الصحف الأردنية تعاني أزمات مالية خانقة بينما تتدفق الاعلانات والأموال على المواقع

حجم الخط
0

لندن – محمد عايش: دخلت الصحافة الالكترونية في سباق محموم منذ سنوات مع الصحافة الورقية المطبوعة في العالم العربي بعد الطفرة التي يشهدها الاعلام الالكتروني وازدحام الانترنت بالمواقع الاخبارية والسياسية التي يجري تحديثها على مدار الساعة، لتفسد بذلك البريق الذي لطالما ظلت الصحافة المطبوعة تتمتع به طوال السنوات والعقود الماضية.
لكن الصحافة الورقية المطبوعة لا تزال صامدة دون اختفاء، رغم مرور سنوات طويلة على ظهور الانترنت وانتعاش الصحافة الالكترونية تبعاً لذلك، في الوقت الذي ساهم الانترنت في إنعاش الصحافة التقليدية في الكثير من دول العالم المتقدم، مثل الولايات المتحدة وأوروبا ومثل مكملاً لها وليس بديلاً عنها.
وفي العالم العربي تواجه العديد من الصحف المطبوعة أزمات مختلفة، في الوقت الذي تنتعش صحافة الانترنت، وعلى الرغم من أن الكثير من المطبوعات واجه متاعب في العالم الغربي، إلا أن أعداد المتعثرين في العالم العربي تظل أكبر بكثير مع انتعاش الصحافة الالكترونية، في مؤشر واضح – كما يرى كثير من المراقبين- على ضعف المرونة في أوساط الاعلام العربي، وعدم القدرة على الاستفادة من الاعلام الالكتروني والتعايش معه. وخلال العام الماضي 2013 دخلت كافة الصحف الورقية التقليدية في الأردن -على سبيل المثال- في أزمات مالية خانقة، حيث اضطرت جريدة «العرب اليوم» الى التوقف عن الصدور لعدة شهور قبل أن يتم انقاذها بطريقة غامضة لا يعرف تفاصيلها الجمهور الأردني حتى الان، وتعود الى الصدور مجدداً قبل نهاية العام.
أما أقدم الصحف الاردنية، وهي جريدة «الدستور» التي لم تتوقف عن الصدور منذ ما قبل نكسة حزيران/يونيو عام 1967 فدخلت هي الأخرى في أزمة مالية تضطرها حتى الآن الى تأخير سداد الرواتب لموظفيها في أزمة خانقة لم تشهدها الصحيفة في تاريخها، فيما توقفت العام الماضي أيضاً جريدة «الرأي» التي تملك حكومة الأردن غالبية أسهمها عن الصدور ليوم واحد، ولكن التوقف كان بسبب اضراب نفذه الموظفون الذين يطالبون بامتيازات وحقوق مالية لم تعد الصحيفة الخاسرة قادرة على الوفاء بها.
وفيما تعاني هذه الصحف التقليدية في الأردن من أزمات مالية متفاوتة، فان بعض المواقع الالكترونية الاخبارية تحولت الى مناجم ذهب في أيدي أصحابها الذين بدأت تتدفق عليهم الاعلانات التجارية، وبدأوا يحققون أرباحاً كبيرة بسبب الانتعاش المتزايد في هذا القطاع، والاقبال الهائل من القراء.
ويرى رئيس تحرير موقع «الصوت» الاخباري، ومالك الموقع، الصحافي طارق ديلواني أن «المواقع الاخبارية لم تفسد الصحافة المطبوعة حتى الآن، لكنها دقت مسماراً في نعشها بسبب أن الرهان كله الان على الاعلام الالكتروني الذي أصبح أسرع وأكثر انتشارا»ً.
لكنه يستبعد في حديثه لــ»القدس العربي» أن يؤدي الاعلام الالكتروني الى غياب الصحافة المطبوعة وانهيارها في العالم، معتبراً أنه «خلق حالة جدل غير مسبوقة حول ضرورة مهنة الصحافة وضبطها أخلاقيا»ً.
ويؤكد ديلواني أن «مواقع الانترنت تركت تأثيراً كبيراً في عالمنا العربي منذ اليوم الأول لانطلاق الربيع العربي، ولعبت دوراً ملفتاً وحاسماً ومؤثراً في هذه الثورات بينما غابت الصحافة الورقية وتلاشت خلف مقص الرقيب في حين أن السقف المرتفع للاعلام الالكتروني كان قد تجاوز كل هذه المخاوف والقيود».
وبحسب ديلواني فان الاصطدام بين الاعلام الالكتروني والاعلام التقليدي لم يحدث بسبب «الادراك المبكر لأن كل منهما يكمل الاخر وليس ينافس الآخر»، مشيراً الى أن الصحف أسست مواقع الكترونية ودخلت عالم الاعلام الالكتروني، وبدأت في تقديم خدمات اعلامية واخبارية اضافية من خلال مواقعها الالكترونية، وهذه الخدمات دعمت الصحف المطبوعة ولم تكن بديلاً عنها.
يشار الى أن مئات المواقع الالكترونية الاخبارية يزدحم بها الفضاء الالكتروني العربي في الوقت الحالي، فيما تنتشر أيضاً مواقع مشابهة في العالم الغربي وتلقى رواجاً واسعاً، فيما اضطرت بعض الصحف الورقية في مختلف انحاء العالم الى التوقف عن الصدور والتحول الى صحف الكترونية فقط، من تلك التي لم تتمكن من مواكبة الاعلام الالكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية