العقاب بالانتخاب… لا بالانقلاب!!

لنستعد قليلا أجواء الامتحانات أيام الثانوي!! الورقة التي وزعها الأستاذ تقول : ضع المفردات المناسبة في الفراغات الموجودة بين قوسين حتى يصبح للفقرة التالية معنى واضح ومنسجم:
على الصعيد الداخلي التزم (…) بوعود لم يتمكن من تنفيذها و ذلك ليس في حملته الانتخابية للرئاسة بل أيضا خلال رئاسته. بدأ عهده بحملة انتخابية تحت عنوان (…) إلا أنه تراجع لاحقا عن ذلك. تبخرت وعود (…) مع المصاعب الاقتصادية التي واجهها. إضافة إلى ذلك أدرك الشعب (…) أن الرئيس (…) الذي لم يمتلك خبرة سابقة في منصب وزاري ارتكب أخطاء عدة في الإدارة. وافتقد فريق عمله التنظيم الصارم والرؤية العميقة والاستراتيجية الواضحة. وقدم (…) إلى الجمهور (…) صورة أعطت انطباعا عن قلة تنظيم وفوضى. راكم (…) الأخطاء ومن بينها اختياره حكومة موسعة معظم وزرائها غير معروفين وعلى رأسهم رئيس الوزراء (…)
بالتأكيد أن أغلبكم، إن لم يكن جميعكم، اعتبر النص متحدثا عن مصر فوضع إسم محمد مرسي على أنه هو الرئيس المقصود، وكذلك أدرج اسم رئيس وزرائه هشام قنديل في آخره. فعلا النص بات مستقيما الآن. ولكن ما رأيكم لو صاح الأستاذ فينا خانقا بعد ذلك: لا الجواب غلط في غلط!!… الشخص المقصود هو الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند بعد الانتخابات البلدية الأخيرة التي مني فيها حزبه الاشتراكي بهزيمة قاسية والفقرة ما هي إلا مقتطفات من مقال للصحافية رندة تقي الدين مراسلة جريدة االحياةب اللندنية في باريس نشر الخميس الماضي تحت عنوان: لماذا عاقب الفرنسيون اولاند؟
ما سبق من أخطاء الرئيس اولاند قد يكون الرئيس مرسي ارتكب ما يشبهها أو ما هو أفدح منها، لكن الرجل في النهاية لم يـُــمهل حتى يعاقب في انتخابات مقبلة. أراد الغاضبون منه ومن جماعته، أو ارتضوا أو سمحوا، أن يقع اختصار كل شيء بضربة واحدة هي الانقلاب العسكري. اعتقدوا أن ذلك، متى ما حظي برضى قطاعات واسعة من الشعب ونخبته ورموزه الدينية، كفيل بقطع الطريق على منغـّـصات وتعقيدات هم في غنى عنها مع أنه كان حريّـا بنا أن نشرع في تدريب أنفسنا على تقبل قاعدة ذهبية سبـّـب تجاهلنا لها لعقود في مآس لا حدود لها. تقول هذه القاعدة التي اهتدت لها شعوب كثيرة، بعد دروس تاريخية قاسية ودموية، أن لا أحد يأتي إلى دفة الحكم إلا إذا جاء به الناس بمحض إرادتهم المعبر عنها بصناديق الاقتراع، ولا شيء غيرها، وألا يغادره إلا إذا نبذته نفس هذه الصناديق بعد سنوات معلومة للجميع. لا أحد ينقـــضّ على الحكم غصبا ولا أحد يُــخلع منه غصبا طالما أنه جاء بانتخابات حرة نزيهة، لا مشبوهة ولا مزورة. قد يجدد الناس الثقة في من سبق أن انتخبوه لأن حصيلته إيجابية في الجملة وقد يسحبون منه هذه الثقة لأنه باختصار خيب آمالهم. أحيانا قد يجدون له الأعذار فيمنحونه فرصة أخرى علـّــه يتدارك ما فات لكن قد يبلغ بهم الاستياء أن يطيحوا به بلا رحمة.
أضاع المصريون هذه الفرصة فدخلوا متاهة لا أحد يعلم منتهاها، فيما يستعد التونسيون لانتخاباتهم قبل نهاية هذا العام وكذلك اليمنيون والليبيون. وإذا لم يخرج من هذا الربيع العربي في هذه الدول شيء سوى هذا الاحتكام الصادق لإرادة الناس… فقد أزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رضوان الشيخ ‏‎(SWEDEN)‎:

    تحية خالصة لك استاذ كريشان
    مقال رآئع

  2. يقول احمد العادل:

    المقارنة غير موفقه ..لا يمكن ان نقارن مصر بديموقراطية عريقة كفرنسا…رغم انه حصل ذات يوم في فرنسا ان تم رفض نتائج الانتخابات عندما فاز اليمين!!! وان لم يكن الرفض بنفس الحال كما حصل في مصر…ما اود قوله ان الفريق الذي فاز في مصر ايام مرسي اثار الشكوك بسياساته واجراءاته وقرارته التي كان واضحا منها انه يعمل على تمكين نفسه لخمسمائة عام قادمة حتى لو لم اقيمت الف انتخابات…التفاصيل كلنا نعرفها؟..لا داع للغوض فيها…كل الاحترام للاعلامي الكبير كريشان

    1. يقول Adel:

      ما هي هذه التفاصيل فلا احد يعرف التفاصيل ونريدها بالارقام

  3. يقول أمازيغي:

    أنا أعيش في فرنسا لم يتم رفض اليمين بل أن اليمين المتطرف فاز بمدن كثيرة وقال أنه لن يسمح بالوجبات الحلال في مدارس المدن التي فازوا بها,هنا لا إنقلاب الكل يحترم إرادة الناخبيين,

  4. يقول فلسطيني من الفدس:

    سيد كريشان كم تمنيت ان تكتب هذا المقال عندما قامت حماس بالانقلاب وما زالت ترفض الاحتكام لصندوق الانتخابات…

إشترك في قائمتنا البريدية