احذروا التدخل في سوريا

حجم الخط
0

إنه أمر لا يصدق، لكن المؤسسة الاسرائيلية ما زالت تؤمن بعد ثلاث سنوات حرب اهلية في سوريا و145 ألف قتيل بأن سوريا هي الاسد ولهذا وجه العقاب على عملية الحدود الى قواعد للجيش السوري. لكن الواقع في مقابل ذلك مختلف لأن الاسد يسيطر على خُمس الدولة تقريبا. ولم يعد أكثر حدودنا تحت سيطرته بل تحت سيطرة المتمردين على اختلاف انواعهم واكثرهم مجاهدون سنيون. ويفترض أن تعرف اسرائيل ذلك لأنها تقدم مساعدة طبية لهؤلاء المتمردين.
أفادت وسائل الاعلام أن الذي يقف وراء العملية هو حزب الله الذي انتقم من القصف الاسرائيلي عليه في ظاهر الامر لكن حزب الله كالنظام السوري ايضا مشغول الى ما فوق رأسه بالقتال في عمق سوريا. وليست حدود اسرائيل منطقة حزب الله بل منطقة متمردين سلفيين يُفرحهم أن يمسكوا بمقاتلي حزب الله الشيعة بين ظهرانيهم.
من الذي ينفذ العمليات عند الحدود اذا؟ تمت الاشارة الخفية الى ذلك في الاسبوع الماضي حينما تحملت المنظمة السلفية السنية الكبيرة ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام’ مسؤولية عن عملية مشابهة في مثلث الحدود في مزارع شبعا برغم أن اسرائيل زعمت آنذاك أن الحديث عن حزب الله.
اجل إن الارض السورية في هضبة الجولان اصبحت مليئة بقوات مخربين سلفيين سنيين. ويبلغ عددهم في سوريا كلها عشرات الآلاف وما زالوا يكثرون. ولما كانت حدود سوريا مخترقة نحو العراق ولبنان وتركيا وبعض الحدود الاردنية فان آلاف السنيين ينضمون الى المعارك في كل يوم واكثرهم من دول عربية. فقد اصبحت هذه دولة سنية جهادية من بغداد الى جدارنا الحدودي في الجولان. وقد كانت هذه القوات مشغولة الى اليوم بحربها لجيش النظام لكنها أخذت تستولي رويدا رويدا على اراض اخرى وتتفرغ لاسرائيل.
اذا كان الامر كذلك فان اسرائيل ربما توجه إصبع الاتهام الى الطرف غير الصحيح. فالمنظمة السنية السلفية المقربة من القاعدة هي أكبر عدو لحزب الله. فلماذا نتهم الشيعة؟ لأنه ما زالت توجد قدرة على ردع حزب الله أو جيش الاسد لكن ردع السلفيين صفر. وهذه هي الحال في سيناء وفي البحر الاحمر وفي قطاع غزة حيث نضغط على حماس لتصد الجهاديين. ولهذا فكل من يحلمون بأن يكون الاسد شريكا في السلام أو في حل مع الفلسطينيين يمنع سيطرة المتطرفين يلعبون بـ ‘يُخيل إلي’ ببساطة.
إن الخطر الاكبر هو أن يفضي تعريف العدو الخاطيء الى ضرر. فاذا أدرك المجاهدون السنيون مثلا أن اسرائيل ترد على عملياتهم، بتوجيه الضرب الى الاسد فسيزيدون فيها فقط كي يضروا بالاسد وستجد اسرائيل نفسها مجذوبة الى حرب ليست لها، وهذا مسار تدريجي.
لا أحد يقف ويعلن قائلا ‘نحن نتدخل في سوريا’، لكن هذه هي النتيجة وبهذا نخسر التأثير الاستراتيجي الاهم في تاريخنا وهو البرهنة على أن اسرائيل ليست المشكلة في الشرق الاوسط المشغول بحرب عربية واسلامية داخلية، وأن الصراع معنا هامشي إن لم يكن مختلقا.
لهذا فان أفضل نصيحة هي الدفاع عن الحدود بقدر المستطاع لكن مع الحفاظ على ابتعاد عن المستنقع السوري. وأن يتم وقف العلاج الطبي المحرج لمئات المتمردين السوريين الذين قد يكون عدد منهم بين المخربين عند الحدود، فورا، لأنه لا أحد سيشكرنا على هذا العلاج الذي لا داعي له. منحت الولايات المتحدة الاردن الآن مليار دولار للعناية بالسوريين فليتفضلوا اذا بأخذ جرحاهم الى هناك.
يسهل البحث عن انجازات تكتيكية والدفع عنها باضرار استراتيجية، وقد كنا في مثل هذه الحال في لبنان. فالذي بدأ بنوايا طيبة انتهى آخر الامر الى جيل ضائع 18 سنة مع ألف جندي قتيل. فيجب علينا أن نستمر على اعلان حياد في الحرب السورية وأن نتمسك بذلك حتى لو وقعت تحرشات ايضا. إن اسرائيل ليست المشكلة وليست السبب وليست الحل في سوريا.

يديعوت مقال افتتاحي 20/3/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية