خبراء عسكريون: معركة ‘سلافيانسك’ ستحدد مستقبل شرق أوكرانيا

حجم الخط
0

واشنطن ـ ‘القدس العربي’ عواصم ـ وكالات: ستحدد نتيجة المعركة المتوقعة بين القوات الاوكرانية والانفصاليين الروس في بلدة ‘سلافيانسك’ التى يسيطر عليها المتمردون مصير منطقة ‘ دونيتسك’ وربما كل شرق اوكرانيا، ووفقا لمصادر عسكرية أمريكية غير رسمية فان الكرملين اعد خطة من خيارات متعددة ستضمن سيطرة الحركة الانفصالية على الجزء الشرقي من اوكرانيا .
ويعتقد المحللون العسكريون أن روسيا تملك عدة خيارات للانحراط في المعركة المقبلة اذا فشلت الحركة الانفصالية في انهاء النزاع في شرقي اوكرانيا لصالحها من بينها استعداد 11 الف جندي روسي يتمركزون حاليا في ‘ روستوف’ على بعد 40 كيلومترا من الحدود الاوكرانية للعبور باتجاه بلدة ‘ سلافيانسك’ ومنطقة ‘ دونيتسك’ كما تستعد موسكو لارسال قافلة من الدبابات في حالة الضرورة لمواجهة قوة اوكرانية كبيرة تتالف من 15 الف جندي تم نشرهم مطلع الاسبوع الحالي حول البلدة بمساندة 160 دبابة و230 ناقلة جنود و150 قطعة من المدفعية والصورايخ.
كما تملك روسيا خيارا عسكريا يتضمن ارسال طائرات حربية وطائرات هليكوبتر من القاعدة الجوية العملاقة ‘ تسنترالني’ في الساعات الاخيرة للمعركة ولكن هذا الاجراء من شأنه توسيع المشاركة في العملية الى حرب كبرى بين روسيا واوكرانيا، وفي حال حدوث تصعيد خطير فان على موسكو ان تقرر فيما اذا كانت سترمى بوحدات المظليين وقوات التدخل السريع في ارض المعركة وهي القوة المخصصة اصلا للاستعداد بالتدخل في منطقة الشرق الاوسط اذا اقتضت الضرورة ولكن عملها انحرف حاليا باتجاه اوكرانيا .
ويقول خبراء عسكريون امريكيون ان الكرملين لم يقرر بعد غزو اوكرانيا بشكل كامل ووفقا لهؤلاء فان القوة الروسية المتمركزة على الحدود هي اقل من الرقم الذي اعلنته ‘ كييف’ وهو 40 الفا من بينهم 15 الفا من سلاح المدرعات ترافقهم دبابات ‘تي.72. بي’ وشعبة واحدة من المشاة واخرى من المظليين.
ومن شأن الغزو الروسي المحتمل تقسيم البلاد الى مناطق خاضعة للنفوذ الروسي هي الشرق وشبه جزيرة القرم وقطاع تحكمه ادارة موالية للغرب في كييف، وستجد روسيا صعوبة في تقديم اي تدخل لها في العركة المقبلة على انه ‘ حفظ سلام ‘ او عملية ‘ انسانية ‘ وبالنسبة لكييف فان خسارة المعركة ستكون القشة الاخيرة التى تقوض سلطتها المهتزة بالفعل .
ويؤمن الخبراء الامريكيون بأن قدرة الجيش الاوكراني للانتصار على الغزاة الروس او حتى وقف مسارات التدخل تقترب من الصفر ناهيك عن عدم قدرة القوات الاوكرانية على حصار 12 مدينة اوكرانية يسيطر عليها الانفصاليون ويحتلون بناياتها الحكومية، وفي الواقع، تواجه الحكومة في كييف 5 احتمالات كئيبة في حالة الاصطدام العسكري مع الروس اولها واهمها ان الاشتباك العسكري الشامل سيكشف حدود استعداد الولايات المتحدة واوروبا لمساعدتهم ضد القوات الروسية، ومن المرجح ان تلجأ واشنطن مرة ثانية الى التلويح بالعقوبات والادانات بدلا من ارسال قوات لانقاذ اوكرانيا ، وهكذا ستجد الحكومة الاوكرانية نفسها عاجزة عن الدفاع عن نفسها ومجردة من حماية دولية فعالة .
واذا اختارت الحكومة الاوكرانية الدخول في معركة طويلة مع القوات الروسية فهي مضطرة لتأجيل الانتخابات العامة المقرر تنفيذها في 25 تموز/يوليو ، وسيعنى التأخير تقويض استقرار النظام المؤقت في كييف ، وتعلم السلطات الحاكمة جيدا بان ولاء معظم وحداتها العسكرية امر مشكوك فيه مما يفسر سر ارسال 15 الف جندي اوكراني فقط الى مناطق النزاع الحالية من اصل جيش قوامه 150 الف جندي .
وستجد ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما نفسها في ضائقة صعبة حيث لم تنجح التحذيرات المتتالية لموسكو بالتكاليف لفشلها في كبح جماح تقدم الانفصاليين في اوكرانيا اوسحب قواتها بعيدا عن الحدود ومن غير المتوقع ان تنجح واشنطن واوروبا بهذه الوسيلة من مواجهة التحديات السياسية والامنية اذا قامت روسيا بمغامرة جديدة.
ويعتقد المحللون ان التصريحات الاخيرة لاوباما في كوالمبور حول الازمة الاوكرانية تنم عن احباط كبير حيث لم تلتزم روسيا بالاتفاق الذي تم التوصل اليه لوقف تصعيد الصراع كما لمس اوباما خلال محادثاته الهاتفية مع زعماء بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا ترددا من جانبهم حول فرض مزيد من العقوبات على روسيا ، ومن الواضح ان سعي واشنطن لتأسيس حلف قوي ضد روسيا لن يكون وشيكا مما يضع اوباما في خيارات حرجة هي القتال منفردا او التراجع عن اطلاق التهديدات .
إلى ذلك، تشدد الولايات المتحدة، وغالبا الاتحاد الاوروبي، امس الاثنين عقوباتهما على روسيا المتهمة بدعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا الذين يحتجزون منذ ثلاثة ايام مراقبين من منظمة الامن والتعاون في اوروبا.
وامتد الحراك صباح امس الاثنين ليشمل مدينة كوستيانتينفكا، القريبة من دونيتسك، حيث سيطر مسلحون موالون لروسيا على مبنى البلدية، بحسب ما نقل مراسلون.
ووقف قرابة 20 ناشطا بزي مدني من دون شارات امام البلدية ومقر الشرطة لحراستهما. وعمد آخرون الى بناء السواتر في محيط مبنى البلدية حيث رفع علم ‘جمهورية دونيتسك’. ويبلغ عدد سكان كوستيانتينفكا 80 الف نسمة وهي تقع بين سلافيانسك ودونيتسك الخاضعتين ايضا لسيطرة الانفصاليين.
وفي سلافيانسك، معقل الحراك الانفصالي في الشرق الناطق بالروسية، يبقى الوضع متوترا بالرغم من الافراج مساء الاحد عن واحد من 12 من مراقبي منظمة الامن والتعاون في اوروبا.
واشارت متحدثة باسم الانفصاليين ستيلا خوروشيفا في حديث لفرانس برس الى ان ‘المفاوضات مستمرة مع منظمة الامن والتعاون في اوروبا’ من اجل اطلاق سراح الاحد عشر الباقين، وهم سبعة اجانب واربعة اوكرانيين. واوضحت ‘انهم بخير’، لافتة الى احتمال انعقاد مؤتمر صحافي بعد ظهر الاثنين.
وكان زعيم الانفصاليين في سلافيانسك فياتشيسلاف بانوماريف وصف الاحد المراقبين المحتجزين بانهم ‘اسرى حرب’.
ويحتجز الانفصاليون منذ امس الاول الاحد ايضا ثلاثة ضباط اوكرانيين يتهمونهم بالتجسس. ونقل التلفزيون الروسي صورا لثلاثة رجال معصوبي الاعين ومن دون سراويل، قاموا برفع بطاقات هوياتهم امام الكاميرات. وقال احدهم انه يعمل في دائرة مكافحة الارهاب.
والتوتر بين الموالين لروسيا وانصار حكومة كييف ليس محصورا بسلافيانسك، وانما تشهده مدن اخرى مثل دونيتسك وخاركيف حيث تدور حرب اعلامية لا تساهم سوى في اذكاء الازمة.
واستولى المعارضون الاحد على محطة التلفزيون الاقليمية في دونيتسك، من دون ان تتدخل الشرطة لمنعهم.
وفي خاركيف اصيب امس الاثنين رئيس البلدية الموالي لروسيا غوانادي كيرنيس برصاصة في الظهر في اعتداء شنه مجهولون. وهو ‘يخضع الآن لعملية جراحية في الظهر، ويكافح الاطباء من اجل انقاذ حياته’، وفق ما جاء في بيان البلدية.
ويتهم الغربيون روسيا بدعم الانفصاليين وخلق حالة شبيهة بما حصل في شبه جزيرة القرم التي انضمت الى روسيا في اذار/مارس بعد استفتاء لم تعترف به كييف والدول الغربية.
وبالنتيجة يحاول الغرب الضغط على روسيا عبر التلويح بعزلها دوليا. ومن المفترض ان تعلن الولايات المتحدة عن تشديد العقوبات على موسكو، وفق ما صرح الرئيس الأمريكي باراك اوباما خلال تواجده في مانيلا في اطار رحلته الاسيوية.
ومن المفترض ان يعلن سفراء الاتحاد الاوروبي المجتمعون في بروكسل ايضا خلال النهار تشديد العقوبات على روسيا بالتنسيق مع واشنطن.
واوضح اوباما ان العقوبات ستشمل افرادا ومؤسسات وواردات روسيا من معدات عسكرية متطورة. وكان الرئيس الأمريكي شرح الاحد ان الهدف من العقوبات هو ان ‘نفهم روسيا بانه يجب وقف الاعمال الرامية لزعزعة الاستقرار في اوكرانيا’.
وحذر من انه ‘طالما ستستمر روسيا في الاستفزاز بدلا من السعي الى تسوية هذه المسألة سلميا والى نزع فتيل الازمة سيكون هناك عواقب ستزداد حدتها’.
ولا تواجه روسيا حاليا سوى عقوبات أمريكية واوروبية تستهدف مسؤولين كبارا، الا ان المخاوف من فرض مزيد من العقوبات على الاقتصاد الذي يعاني من صعوبات، ادت الى هروب كبير لرؤوس الاموال مما حمل وكالة ستاندارد اند بورز للتصنيف الائتماني الجمعة الى تخفيض علامة روسيا الى ‘ب ب ب’.
وتخشى الدول الغربية من التحركات الروسية على الحدود مع اوكرانيا حيث نشرت موسكو حوالي 40 الفا من قواتها واطلقت منذ عدة ايام مناورات عسكرية.
وحذر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاحد من مخاطر حدوث ‘انزلاق عواقبه غير محسوبة’ في اوكرانيا ووجه نداء ‘لخفض التصعيد’ خصوصا للروس ومؤيدي روسيا.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أنه تم ليل أول أمس، احتجاز 13 محتجاً موالياً لروسيا في مدينة خاركوف بشرق البلاد.
وقال المكتب الصحافي للوزارة في خاركوف أمس الإثنين، إنه تم احتجاز 13 شخصا من أنصار فدرلة أوكرانيا في المدينة الليلة الماضية.
وأضاف أن النشطاء قاموا في ميدان الحرية في المدينة ‘ببناء خيام بشكل غير شرعي، بالإضافة إلى بناء حواجز من الأخشاب والرمال وإشعال النار’.
وكان المئات من سكان المدينة احتشدوا الأحد في الميدان المركزي للمدينة مطالبين بإجراء استفتاء بشأن فدرلة أوكرانيا، معربين عن تضامنهم مع المناطق الأخرى بجنوب شرق البلاد التي تعارض السلطات الحالية في كييف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية