الفصل السابع عصا موسى في اليمن

حجم الخط
1

المتابع للأحداث في اليمن عبر التاريخ القديم والحديث من خلال قراءة صفحات الصراعات والنزاعات التي قامت بين الدويلات فيه وفي بعض الاحيان داخل الدولة الواحدة بين الافراد والجماعات يجد ان معظم هذه الصراعات تنتهي الى حلول او تدخل خارجي لتكون بمثابة المخلص لليمن من الازمات التي تعصف به .
فالملك الحميري سيف بن ذي يزن لم يجد بدا من التخلص من الاحباش سوى الاستعانة بالفرس، حيث وجد في هذا الحل مكمن القوة الذي سيساعده على الصمود امام احتلال لا يقوى على مقاومته بعد ان فشل في حشد جبهات الداخل للوقوف امام المحتل، كذلك في التاريخ اليمني الحديث وفي حقبة الدويلات التي تعاقبت على حكم اليمن فسنجد الكثير من الامثلة والشواهد التاريخية وعلى سبيل المثال لا الحصر استعانة دولة الائمة الزيدية بالمماليك لدحر الدولة الطاهرية بعد ان فشلوا في التوسع وذهبوا لمناطق شمال اليمن الى ان تم القضاء على الدولة الطاهرية وقيام الدولة الزيدية على انقاضها، والى يومنا فقد توسع هذا المفهوم واصبحت معظم المكونات السياسية في اليمن تعمل على تنفيذ اجندة خارجية من خلال تلقيها الدعم المالي او السياسي وهذا ما جعل المكونات السياسية في مؤتمر الحوار تفتقر الى التوافق وذلك يعود الى ان لكل من المتحاورين اجندته الخاصة والتي يسعى الى تنفيذها .
في الاونة الاخيرة سعت الدول الراعية للمبادرة الخليجية لردم هوة الخلافات بين الفئات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بالرغم من ان معظم هذه المكونات حديثة العهد فأنه لم يتم تجاهل اية فئة حتى يصبح مؤتمر الحوار الوطني الشامل بمعناه الحقيقي شاملا وممثلا لكل فئات ومكونات الشعب اليمني، وجد المجتمع الدولي ان هناك العديد من المكونات التي تشارك على طاولة الحوار ولديها فعليا اجندة اخرى على الارض تختلف تمام الاختلاف عن ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني، لذلك اصبح هذا التوافق لا معنى له دون ان تكون هناك عقوبات رادعة لمن تسول له نفسه اللعب على طاولة الحوار لمجرد شراء الوقت واضفاء الشرعية لمكونه السياسي او الحزبي او الديني من خلال تواجد ممثلي الحزب او الجماعة كاعضاء في مؤتمر الحوار .
من خلال ما تقدم نجد ان الحل اليمني من خلال مؤتمر الحوار الوطني فشل في الوصول باليمن الى بر الامان ولا بد من حل او تدخل خارجي كما جرت العادة، وفعلا ادرك المجتمع الدولي ان الحوار اصبح ضربا من العبث ونتائجه ستذهب ادراج الرياح اذا ما تركت للمتصارعين لتصبح حبرا على ورق ولا بد من التدخل لضبط قواعد اللعبة للوصول الى نتائج ايجابية، وفعلا ومن خلال وضع اليمن تحت الفصل السابع اصبحت لعبة الديمقراطية والحوار اهدافا تسعى للوصول اليها وايضا من خلال وضع بعض معرقلي التسوية جانبا ورفع البطاقات الصفراء والتلويح بالحمراء في وجوه معرقلي التسوية السياسية في اليمن. ففي الايام الماضية تم تداول الاخبار عن اعتزال الرئيس علي سالم البيض العمل السياسي وهو الذي يعتبر احد معرقلي التسوية الســــياسية في اليمن، فيما يبدو ان الامم المتحدة رفعت البطاقة الصفراء في وجه هذا الرجل حتى قرر الاعتزال على ان يرى البطاقة الحمراء المتمثـــلة في عقوبات تصل الى تجميد الاموال ومنع السفر كما جاء في بيان عقده مجلس الامن بخصوص الاوضاع في اليمن، واتمنى وهذه امنية الكثير من اليمنيين ان يتم رفع هذه البطاقات في وجه المعرقلين الاخرين حتى يستطيع اليمن الوصول الى بر الامان باسهل او اقصر الطرق كلفة وجهدا .
اخيرا رسالة الى كل من يعتبر وضع اليمن تحت الفصل السابع احتلالا او وصـــاية، يجب ان يدركوا ان بقاء اليمــــن على ماهو عليه من صراعات بين مكوناته سيجعل من حال اليمن واليمنيين اسوء بكثير مماهو عليه، فوضع اليمن تحت البند السابع يأتي بمثابة عصا موسى التي كنا نفتــــقدها لتحقق لنا معجزة التوافق بعيدا عن اماني اعداء التوافق وهذا ما كان ينتظره ابناء الشــعب اليمني بفارغ الصبر، ايضا سيكون هذا القرار كجسر للعبور الى اليمن الجديد الذي يتطلع ابناؤه للنهوض به واعادته الى مكانته التاريخية المرموقة .

محمد الصراري – الولايات المتحدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو حلمي من عدن:

    ليس دفاعا عن الرئيس علي سالم البيض، ولكن، إنصافا للحق، يوجد أيضا غيره ممن رفعت عليهم البطاقة الحمراء مثل الرئيس المعزول علي عبدالله صالح! وهناك التجمع القبلي في حاشد والحوثيون كذلك، قد رفعت عليهم البطاقة الصفراء، وكما أعتقد، ستأتي عليهم الحمراء!!

إشترك في قائمتنا البريدية