نتنياهو: سنفرج عن سجناء.. وهذا هو القرار

حجم الخط
2

تإن القصة السياسية التي أُضيفت الى الافراج عن السجناء الفلسطينيين تميز السياسة الاسرائيلية: ففيها من السخافة أكثر مما فيها من تعمد الاثم، ومن الاهمال أكثر مما فيها من العقل، ومن الانتهازية أكثر مما فيها من الايديولوجيا. لكن ربما يجدر قبل أن ندخل الى تفاصيل الدراما أن نثير عددا من الحقائق غير المريحة تتعلق بهذا اليوم المشحون.
أولا، تدفع اسرائيل منذ سنوات أثمانا مرتفعة للدم في صفقات أسرى، فقد دفعت ثمنا باهظا عن اعادة جنود تم اختطافهم وجثث جنود، ودفعت ثمنا باهظا عن استعداد الطرف الثاني لدخول التفاوض. والصفقة الحالية هي مثال جيد، وهي الثمن الاضافي الذي تضطر اسرائيل الى دفعه عن صفقة شاليط، بعد أن أعطت حماس في تلك الصفقة جائزة ضخمة؛ وهي الثمن الذي تدفعه اسرائيل ايضا كي لا تدفع بوقف البناء أو بموافقة مبدئية على انسحاب من المناطق كلها.
وثانيا، إن الافراج عن ارهابيين محكوم عليهم، جزء لا ينفصل عن كل تفاوض مع منظمة ارهابية تصبح مدنية، وهذا ما كان في العالم كله. والسؤال هو كم ومن ومتى ومقابل ماذا؟ ويكمن فشل حكومات اسرائيل في الأجوبة عن هذه الاسئلة.
ثالثا، ليس للعائلات التي ثكلت بأعزائها بهجمات ارهابية أي فضل في الجدل العام في صفقات الأسرى. فكارثتها شخصية والمشكلة المطروحة للجدل قومية. فيحسن الاصغاء الى غضب العائلات والمشاركة في ألمها واحترام حدادها. لكن استعمال الساسة ووسائل الاعلام لدموع العائلات مبالغ فيه، بل هو في احيان كثيرة هزلي يبلغ حد الابتذال.
ولا يصح هذا فقط على عدد من معارضي الافراج، بل على رئيس الوزراء ايضا. فمع كل الاحترام، إن حقيقة أنه فقد أخاه في ظروف مختلفة تماما، لا تُهيئه لتفهم مشكلة عائلات ولا تجعله منيعا من النقد، فيجب أن يُحكم على قراراته في ذاتها، لا بحسب نسبته العائلية.
أما من جهة الدولة فان الامتحان الأعلى هو خطر أن يعود المخرب المفرج عنه الى تأدية دور في خدمة الارهاب. فهذا ما يفعله عدد من المفرج عنهم، وهو سيئ لأمن مواطني اسرائيل ولاحتمال التوصل الى اتفاق في يوم ما.
ورابعا، يعلم الجهاز السياسي كله أن اتفاق الأقساط الاربعة للافراج عن السجناء لا يمكن تغييره. وقد تحبطه فقط واقعة تصدم الشعور بقوة، كعملية جماعية مثلا، فقد كانت ضجة الايام الاخيرة على لا شيء، من جهة ما.
وخامسا، ما زالت توجد قضية واقعية تنتظر أن تبت بها الحكومة، وهي أن تشمل الصفقة سجناء من مواطني اسرائيل. فمعارضة ذلك واسعة بين الوزراء ولدى الجمهور ايضا. وفي الجدل بين الوزراء في الاسبوع الماضي اقترح وزير الداخلية جدعون ساعر على وزير المتقاعدين أوري اورباخ، وهو من معارضي الافراج، أن يقوم ويستقيل. وسنرى ماذا يقترح ساعر على نفسه اذا ما دُفع الى شبه ذلك.
‘في تموز/يوليو الاخير عرض وزير الخارجية الامريكي جون كيري على نتنياهو اقتراحا ما كان يمكنه أن يرفضه وهو أن يمتنع الفلسطينيون عن التوجه الى الامم المتحدة ويجددوا التفاوض اذا حصلوا على واحد من التفضلات الآتية: تجميد البناء أو الافراج عن سجناء أو موافقة مبدئية اسرائيلية على عودة الى خطوط 1967. واحتار نتنياهو وأصر كيري. وفي النهاية اختار نتنياهو الاقتراح الأسهل، وهو الافراج عن سجناء.
إن رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت لا يشارك في الحيرة، فقد قدّر أن يوافق نتنياهو على التجميد. ويقول إنه نقل الى نتنياهو رسالة تقول لا تتجه الى ذلك. وجاء يوم الجمعة وفي وقت قريب من دخول السبت دعا نتنياهو بينيت إليه، الى لقاء في تل ابيب وقال له سنفرج عن سجناء. وهذا هو القرار.
يقول بينيت: ‘وقع علي ذلك كرعد في يوم صاف. وقلت له سنصوت اعتراضا، لكننا لن نستقيل من الحكومة’.
وفهم نتنياهو كلام بينيت فهما مختلفا، فقد سمع جملا مطمئنة مثل ‘نحن نستطيع العيش مع هذا’، وفرض أن بينيت ينوي أن يصوت مؤيدا. وبالقرب من شارع هغاي هاتف بينيت نتنياهو. قال لي أمس: ‘خشيت ألا يكون فهم فهما صحيحا. قلت له أنا أعارض’.
وظن نتنياهو أن بينيت ينوي أن يؤيد أو أن يمتنع، وهذا ما قاله ايضا لوزراء آخرين. وقد امتنع عن ذكر ذلك علنا كي لا يحرج بينيت. وفي الايام الاخيرة حينما هاجم بينيت وكتلته البرلمانية الصفقة، بما أوتوا من قوة، غضب نتنياهو.
ينسب بينيت (خطأ) العنوان الصحافي الذي برز في رأس الصفحة الاولى من ‘يديعوت احرونوت’ في يوم الجمعة ‘قتلة مقابل بيوت’ الى قدرة نتنياهو على صوغ الكلام. فأنت يا نفتالي بينيت عارضت تجميد البناء ولهذا فانك تتحمل تبعة الافراج عن القتلة.
وفي هذه المرحلة يدخل القصة اقتراح قانون صاغه رئيس الائتلاف الحكومي ياريف لفين (الليكود) وأوريت ستروك (البيت اليهودي). ويرمي اقتراح القانون الى منع الحكومة من الافراج عن مخربين في اطار تفاوض في المستقبل. في يوم الخميس الاخير سحبت ستروك الاقتراح قُبيل التباحث فيه في اللجنة الوزارية للتشريع. فقد أدركت أنه ليس للاقتراح احتمال أن يجوز. وفي الغد بعد أن قرأ بينيت عنوان ‘قتلة مقابل بيوت’ أعاد الاقتراح الى طاولة اللجنة. أيحاول نتنياهو أن يُذله؟ سيُذل هو نتنياهو.
‘كانت الفكرة استغلال الدعم الذي أعطانا الافراج عن السجناء إياه’، قال لي بينيت أمس. ‘تحدثت الى نتنياهو بضع مرات في ترتيب حدود صفقات الافراج عن سجناء. وقد مرت سنتان منذ كانت صفقة شاليط، لكن لم يتحرك أي شيء، وعلمت أننا اذا أثرنا الاقتراح بعد أشهر، حينما لا يكون هذا الموضوع مطروحا للبحث، فليس لنا أمل’.
ليس بينيت خبيرا بصورة مميزة بشؤون الريح، ولهذا فان الريح الداعمة التي بحث عنها ضربته في وجهه مباشرة.
إن الرسائل الالكترونية التي خرجت من مكتب بينيت قرنت القانون المقترح بالتقسيط الذي يوشك أن يُنفذ، وألقت احدى الرسائل تبعة الافراج على كاهل وزيرة القضاء تسيبي ليفني. فلأن ليفني تريد أن تُحادث صائب عريقات يفرجون عن قتلة. وكان الاعلان (انضم الوزير أوري اريئيل بوجبة سُم منه) كاذبا وجبانا ايضا. ويعترف بينيت بأنه وقع خطأ.
واحتارت ليفني هل تثير في جلسة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع اقتراح القانون. ولما كان القرار قد سُحب وأُعيد فانه كان في يديها. ووقع عليها طوفان سب وتهديد في الشبكة، وكأن اثارة الاقتراح كانت كافية لتعويق الافراج عن السجناء. لم تول ليفني الامر أهمية في البداية، وسمعت بعد ذلك بأمر البصقة التي أصابت في يوم السبت عضو كتلتها البرلمانية اليعيزر شتيرن من فتى في السابعة عشرة من عمره، وهو مُجّل متحمس للحاخام دوف ليئور، حاخام يغئال عمير.
ورأت ليفني هنا فرصة ذهبية لرد الصاع صاعين ولتقوية مكانتها بصفتها الشخص المعتدل المسؤول في الحكومة. فشبهت التحريض عليها بالتحريض الذي سبق قتل رابين. ودهش بينيت لعقد الصلة بينه وبين الفتى الباصق. وقال في تهكم: ‘قتلت يسوع ايضا’.
وصوت وزراء الليكود بالاجماع اعتراضا على اقتراح القانون، فدفنوه دفن الحمار. ويعترف بينيت بأن اجراءه اعترته الأخطاء لكنه يُصر على أنه لم يكن فيه شيء من الهزل. وهو يدرك أنه فشل طول الطريق كله فتلقى ضربات وأكل السمك العفن، لكنه لم يُطرد والحمد لله من الحكومة بعد.
خطبت أييلت شكيد وشولي معلم، وهما عضوا كنيست من كتلته البرلمانية أمس في تظاهرة تعترض على الافراج عن السجناء بالقرب من سجن عوفر. وقد تحدثت الى شكيد أمس. وهي تدرك أن طلب الغاء الصفقة الحالية داحض. ورغم ذلك تظاهرت لالغائه، ولم يسافر بينيت الى التظاهرة بل سافر للقاء أخيه السابق يئير لبيد.

يديعوت 29/10/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فايز نشوان:

    عزيزي نتن ياهو

    حاولت ارسال رسالة لك عبر الفيس بك فكان موقعك شبه مستحيل الكتابة فيه

    اليوم انت غير موجود على الاطلاق احد اهتماماتي

    هل تلاعبت في موقعي على الفيسبك

    ام ان عصابة من الهكرز القذرة تحاول التلاعب في حياة البشر ؟

  2. يقول فايز نشوان:

    بن يامين نتنياهو

    WANTED dead or life

إشترك في قائمتنا البريدية