حيدر حيدر’ لم يتوقف إلا عندما اضطررت للاتصال بالبيت لأبلغهم بالمبيت عنده، لنعود للحديث من جديد وكانا قد بدأنا حواراً عن الشعر الحديث.

2

لا أظنه غاب.
لكني أظنه تسرب في حلمٍ تملكه، كان دائماً يأتي من حلم.
يعبر كحلم، وينزل كحلم.
نعم ‘خالد شلابي’ لم يغادر، عاد للحلم الذي أحب، ولليل الذي أدمن سؤاله. لم يغادر، ترك حرفاً يافعاً، ينبض في طمأنينة، ويسكن في قلوبنا.

* العنوان مستوحىً عن قصة للراحل بعنوان (أخيراً قهقه الملك).

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية