الاردن: صحوة ‘النزاهة’ تصطدم بتراثيات التلاعب… انحياز حلفاء النظام للصدام مع الحكومة وسؤال خطير يتجول بين النخب: هل نحن جاهزون لانتخابات نظيفة؟

حجم الخط
0

بسام البدارين:عمان ـ ‘القدس العربي’ المساحة الحرجة جدا في الازمة الداخلية التي يثيرها ملف الطعون بالانتخابات الاردنية المقبلة تكمن في ان تداعيات وتفاعلات هذه الازمة تبرهن مجددا على صعوبة ثم كلفة ‘تمرير’ منظومة نزاهة ادارية حقيقية لتعديل او لتصويب اوضاع ووقائع ومصالح نخبوية وبيروقراطية قائمة منذ عقود وتمتاز باستغلال هوامش الديمقراطية والانتخابات اكثر مما تعكس قرارا استراتيجيا حقيقيا بالانفتاح السياسي ، لذلك تعكس التفاصيل المعقدة والمثيرة لمسألة الطعون ابتداء من قبولها اداريا بقرار سياسي على نطاق واسع وانتهاء بنتائج ذلك مرورا بالاشتباكات التي تفرضها على رموز اللعبة السياسية في البلاد… تعكس هذه الحيثيات خارطة توقعات مربكة اولا ومفتوحة ثانيا على كل احتمالات الفوضى التي لن تكون خلاقة هذه المرة.وما فعلته حكومة الرئيس سمير الرفاعي ببساطة هنا انها قررت بتقديرها فعلا تطبيق معايير النزاهة القانونية والاخلاقية في التعامل مع ملف الطعون بسجلات الناخبين.. وكان ذلك من القرارات النادرة بطبيعة الحال لم يصدقها احد في البداية ـ نقصد الحكومة – وتحديدا من المعنيين بلعبة الانتخابات لكن عندما فعلت وانتهى الامر بقبول ما يقارب 170 الف طعن اداريا عمت الفوضى اوصال الخارطة الانتخابية بعدما ضربت قصة الطعون على الاوتار الحساسة لما كان يحصل في الماضي بسجلات الناخبين.والسبب في ذلك ان قبول هذا العدد الهائل من الطعون ثم تعديل سجلات الناخبين على اساس ذلك انتهى بخارطة ناخبين مختلفة تماما عن تلك التي حكمت التجربة في اخر ثلاث او اربع انتخابات عامة مما اربك غالبية المرشحين وادخل الجميع في واقع ديمغرافي مختلف تماما يتطلب حسابات جديدة وقبل الانتخابات بأسابيع قليلة. وخطوة النزاهة هذه التي لم يظهر بعد ما اذا كانت قرارا سياسيا مدروسا ام تعبيرا عن ضعف في ادارة العملية كما يرى المتضررون خلطت الاوراق وسببت صداعا من المرجح انه لم يكن محسوبا للحكومة. لكن الاهم انها وكما يرى الباحث المتخصص باستطلاعات الناخبين احمد علي الزين عملية ادارية سياسية بامتياز اصبحت في مواجهة صدامية مع سلسلة طويلة من ‘التلاعبات’التي كانت تحصل في الماضي في آليات الطعون وسجلات الناخبين وتحشيد اصوات المقترعين، وبالتالي في مواجهة تراث متراكم من عمليات الاحتيال السياسية الاجرائية الذكية على الديمقراطية والانتخابات ومعايير النزاهة.هذا الصدام نتيجته السريعة لم تقف عند حدود مراكمة المزيد من الاتهامات للحكومة خصوصا من قبل حلفاء النظام والمؤسسة التقليديين من الطراز الذي خدم بكفاءة ايام الحكومات العرفية ثم تصدر المشهد وبمزايدة لا يمكن ان تحصل الا في الحالة الاردنية تحت ستار ما يسمى بالتحول الديمقراطي عام 1989.التداعيات تجاوزت المشهد الذي يقف فيه ‘لعيبة الانتخابات’ المحسوبون على المؤسسة الرسمية منذ عقدين في الخندق المقابل لاجراءات الطعون الحكومية الى مشهد اكثر ايلاما يتموضع حول السؤال الخطير التالي الذي طرحه امام ‘القدس العربي’ نائب ووزير سابق: هل تعتقد حكومة الرفاعي حقا انها تستطيع الاطاحة بتراثيات التلاعب التي اسست واقعا موضوعيا من الخطورة بمكان العبث فيه؟.نفس الشخصية السياسية البارزة استنسخت سؤالا فرعيا: هل نحن جاهزون حقا على المستوى العام للعبة النزاهة الجديدة؟.. واذا كنا كذلك فماذا سنفعل بمؤسسة متجذرة في وعي الواقع والمواطن منذ عقود تحت مسمى لعبة الانتخابات وليس الانتخابات حقا؟.المثير اكثر ان الايام المعدودة التي اتيحت للمتضررين من آليات اجراءات الطعون في سجلات الناخبين دفعت هؤلاء واغلبهم من الخبراء جدا بالنسخة الاردنية من الديمقراطية الانتخابية لتهديد صحوة النزاهة المفاجئة بأدوات ومقترحات وافكار تسقط قصة الانتخابات من جذرها او تشاغب عليها بكفاءة تفوق كفاءة المعارضة.ليس فقط لان المتضرر هنا يعرف تماما وبدقة ما كان يجري طوال عقود في حدود لعبة الانتخابات ولكن ايضا لان وزارة الداخلية وهي تطبق معايير النزاهة العصرية في مرحلة الطعون قدمت ‘ذخيرة حية’ من الاخطاء والاجتهادات غير المفهومة يمكن استخدامها وبكفاءة ايضا لنسف مصداقية خطاب النزاهة برمته اعلاميا وسياسيا والاخطر قانونيا وقضائيا كما يتصور بعض الاركان.والاكثر حساسية برأي ركن برلماني بارز يفضل عدم ذكر اسمه الآن هو ان هذه الذخيرة قد يكون من النوع الذي ستتفاجأ به الحكومة والاخطر من النوع الذي سيعني ضمنيا التشكيك ‘بشرعية’ كل ما جرى في مساحة الانتخابات منذ عام 89 وليس فقط ما جرى في انتخابات 2007 التي بسببها المباشر قرر فريق الحكم الحالي ‘التطرف’ قليلا في مسألة النزاهة لزحزحة صورة فظائع وفضائح 2007 ولو نسبيا من ذاكرة المواطن الاردني والسفارات الاجنبية.وليس سرا هنا ان حكومة الرفاعي تستمع على نحو او اخر لكل ذلك ولا تخشى المفاجآت، فـ’القدس العربي’ سمعت رئيسها مباشرة يتحدث عن قطار الانتخابات النزيهة الذي سيمضي مهما كانت الكلفة قبل ان تستمع للناطق الحكومي باسم الانتخابات سميح المعايطة وهو يقترح على من يشعرون بأن طعون السجلات تؤذيهم او لا تتميز بالعدالة اللجوء للقضاء بدلا من الخطابة ضد الانتخابات والنزاهة والادارة والحكومة في المقاهي او في مساحات الاعلام.الرفاعي وفي مجالساته الجانبية يشير الى ان التوجيهات لحكومته لا تتعلق بانتخابات نزيهة قدر الامكان او فيها ما يتيسر من النظافة او معقولة بل بانتخابات نزيهة وشفافة في كل تفاصيلها واجراءاتها وبشكل لا لبس فيه، والمعايطة قال لـ’القدس العربي’ كل مراحل العملية الانتخابية تنفذ بمنتهى الحرص وفي اطار القانون ووفقا للجدول الزمني ومعايير الدقة، ثم المح الى ان الالتزام بالقانون ومتطلبات النزاهة ينطوي على كلفة، مشيرا الى ان الحكومة تتوقعها على شكل ضجيج لن يعطل المسيرة. لكن مقابل ذلك احوال بعض المرشحين وحتى كبارهم في حالة غليان سياسية بعد كشف النقاب عن مناقلات ‘غير طبيعية’ كانت تجري لقيود الناخبين وسجلاتهم في السنوات السابقة وتنطوي ضمنيا على تلاعب بارادة الناس.qarqpt

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية