هل يستطيع شعب الله المختار التعايش مع شعب الله (المحتار) في العراق؟

حجم الخط
1

بينما كانت نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية تعلن على التلفزيون وبعد ان تأكد حصول المالكي على العدد الاكبر من المقاعد البرلمانية، راودتني اسئلة كثيرة من بينها، ما الذي يدفع شريحة واسعة من العراقيين لاعطاء اصواتهم الى شخص قد فشل في تحقيق اي منجز لهم، وأذاقهم جميع صنوف الذل والهوان طوال الثماني سنوات الماضية؟ وهل هناك ثمة امل في ان يعم السلام ارض العراق خلال السنوات القادمة؟ ثم كيف استطيع انا في كوردستان التناغم مع هذا الهزال الثقافي والسياسي الذي اراه في الطرف الاخر وهل يمكن التعامل معه ؟
المنطق السياسي يقول أن الشعوب الحية تتطلع دائما نحو غد افضل تتحرر فيه من العبودية، لتنطلق بعد ذلك الى مستقبل اكثر اشراقا وأملا، يشعر فيه المواطن بكرامته وحريته، باستثناء العراق، فنتائج الانتخابات تظهر حنينا شعبيا عارما للدكتاتورية، وعطشا قاتلا للهوان والإحساس بالعبودية، كما كان عليه الحال في زمن النظام السابق، ولذلك فان هذه الشريحة تحتاج الى عقود من الزمن للانفلات من ارثين، ارث العبودية الذي تغلغل في ادائهم السياسي منذ عقود، والإرث التاريخي المشوب بعقدة الثأر من المكون الاخر.
ان المصوتين للمالكي ينحصرون في فئتين اظهرت نتائج الانتخابات بأنهما تمثلان اكثرية الشعب العراقي وهما: الاولى، فئة مصابة بعقد تاريخية مقيتة تجعلها ترى العراق ساحة مناسبة للحصول على ثأرها التاريخي، فقد توقف الزمن بهم عند مقتل الامام الحسين على يد جيش يزيد الاموي، ومازالت رغبة الانتقام تراودهم رغم البعد الزمني الذي يقدر بألف وأربعمئة سنة بيننا وبين تلك الحادثة، وقد استطاع المالكي برفعه شعار (نصرة اهل البيت) وشعار (حماية المذهب) من كسب تأييد هؤلاء.
الثانية، فئة اصيبت بفقدان التوازن بعد سقوط الدكتاتور الذي كان يقودها لغاية الالفين وثلاثة، فأخذت تفتش لها عن دكتاتور صغير تستطيع من خلاله اشباع غريزة العبودية التي تتملكها، فكان وجود المالكي في السلطة لولايتين متتاليتين فرصة كبيرة لها لإشباع هذه الغريزة، وترسيخها اكثر من خلال انتخابهم له لولاية ثالثة.
المفارقة تكمن في ان الفئتين لا تملكان ما تقدمانه للوطن غير القتل والتدمير من جهة، ومن جهة اخرى الخضوع والخنوع للصنم الذي يخلقونه، ولا يمكن الاعتماد على هذه النماذج في بناء دولة. لذلك فان نتائج الانتخابات هذه تتطلب من اصحاب الاختصاصات النفسية والاجتماعية الوقوف عليها طويلا، لاجراء ابحاث معمقة عليها ومعرفة طبيعة هذه الشريحة وكيفية تفكيرها.
المشكلة لا تكمن في من انتخب المالكي وحسب وإنما تتعدى للفئات التي لم تنتخبه ايضا، فهم من الضعف بمكان بحيث لا يستطيعون التصدي لهذا الهذيان الحضاري والثقافي اما بسبب قلتهم او ادمانهم على الصمت الذي تعودوا عليه اثناء حكم صدام حسين.
اما بخصوص امكانية تعامل الطرف الكردي مع هذه الشريحة الواسعة في المكون العربي وإيجاد نقاط مشتركة بينهما، فهناك فرق شاسع بين مكون مثل المكون الكردي الذي يتوجه لنهضة بشرية واقتصادية حقيقية، وبين مكون اخر يقحم نفسه في اتون صراعات ومعارك غير شرعية لا طائل منها، وفرق شاسع بين شعب يرتقي لبناء ديمقراطية حقيقية وبين شعب يعمل على ارجاع عقارب الساعة الى الوراء ليصر على العيش تحت حكم ديكتاتوري، وبالتأكيد فهناك فرق شاسع بين شعب بدأ من العدم واخذ يبني مفهوم الانسان داخله، وبين شعب يهدم بقايا الانسان فيه ويدمر كل ما بناه سابقا في عملية تجهيل ممنهجة تعم العراق العربي وتوجهه للعدم.
انس محمود الشيخ مظهر
كردستان العراق – دهوك

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو تراب:

    الفرق كبير بين شعب يخضع لاقلية غاشمة من عشيرة استفردت منذ ربع قرن بمقدرات الاقليم . وكان هذا الاقليم ليس فية سوى ال برزاني ويذكرنا هذا بالانظمه الدكتاتورية الشموليه . رئيس الاقليم برزاني رئيس الوزراء برزاني رئيس جهاز الامن برزاني ابن الرئيس وكل المناصب موزعه على النخبة من عائله البرزاني . حكم يشبهه حكم الخليج . اما الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة فان السلطه باقيه ولن تنتقل لغير ال برزاني . وان قمع الحريات ليس لة مقارنه او تشبيه في اي مكان في العراق فالعراق يشهد حرية وديمقراطي وبامكانك ان تقول ماتشاء في الحكومه او غيرها لكنك اياك وعائله البرزاني .
    اما الصراع الطائفي في العراق العربي فالجميع يعرف مسولية الاحزاب الكرديه في دعم هذا الاقتتال والصراع منذ ان بداء ولحد الان . وان القيادات الكرديه قد استفادت من تهريب النفط الى دول اخرى اضافة الى الحصة من الخزينه المركزيه . ولعب الاستثمار مع الاستقرار دوراً وذلك كون الاقليم قد انفصل عن العراق قبل سقوط الفاشية ١٣ سنه مما مهد لانهاء صراعات بين الاحزاب والجماعات استمرت لسنوات . فاي شعب واي واي وكانما كردستان سويسرا وعرب العراق الصومال .. ماهذه المسخرة وماهذا الهراء

إشترك في قائمتنا البريدية