حكومة اطفال وقعت بمصيدة نصر الله ولم تتعلم من دروس الماضي

حجم الخط
0

حكومة اطفال وقعت بمصيدة نصر الله ولم تتعلم من دروس الماضي

بعد مجزرة قانا .. لبنان مثل شارع النجاة فيه لا تتحدد بكونك علي حقحكومة اطفال وقعت بمصيدة نصر الله ولم تتعلم من دروس الماضي من الصعب، بل ومن غير الممكن، اتباع سياسة أمنية تقوم علي الأفكار الغيبية المسبقة والأحاديث عن عين الحسود وسوء الحظ، ولكن ما العمل عندما يتعلق الأمر بلبنان؟ الاشارات السيئة تعود الينا مثل الجن الذي يخرج من الظلام. كمائن حزب الله والعبوات الناسفة والمروحيات المتصادمة مع بعضها البعض والمصابون من جنودنا بنيران رفاقهم ـ وأمس ايضا كفر قانا. وكأن أحدا ما يُصر علي عرض فيلم رعب للمرة الثانية علينا في الوقت الذي نحاول فيه أن ننسي العرض الاول لذلك الفيلم.من الممكن تدارس الامور ايضا بصورة عقلانية ومنطقية من دون علاقة بالأمور الغيبية والأرواح الشريرة. هذا صعب، في الوقت الذي يقاتل فيه جنودنا في لبنان، و53 جثة من أمواتنا ممددة أمامنا، والكاتيوشا تواصل سقوطها علي رؤوسنا، ولكن الواقع يستوجب ذلك. ربما يمكن القول في هذه المرة ايضا أن الطبعة الثانية من مأساة كفر قانا ستكون بمثابة جرس الساعة المنبهة الذي يعيدنا الي ارض الواقع.عندما خرجنا لهذه المجابهة قبل عشرين يوما بدا وكأننا أمام حدث سيُغير وجه الشرق الاوسط كله: اسرائيل تستعيد لنفسها أخيرا قدرتها الردعية ـ كما قالوا لنا ـ وأننا في الواقع أمام حرب اللاخيار . في غضون ذلك، وفي الوقت الحالي، اذا لم يحدث تغير دراماتيكي في الوضع فستخرج اسرائيل من هذه الحرب مع انجازات شحيحة في أحسن الاحوال. بامكان المسؤولين عن المخازن في حزب الله أن يسجلوا انخفاض مخزونهم بثلاثة آلاف صاروخ، ولكن ما زالت لديهم في باطن الارض عشرة آلاف قطعة فتاكة.حسن نصر الله، القائد والرمز، العباءة والابتسامة، سيبقي أمام شاشات التلفاز. قد يكون باهت اللون ومتصببا عرقا، ولكن رسائله تبقي حادة وواضحة مثل الصاروخ، وفي اغلبية الاحوال ما زالت دقيقة رغم أن استخبارات سلاح الجو عندنا قد كفت عن تحليل خطاباته علي ما يبدو. القوة متعددة الجنسيات ستصل الي لبنان علي ما يبدو، ولكن من المشكوك فيه أن تكون قادرة علي اكتشاف مواقع قواعد الصواريخ المتبقية لدي حزب الله من اجل إبادتها.حتي بعد اختطاف الجنديين، الداد ريغف واهود غولد فاسر، في الثاني عشر من تموز (يوليو)، كان علي صانعي القرار عندنا أن يتذكروا الي أي مستنقع يُدخلوننا مرة اخري. في الثمانينيات وصف مراسل نيويورك تايمز ، توم فريدمان، لبنان بأنه ليس دولة وانما نوعا من لعبة الليغو التي يحاول أحد ما كل عدة سنوات تفكيكها واعادة تركيبها من جديد الي أن يأتي طرف آخر من بعده ليفعل نفس الشيء. لبنان، لشدة الأسف، ليس دولة مع حكومة مركزية قادرة علي فرض النظام، وخصوصا علي تنظيم عصابات مثل حزب الله الذي يتحرك، ليس فقط بدافع القوة الدينية المتعصبة، وانما يحصل علي وقوده من خلال الدعم الايراني والسوري. الاعتقاد بأن اسرائيل قادرة علي اعادة تركيب الليغو اللبناني كما تشاء، انهار في عام 1982، مع اشتعال متأخر بـ 18 عاما، والآن بدا أن أحدا ما عندنا قد وقع مرة اخري في وهم امكانية تحقيق ذلك. تُساورنا الشكوك بأن القيادة الاسرائيلية مكونة علي ما يبدو من اشخاص عديمي التجربة سقطوا كأطفال صغار في مصيدة نصر الله. ذلك لأن راشدا مسؤولا مثل أرييل شارون، وصاحب تجربة في الساحة اللبنانية، كان سيُجنبنا بالتأكيد الوقوع في هذا الخطأ المتكرر. وايضا: كم مرة يتوجب أن نُذكر أن الصدام بين جيش مسلح بطائرات اف15 ودبابات المركافا وبين تنظيم عصابات، لن ينتهي بانتصار ذلك الجيش الضخم. ولماذا يدخل الجيش الاسرائيلي الي معركة لم يستعد لها ولم يُجهز نفسه لمواجهة تلك الكمية الكبيرة من قاذفات الصواريخ بصورة ناجعة؟ ربما بسبب نقص المعلومات الاستخبارية أو لعدم وجود حلول لضرب المخابئ والمكامن الخفية. وعدا عن ذلك، لماذا فشلت اسرائيل مرة اخري في مجال الحماية والتحصينات، وخصوصا في تطوير منظومة مضادة للقذائف الصاروخية، وايضا في بناء الملاجيء الملائمة والجاهزة للحرب الطويلة؟. الآن، وبعد مأساة كفر قانا، يتوجب مرة اخري أن نُذكر: لبنان هو مثل الشارع تماما، حيث لا يكفي أن تكون علي حق فيه حتي تنجو.رافي مان(معاريف) ـ 31/7/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية