اعتقالات نشطاء المجتمع المدني وعزلة خارجية مفروضة من واشنطن

حجم الخط
0

اعتقالات نشطاء المجتمع المدني وعزلة خارجية مفروضة من واشنطن

ss2006 في سورية عام تراجع الحريات العامة وتأخر الإصلاحات الداخليةssppدمشق ـ من ثناء الإمام:في تزامن مع تأخر الإصلاحات الموعودة علي الصعيد الداخلي واصلت السلطات السورية حملة اعتقال ناشطي المجتمع المدني، فيما لجأت الي سياسة المؤتمرات علي الساحة الداخلية لمواجهة العزلة الخارجية المفروضة عليها من قبل واشنطن.وفي وقت عزلت فيه الولايات المتحدة بالتعاون مع شركائها الأوروبيين دمشق بشكل شبه تام عن العالم الخارجي نتيجة مقاطعتها دبلوماسيا وسياسيا، واجهت سورية هذه العزلة بتحرك داخلي تجلي في عقد عشرات المؤتمرات.ويقول مراقبون رغم أن هذه السياسة كلفت كثيرا فإن دبلوماسية المؤتمرات تمكنت من تحريك الجمود علي الساحة الداخلية قليلا وكفلت بقاء صوت سورية مسموعا عبر العالم .وفي مطلع العام الحالي بدا الرئيس بشار الأسد الذي ألقي خطبا في عدد من هذه المؤتمرات مصمما علي القيام بخطوات إصلاحية كبيرة فأكد أمام مؤتمر للمحامين العرب أن بلاده تتوجه نحو إلغاء حال الطوارئ وسن قانون للأحزاب .pppومع نهاية العام بدا أن شيئا من هذه الوعود لم يتحقق الأمر الذي يرجح المراقبون أنه يعود للتجاذب بين قوي التشدد والانفتاح في البلاد .وفي وقت لاحق من العام ذاته حمل الرئيس السوري مسؤولية تأخر الإصلاح للأطراف الدولية المؤثرة في الوضع الإقليمي باتجاه دفعه نحو مزيد من التوتر في إشارة مباشرة الي الولايات المتحدة واحتلال العراق.وتعاني البلاد من قانون الطوارئ المفروض عليها منذ العام 1963 حين تسلم حزب البعث السلطة وفرض هذا القانون بموجب حال الحرب مع إسرائيل.ودعا المراقبون الي عدم التفاؤل كثيرا علي صعيد قانون أحزاب منتظر إذ أن الخطوط العامة للقانون كما وضعها البرلمان ستبقي علي الخطوط الحمر في هذا المجال .وأهم هذه الخطوط عدم الترخيص لأحزاب علي أساس ديني أو طائفي أو عرقي ، الأمر الذي لن تنظر له الطوائف المختلفة والإسلاميين والأكراد بعين الرضا.ويعتبر المراقبون أن الجانب الإيجابي في القانون المذكور هو قرار عرضه علي الاستفتاء العام قبل إقراره . وخلافا لوعود الإصلاح فقد ذهبت البلاد باتجاه تشدد أكبر حيال الحريات العامة وحقوق الإنسان علي الرغم من إطلاق سراح خمسة معتقلين من ربيع دمشق مطلع العام ما أثار الكثير من التفاؤل حين ذاك.وأطلقت السلطات سراح الناشطين حبيب عيسي ووليد البني والنائبين رياض سيف ومأمون الحمصي وفواز تللو بعد مرور خمس سنوات علي اعتقالهم ،إلا أنها أبقت علي الاقتصادي عارف دليلة المحكوم بعشر سنوات في السجن.وكان هؤلاء اعتقلوا في العام 2001 في نهاية دراماتيكية رسمتها السلطات الأمنية لما سمي بـ ربيع دمشق الذي ازدهرت فيه حرية التعبير عقب وصول الأسد الابن الي السلطة في تموز (يوليو) العام 2000 .واعتقلت السلطات عشرة من الموقعين علي إعلان بيروت دمشق الذي دعا الي تصحيح العلاقة بين البلدين، وأطلقت لاحقا سراح سبعة منهم بعدما تراجعوا عن موقفهم من الإعلان وأكدوا أن المسودة التي وقعوا علي أساسها تختلف عما نشر .وبقي في السجن ثلاثة ناشطين بارزين ومعروفين حتي علي الساحة الدولية وهم: ميشيل كيلو وأنور البني ومحمود عيسي إلا أن السلطات وجهت لهم خلال التحقيق تهما لا علاقة لها بالإعلان.وقال عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية لـ يونايتد برس أنترناشونال ، هؤلاء يواجهون تهم الانتساب الي منظمات ذات طابع دولي وإثارة النعرات الطائفية ونشر أخبار كاذبة وذم وقدح مؤسسات رسمية وإضعاف الشعور القومي والنيل من هيبة الدولة .وأضاف إن العام الحالي شهد اعتقال القيادي الشيوعي فاتح جاموس ليطلق سراحه بعد خمسة شهور ويحاكم طليقا ،كما تم اعتقال القيادي الشيوعي فائق المير وكذلك القيادي الكردي في حزب يكيتي غير المرخص آلي شيخ .وأشار قربي الي إن العام الحالي شهد اعتقال بعض الصحافيين وأحكاما مفاجئة طالت الناشطين هيثم المالح وحسن عبد العظيم الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي غير المرخص .وتحدث عن اعتقال عشرات الإسلاميين والحكم عليهم بالسجن بتهمة الانتساب الي تيار سلفي أو تكفيري جهادي مثل حزب التحرير الإسلامي المحظور .وقال قربي إن أحكاما بالإعدام صدرت علي ستة من المنتسبين لحزب الأخوان المسلمين المحظور وقد تم تخفيفها الي السجن لمدة 12 عاما .كما منعت السلطات سفر العديد من الناشطين و قمعت التظاهرات وأخرت صدور قانون المطبوعات المعدل وفقا لما وعدت به السلطة التنفيذية كما أنها لم تصدر قانون الأحزاب الذي نوهت به .ومعلوم أن قانون المطبوعات الذي صدر في مطلع القرن الحالي حمل الكثير من العقوبات كالغرامات المالية التي تصل الي 20 ألف دولار والسجن لمدة ثلاث سنوات تحت تهم فضفاضة كالنيل من هيبة الدولة أو إلحاق أذي بعلاقاتها مع دولة صديقة أو شقيقة . ووعدت السلطات بتعديل القانون الذي يكبل الصحافيين إلا أنها لم تقم بذلك.وعلي الرغم من ترحيبه بترخيص عشرات منظمات المجتمع المدني ومنها ما يعني بالمرأة بصفته تطورا إيجابيا فقد اشتكي قربي من أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رفضت الترخيص لمنظمته .وفي ظل ما تسرب عن اجتماعات عقدت بين المعارضة السورية وبعضها داخلية مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية وكذلك مساعي واشنطن لتمويل أطراف في هذه المعارضة بدا أن البلاد ستتعامل بشدة مع هؤلاء كما مع الإسلاميين.وفي الإطار السابق قامت السلطات باعتقال كمال لبواني مجددا نهاية العام المنصرم بعدما وجهت له تهما قاسية بالتخابر مع دولة معادية حسبما أكد قربي.كما أشارت المنظمة السورية لحقوق الإنسان الي أن السلطات اعتقلت عددا كبيرا من الشباب الجامعي بتهمة الانتماء لفكر سلفي تكفيري أو جهادي وهابي .وقال قربي العام الجاري شهد تراجعا عاما في مختلف أنواع الحريات في سورية وقد تعرض العاملون في الشأن العام لأسوأ موجة اعتقالات في فترة حكم الرئيس بشار الأسد منذ إجهاض ربيع دمشق .وواجهت سورية هجمات إرهابية عدة نفذتها تنظيمات تكفيرية كجند الشام وغيرها، وكان أبرزها الهجوم علي السفارة الأمريكية بدمشق بعبوات محضرة محليا.وتمكنت السلطات من إجهاض هذا الهجوم الذي ذهب ضحيته المهاجمون الأربعة ورجل أمن.في هذه الأثناء حاولت سورية أن تثبت بعدها القومي العربي لتزيد من رصيدها في الشارعين العربي والإسلامي.واستقبلت البلاد مئات ألوف اللاجئين إليها فرارا من الحرب الإسرائيلية علي لبنان، ومن تواصل القتل والعنف في العراق بسبب المواجهات مع قوات التحالف.وعلي الرغم من التبعات السلبية لذلك فقد استقبلت سورية نحو نصف مليون لاجئ عراقي وما يعادلهم تقريبا من لبنان.وأمنت سورية للبنانيين خصوصا ملاجئ للإقامة مع الطعام والشراب واللباس .و شكرت الأمم المتحدة سورية علي هذه الخطوة فيما حذرت صحف محلية من التداعيات الاجتماعية السلبية لها.وبالإضافة الي نصف مليون لاجئ فلسطيني يقيمون علي الأراضي السورية فإن سورية تستقبل 10 آلاف لاجئ عراقي يوميا وفقا لمصادر رسمية.وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة إن عدد العراقيين في سورية يصل الي نحو 800 ألف عراقي بينما تستمر حركتهم باتجاه دخول البلاد أو الخروج منها .وحسب المصادر ذاتها فإن سورية سمحت بدخول أكثر من 200 فلسطيني عراقي عالقين علي الحدود بعدما رفض الأردن استقبالهم فيما بقي نحو 375 لاجئا فلسطينيا علي الحدود المشتركة عند معبر التنف الحدودي علي بعد 300 كيلومتر شمال دمشق.وحددت منظمات دولية أعداد اللاجئين في سورية بنصف مليون فلسطيني و5 آلاف موريتاني وصومالي وأفغاني وإيراني وأثيوبي و نحو 800 ألف عراقي .وقد عاد معظم اللبنانيين الذين لجأوا الي سورية بمئات الألوف الي بلادهم بعد نهاية حرب تموز الإسرائيلية علي لبنان .وحذرت د . مني غانم رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة من التبعات الاجتماعية لهذه الحركة ولاسيما في انعكاساتها السلبية علي النساء والأطفال بما في ذلك الدعارة ورفع نسبة تجارة الأعضاء البشرية .وأسفرت موجة اللجوء غير المسبوق الي سورية عن رفع أسعار الشقق بشكل كبير، فيما بدت منطقة السيدة زينب جنوب دمشق وهي مقصد شيعي مكتظة بشكل غير طبيعي نظرا لكون معظم اللاجئين العراقيين واللبنانيين من الشيعة. (يو بي آي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية