تطوير محطات الكهرباء في مصر يحتاج مليارات الدولارات مع إقتراب صيف ساخن

حجم الخط
0

القاهرة – رويترز: قالت مسؤولة كبيرة في وزارة الكهرباء المصرية ان بلادها تحتاج إلى إستثمار ما لا يقل عن أربعة مليارات دولار في محطات الكهرباء المتهالكة، ما يبرز تحديا رئيسيا إضافيا للرئيس الجديد الذي سيتسلم مهامه في وقت تواجه فيه البلاد إحتمال تفاقم مشكلة إنقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف.
والطاقة قضية تتسم بحساسية خاصة في مصر، حيث أضحى إنقطاع الكهرباء أمرا معتادا حتى في العاصمة القاهرة. كما كانت سببا في تصاعد المعارضة للرئيس الإسلامي محمد مرسي قبل الإطاحة به في يوليو/تموز الماضي.
ويعزو البعض الأزمة لنقص إمدادات الغاز. إلا أن صباح محمد مشإلى، الوكيلة الاُولى في وزارة الكهرباء والطاقة لشؤون تطوير الأداء والإتصال السياسي، ترى ان الأولوية ينبغي أن تكون لتحديث الشبكة. وقالت في مقابلة جرت أمس ‘لا توجد لدينا طاقة (فائضة). نحن نغطي الطلب فحسب.’
وأضافت أن وجود طاقة فائضة ضروري لسد أي نقص مفاجئ للإنتاج، بسبب حوادث أو أعمال صيانة، في 52 محطة توليد كهرباء في مصر تعمل معظمها بالغاز، وأكثر من ربعها يتجاوز عمره 20 عاما.
وقالت مشإلى ان تحديث هذه المحطات وبناء محطات جديدة سيتكلف ‘ما لا يقل عن أربعة أو خمسة مليارات دولار’ ومليارات إضافية لزيادة طاقة إنتاج الشبكة.
وتجري إنتخابات الرئاسة في مصر الشهر المقبل، ويتوقع أن يفوز فيها بسهولة قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي على منافسه الوحيد إلىساري حمدين صباحي. ورغم أن أنصار السيسي يرونه صاحب لمسه سحرية، إلا أنه لا يوجد حل فوري للحالة المتداعية لشبكة الكهرباء، وهي مثال صارخ على سوء الإدارة الذي عانت منه البلاد لعشرات السنوات.
وتعجز الشبكة المتهالكة التي تديرها الدولة عن تلبية الطلب سريع النمو على الكهرباء في بلد يقطنه 85 مليون نسمة. وتفاقمت أزمة نقص الغاز في السنوات الأخيرة اذ لا يكفي الإنتاج المحلي الآخذ في التناقص لتلبية الطلب المحلي وإلتزامات التصدير.
ويرتفع إستهلاك الكهرباء في الصيف، إذ تعمل أجهزة التكييف في المنازل ليل نهار. غير أن نقص الغاز تسبب في إنقطاع التيار حتى في الشتاء هذا العام لأول مرة منذ عقود.
وقد يتسبب إستخدام أنواع وقود بديلة مثل زيت الوقود (المازوت) في تعرض محطات الكهرباء لأضرار. وقالت مشإلى ‘(إضطرنا) نقص الغاز لتأجيل صيانة بعض المحطات، وأضحى الوضع أكثر تعقيدا.’
ويُخشى أن تصل الأزمة إلى ذروتها في شهري يوليو/تموز واُغسطس/آب عندما تصل حرارة الصيف إلى أقصى مستوياتها.
وتتجه الحكومة المؤقتة، مثل سابقاتها، إلى حلول قصيرة الأجل، وتحث المواطنين على ترشيد الإستهلاك، وتتفاوض مع دول خليجية صديقة لإستيراد منتجات النفط بشروط ميسرة.
وعلى عكس الحال في العام الماضي لن تساعد قطر الحكومة المصرية الحالية بإمدادات إضافية من الغاز الطبيعي المسال. وكانت قطر متعاطفة مع مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، ولكنها توقفت عند دعم مصر منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب.
ويقول مسؤولون ان المستثمرين من القطاع الخاص يعزفون عن تمويل تطوير إنتاج الغاز وزيادته في غياب إصلاح نظام دعم الوقود، الذي يتسبب في هدر كبير لموارد الدولة.
وليس هناك من يرغب في بناء طاقة جديدة لتوليد الكهرباء لتباع بأقل من تكلفة الإنتاج. كما أن الأسعار المنخفضة بشكل مصطنع لا تعطي المصريين حافزا يذكر لترشيد الإستهلاك.
وسعر الكهرباء للإستهلاك المنزلي بين خمسة قروش و67 قرشا لكل كيلووات/ساعة في مصر (بين سنت أمريكي واحد و10 سنتات) بينما يبلغ في الولايات المتحدة بين ثمانية و37 سنتا حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وقالت مشإلى إن ثمة حاجة لإستثمارات خاصة لتحديث الشبكة، ولكنها حذرت من أن هذا لن يحدث حتى تقلص الحكومة دعم الوقود الذي يستنزف 20 في المئة من ميزانية الدولة. وأضافت ‘حين يرفع الدعم ستأتي الشركات على الفور.’
غير أن بعض الخبراء يشككون في ذلك. وقال ينز زيمرمان، محلل الطاقة في الشرق الأوسط في شركة ‘وود ماكنزي’ الإستشارية ‘لماذا يتعهد مستثمر من القطاع خاص ببناء محطة تعمل بالغاز، إذا لم يكن بوسع الحكومة ضمان إمدادات وقود مستقرة، وعجزت المحطة عن العمل بالطاقة المزمعة.’
وقالت مشإلى انه ينبغي خصخصة قطاع الكهرباء في نهاية المطاف بما يتماشى مع الإتجاه العالمي.
وتقول وزارة الكهرباء المصرية ان طاقة شبكة الكهرباء ستقترب من 34 ألف ميغاوات هذا الصيف، بشرط الإنتهاء من أعمال الصيانة في عدة محطات في الوقت المقرر، وبدء تشغيل ثلاث محطات جديدة.
وتقول الوزارة إن هذا يتيح تغطية آمنة لذروة الطلب في الصيف، حين يصل إلى 28 ألف ميغاوات.
لكن خبراء يبدون شكوكا تجاه هذه التوقعات، إذ يقول جاستن دارغين من جامعة اُوكسفورد البريطانية ان متوسط كفاءة تشغيل محطات الكهرباء في مصر بين 80 و85 في المئة، مضيفا أن العجز الفعلي سيصل إلى بين أربعة وخمسة آلاف ميغاوات في يوليو/تموز بعد إحتساب الفاقد عند التوزيع.
وذكر أن هذا العجز الكبير لن يؤدي إلى إنقطاع الكهرباء لفترات طويلة فحسب، بل سيضغط بشدة على شبكة الكهرباء المركزية وحالتها بائسة بالفعل. وأضاف ‘مصر تدفع الآن ثمن النقص المزمن للإستثمارات وإهمال شبكة الكهرباء المركزية.’
(الدولاريساوي 6.9902 جنيه مصري).

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية