أطفال جنوب السودان… عندما يكون الموت أهون من قسوة الحياة

حجم الخط
0

جوبا- من إيمان نصار- إبراهيم صالح: عندما يكون الموت أهون لأطفال جنوب السودان من لهيب الحياة القاسية، فـبسحقاً’ كما يقولون لـبحياة تذل طفولتهم وتحرق أجسادهم’.
جنوب السودان الملتهبة أرضه بنيران فوهة بنادق ومدافع قوات حكومية وأخرى مناوئة، بعد نحو سنتين ونيف على ولادة انفصاله عن الشمال، تُظهر الصور المرفقة التي التقطتها عدسة مصور وكالة الأناضول خلال زيارته لأحد مخيمات اللجوء في مدينة غامبيلا، غربي إثيوبيا، أطفالا بدوا وكأن أجسادهم تحكي قصتهم مع االبؤس والحرمانب الذي خلفته رحى الحرب في بلادهم.
أطفالٌ تقرأ على جباههم ووجوههم التي عشعشت عليها حشرات الذباب، ‘لو أن الحياة خوف وألم وحرمان هكذا فالموت أهون’.
ومدينة غامبيلا المحاذية لجنوب السودان، يوجد فيها 4 مخيمات للاجئي جنوب السودان،هي: ابونجيدوب الذي يضم حوالي 41000 لاجئ، وبكوليب وهو الأحدث ويبعد حوالي 40 كيلو متراً عن مدينة غامبيلا، ويضم 25000 لاجئ، ويستقبل النازحين من ولايات الوحدة (شمالي جنوب السودان)، وأعالي النيل (جنوب)، وجونغلي (شرق)، ومعظمهم من الرعاة والمزارعين من قبيلة النوير.
إلى جانب مخيم انينجانغب الذي يبعد حوالي 160 كيلو متراً عن غامبيلا، ويعبر اللاجئون إليه عن طريق معبر ابوربي امن ولاية أعالي النيل، ويضم 15000 لاجئ، ومخيم اباغاكب الذي يضم 25 ألف لاجئ، يبعد حوالي 100 كيلو متر عن غامبيلا، ويعتبر نقطة معسكر رئيسي للاستقبال المؤقت يتم فيه تسجيل اللاجئين، ويستقبل هذا المعسكر يومياً أكثر من 1000 نازح حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
ويعبر اللاجئون إلى إثيوبيا من 4 معابر حدودية هي: أكوبو، وباغاك، وبوربي، وبوشولا.
في مخيم اباغاكب الذي يقطنه نحو 25 ألف لاجئ من أصل أكثر من 80 ألفا تستقبلهم إثيوبيا، رأينا الأطفال والحرمان يلاحقهم في مأواهم وملهاهم، والجوع في مأكلهم، والعطش في مشربهم، والبؤس في وجوههم، والخوف في أعينهم، مشاهد بدت وكأنها صفحات من الألم ستُحفر في ذاكرة هؤلاء اضحايا وحوش البشر’، صفحات وكأنها ستذكّرهم بأن حياتهم اقطعت على نفسها عهداً أن تهتك ستر براءتهم’.
وبينما كان هؤلاء الأطفال يفترشون الأرض الحارقة، ويلعبون بنار تلتهب تحت كسرة هزيلة من الطعام، لسان حالهم يقول إن اأسيادهمب من طرفي الصراع ينعمون في المقابل بالحياة في قصور وفنادق محلية وفي دول مجاورة، ويفترشون الأسّرة في أجنحة يُمنع فيها على البعوض حتى إزعاجهم. فهنا طفل لم يتجاوز الـ 8 من عمره، يحاول أن يكسر طوق مأساته بعد حرمانه من أبوين قتلا في الحرب الدائرة في بلاده منذ منتصف كانون /ديسمبرالماضي، يحاول جاهداً إشعال النار تحت صفيحة زيت أعدّها كآنية للطعام.
وطفلة أخرى لم تتجاوز هي الأخرى السن العمرية نفسها، أجبرتها قساوة الزمن على إيقاد نار لا تعرف ماذا ستطهو فيها سوى حفنة من القمح أو الأرز التي تأتيهم كمساعدات من بعض المنظمات الدولية أو الخيرية المحلية.
كنت أريد أن أتحدث إلى هذا الطفل ابن الخامسة من العمر، لكن حشرات الذباب التي أخذت من تقاسيم وجهه عشاً لها، حالت دون ذلك، فبدا وهو ينظر إلى كاميرا الأناضول وكأنه يتوسل من أجل السماح لهذه الحشرات الرحيل عنه.
وغير بعيد عن هؤلاء، نساء وفتيات، يتحركنّ هنا وهناك، أنهكتهنّ الطوابير الطويلة للحصول على لقمة عيش لا تتجاوز حفنة قمح، أو القليل من الزيت، يتحملنّ فيها ضراوة المحن.
في حلقة دائرية، جلسنَ يحملنّ أطفالهن في أحضان افتقدت لطمأنينة أردنّ أن يمنحنها لهم، تقول إحداهنّ، فضلت عدم ذكر اسمها، إن حياتهن اباتت في غاية البؤسب.
وعلى الطرف الآخر من المعسكر، طفل ينتظر رحمة المولى أمام البرد القارص، لتصبح كل هذه المشاهد تحكي وتعكس مستوى المعاناة التي فقد فيها الإنسان اآدميته’، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا جنى أطراف الصراع من الحرب؟ وماذا سيحل بهؤلاء المشردين إن طال أمد هذه الحرب.
وتقدر الجهات الرسمية الإثيوبية عدد اللاجئين من جنوب السودان والمتواجدين على أراضيها بأكثر من 100 ألف لاجئ، يتوزعون على مخيمين اثنين، في وقت يبلغ فيه عدد النازحين يومياً إلى البلاد نحو 100 لاجئ يومياً. وبحسب إحصاءات حكومية في إثيوبيا، فإن نسبة 90′ من هؤلاء اللاجئين السودانيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وتحدثت إحصاءات أممية في وقت سابق، عن ما يقرب من 740 ألف شخص من المشردين موجودون داخل جنوب السودان، وما يقرب من 200 ألف آخرين لجأوا إلى البلدان المجاورة.
وفي حديث قال المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، والذي كانت ترافقه المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، أرتارين كازين، خلال زيارة إلى معسكرات اللاجئين السودانيين بإثيوبيا، الأسبوع الماضي، إن :ب الوضع مأساوي، وخاصة مع غياب الأمل لإيقاف هذه المعاناة (في إشارة منه إلى تعثر المفاوضات بين طرفي الصراع)ب. لكنه استدرك قائلاً: ‘نتوقع حدوث معجزة واختراق، لإنجاح الوساطة المستمرة بأديس أبابا وإلا ستحدث كارثة إنسانية’.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية