ناجح إبراهيم احد مؤسسي الجماعة الاسلامية في مصر: المظاهرات لن تعيد مرسي للحكم.. وتعليق محاكمته الخطوة الأولى لعلاج الأزمة

حجم الخط
0

القاهرة ‘الأناضول’: رأى ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامي وأحد مؤسسي ‘الجماعة الإسلامية’ في مصر، أن على الدولة الإسراع باتخاذ قرار بتأجيل’محاكمة الرئيس المعزول، محمد مرسي، المقررة يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، معتبرا أن ذلك سيكون خطوة مهمة على طريق علاج الأزمة المصرية.
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول للأنباء،’استمرت نحو الساعة،’طالب إبراهيم،’الذي قضى في السجن نحو’ربع قرن على خلفية اتهامه بالمشاركة في اغتيال’الرئيس الراحل، أنور السادات، عام 1981، الدولة المصرية بتفعيل فقه ‘درء المفاسد مقدم على جلب المنافع’، معتبرا أن محاكمة مرسي ستكون مفاسدها أكثر من منافعها، وستدمر البقية الباقية من تماسك المجتمع المصري، على حد تقديره.
إبراهيم،’الذي بدأ بعد سجنه مرحلة أخري من حياته يعتبرها مرحلة الدراسة الشاملة والبصر العميق، مضى قائلا: ‘أدعو الدولة باعتبارها الطرف الأقوى أن تأخذ هذه الخطوة نحو المصالحة، ليقابلها الإسلاميون بخطوة أخرى تتمثل في وقف التظاهرات ورفع الغطاء الشرعي والسياسي عن قتل الجنود والضباط وعمليات التفجير’.
وحمل الإسلامي المصري’كيانات داخل ‘التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب’،’المتضامن مع جماعة الإخوان المسلمين، مسئولية ما أتبع فض اعتصام’مؤيدين للرئيس المعزول، محمد مرسي، المنتمي إلى الجماعة، في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، من قتل وتدمير وحرائق للكنائس وأقسام الشرطة، مضيفا: ‘ إذا كنا نحمل الجيش والشرطة المسئولية كاملة عن مجزرة رابعة والنهضة، فلا يمكن أن نعفي الطرف الآخر من المسؤولية عن ما تبع عملية الفض’.
وفيما يلي نص الحوار:
* نبدأ من مشهد المظاهرات’اليومية في مصر.. إلى أي مدى ترى أنها مفيدة لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها المتظاهرون؟
** أعتقد ان المظاهرات أقل زخما وأضعف أثرا’بعد سجن قادة جماعة الإخوان وحلفائهم وضعف التمويل.. وأرى أن المظاهرات لن تعيد مرسي إلى الحكم، ويجب على القادة أن يصارحوا المتظاهرين بالقول:’ إذا كنتم تتظاهرون لعودة مرسي، فهو لن يعود، لكن إذا كنتم تتظاهرون لدعم المفاوض الإخواني’في مفاوضاته مع الدولة ، فهذا حسن ‘.
لكن على من يدعو للمظاهرات تفعيل فقه المصالح والمفاسد، فما هي المصلحة من الذهاب إلى’ميدان التحرير يوم السادس من أكتوبر (في الذكرى الأربعين للحرب مع إسرائيل)، فرمزية ميدان التحرير لا توازي في رأيي سقوط 60 قتيلا، وسجن 600 شخصا.
* سيرد عليك الطرف الآخر بأنه يدافع عن الشرعية التي سلبت منه..’
** لابد أن نفرق أولا بين الشريعة والشرعية.. الشرعية هي المنصب، سواء حصل عليه المرء بالانتخاب أو بالأمر الواقع، والشريعة هي أوامر الله ونواهيه.. الشرعية جاء بها البشر، يمكن أن تكون صوابا أو بها خلل، بينما الشريعة ليس بها خطأ أو خلل.
‘الشريعة لا يمكن التنازل عنها، بينما الشرعية يمكن التنازل عنها؛’لأنها وسيلة لتحقيق الغاية وهي الشريعة، وليس من العقل أنه لكي نحصل على الشرعية وهي الوسيلة أن نهدم الشريعة وهي الغاية.’وهذا ما حدث فقد تم حظر جماعة الإخوان’وتربع العلمانيون على السلطة، وفوق كل ذلك سالت الدماء أنهارا، بينما كان بإمكانهم (الإخوان) تجاوز كل ذلك بتحقيق مطلب إقالة رئيس الوزراء (في عهد مرسي، هشام قنديل)، وهو أساسا لم يكن موفقا.
* ولكن قد يرد عليك الإخوان وحلفاؤهم بالقول إن عثمان بن عفان رضي الله عنه، رفض أن يتخلى عن الخلافة – أو ‘الشرعية’ – بعد أن ثار عليه البعض، وكان مبرره لذلك: حتى لا تكون هذه عادة متواترة، وهذا ما نخشاه في مصر؟
** سأرد عليك بأن الحسن بن علي حفيد رسول الله اختار خيار آخر، وهو عدم إراقة الدماء، وتنازل عن خلافة كان يحكم بها نصف الكرة الأرضية؛ حقنا للدماء، وكان يقابله أتباعه ويقولون له: يا عار المؤمنين، فيرد: العار أفضل من النار.. ويقولون له أيضا: يا مذل المؤمنين، فيرد: جماجم العرب كانت بيدي، فخشيت أن أقتلهم على الملك. ولاحظ هنا هو قال الملك ولم يقل الشرعية، كما يقول الاسلاميون في مصر، لأنه صادق مع نفسه.
في المقابل، فإن خيار عثمان بن عفان، وهو خيار قد تكون له ظروفه حينها، أدي إلى’قتله ونشوب حرب بين الشيعة والخوارج، ولولا خيار الحسن بن علي لاستمرت الحرب.
وقد كتبت قبل فضي اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر (من قبل قوات من الجيش والشرطة يوم 14 أغسطس/ أب الماضي) وقبل إراقة أي نقطة دم مخيرا مرسي بين خيار عثمان وخيار الحسن، ويبدو أنهم اختاروا خيار عثمان، بدعوى ما يسمى بالشرعية، وأنا أقول فلتذهب هذه الشرعية إلى الجحيم إذا كان ثمنها الدماء وتدمير البلاد.
* أما وقد اختاروا خيار عثمان، وردت الدولة بعنف، هل من سبيل للحل؟
** قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة دعيت إلى’مبادرة من 13 نقطة كتبت تفاصيلها في مقال بصحيفة ‘المصري اليوم ‘ (الخاصة)، وكانت تنص على ان يتنازل مرسي عن الحكم ويدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، ويتم الافراج عنه وعن المعتقلين السياسيين، ولكن قوبلت بالاستهزاء وقال الاسلاميون: عندما يأتي معاوية سنتنازل له عن الحكم.
* هذه المبادرة كانت تلائم وقتها، فما هي المبادرة التي تلائم الوقت الحالي؟
** أن تعلق الدولة محاكمة مرسي، ثم يصدر قرار رئاسيا بالعفو عنه ويخرج مرسي والمرشد العام للإخوان المسلمين (محمد بديع) والمرشد السابق مهدي عاكف، ويضمنون تهدئة الشارع، فمحاكمة مرسي من منطلق فقه المصالح والمفاسد، الذي أدعو الدولة للأخذ به، ستكون مفاسدها كبيرة، ولن تقود إلى أي مصلحة، فستؤدي’إلى’مزيد من القتل والتدمير والحرائق والإجهاز على البقية الباقية من تماسك المجتمع. تعليق محاكمة مرسي ستكون’خطوة مهمة على طريق علاج الأزمة المصرية.
‘والمسؤولية الكبرى هنا تقع على الدولة باعتبارها الأقوى، فلتبدأ هي بالخطوة الأولى، ثم يتخذ الاسلاميون خطوة أيضا بوقف المظاهرات’والتوقف عن إهانة رموز الجيش وخلع الصبغة السياسية والدينية عن قتل الجنود وحرق الكنائس وأقسام الشرطة.
* معنى ذلك، أنك تتهم الإخوان بأنهم يقفون خلف أحداث العنف التي يشهدها الشارع المصري؟
** لنكن موضوعيين، فإذا كنا نحمل الجيش والشرطة المسئولية عن مجزرة رابعة والنهضة (سقط فيهما مئات القتلى وآلاف الجرحى)، فلابد ألا نعفي الطرف الآخر من المسئولية عن الأحداث التي أعقبت عملية فض الاعتصام.
* ولكن راعي كنيسة’بالمنيا برأ الإخوان من المسؤولية عن حرق كنيسته، وحمل المسئولية لمن أسماهم بالبلطجية (خارجون عن القانون) ؟
** أنا أعرف أن الإخوان ليسوا مسئولين عن ذلك، ولكن من المتحالفين معهم من يفعل ذلك، وليس من العقل أن نخلع شهادة لأحد رجال الدين المسيحي، على كل الأحداث، فيكون البلطجية هم المسؤولون عن حرق كل الكنائس، وهم المسئولون عن حرق أقسام الشرطة، وقتل الجنود.
*بنفس المنطق الذي ترفض أن يستخدمه الاسلاميون للدفاع وهو التعميم، يمكن أن يقول قائل: وهل كل مشكلة في البلاد يتم تحميلها للإخوان وحلفائهم إلى أن يثبت العكس، بهدف اقتيادهم إلى المحاكم؟
**’للأسف انتقلنا من ‘أخونة الدولة’ (أي سيطرة الإخوان على مؤسسات الدولة) وهذا أمر كان واضحا،’إلى ‘أهبله الدولة’، فما يحدث من مطاردة رئيس الوزراء السابق (هشام قنديل) للقبض عليه؛’بتهمة ارتكب رؤساء الوزراء السابقون أضعافها، إنما هو نوع من ‘الهبل’ والسذاجة.
وينطبق الأمر نفسه على محاكمة رموز استقلال القضاء واحالتهم إلى لجنة الصلاحية (التابعة لمحكمة اللإستئناف)، وكذلك إصدار أمر ضبط وإحضار للمستشار الجليل أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، لعدم مثوله أمام النيابة للإدلاء بشهادته في قضية ما.
وأكرر، لابد من وقف هذا المشهد العبثي والإفراج عن المعتقلين ووقف العنف من الطرف الآخر، لأنه لا مصالحة بدون الإفراج عن المعتقلين ووقف العنف، وهذه هي خلاصة تجربتي.
لكن المشكلة أننا في مصر إقصائيون، فنحن 90 مليون إقصائي، فلا أحد يريد أن يتشارك مع الآخرين، وفي النهاية ستكون مصر هي الضحية، فلا السلطة ستقضي على الإخوان والحركة الاسلامية، وإن كانت تظن ذلك، فهذا نوع من السذاجة، ولا الإخوان يستطيعون مواجهة الدولة بمؤسساتها.
* في النهاية، كنت أنتظر منك كونك من خلفية إسلامية أن تحدثني عن التمكين للدين الإسلامي؟
** مشكلة الحركة الإسلامية أنها أغفلت الدعوة، فلو اهتمت بالدعوة وأنفقت نصف المليارات التي أنفقتها على السياسة، في بناء المدارس والمستشفيات؛ لأتى الحكام إلينا يقبلون’أيدينا،’فالخطاب الاسلامي من المفترض أنه يجمع ولا يفرق.. يجمع بين الواجب الشرعي والواقع العملي ويستوعب الآخر، وهذا غير حاضر في المشهد المصري.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية