قناة الجزيرة : عشر سنين من الحضور في زمن الغياب!

حجم الخط
0

قناة الجزيرة : عشر سنين من الحضور في زمن الغياب!

فؤاد ابوحجلةقناة الجزيرة : عشر سنين من الحضور في زمن الغياب!جرت العادة ان نصحو من النوم، وبما ان الموت لم يطرق بابنا ليلتها، فاننا نصحو، وتبدأ أحاسيسنا، وأفكارنا بالتمدد والانفلاش، نصحو صحوا وئيدا ونترجم هذا الصحو الي حركات اعتدنا عليها من كثرة ترددها وتكرارها، كمثل تنظيف الاسنان، او التوجه الي غلاية القهوة بعقل وقلب وسنان!! او حتي فرك اذن المذياع أو جهاز التلفـــزيون بحثا عن خبر يأتي من عدة ِ اقطار او قطر!! ها انا اعترف وبجــرة قلم انني من انصار الجزيرة، اذ ورغم انني في طور الصحو من نومي البارد المتردد، يكون اللاشعور قد رتـب لي اجندة يومي الذي عادة ما يبدا بذلك الالتقاء الدافئ بيني وبين تلك القـناة، اهب لسماع الاخبار، والتقارير عبر مذيعيها ومراسليها، واتشرب وجبتي الاولي من الفواجع (في الاغلب)، وابتسم حزنا في نفسي قائلا ها هي قد قالت ما وددت قوله، فهل انا إمعة؟!! ولو طرحنا السؤال بشكل مختلف بصيغة: هل يحتاج المواطن العربي لِمن يفكـر عنه، ويقرر نيابة عنه؟ ويعبر عن مكنون افكاره ويتبني مواقفه، فجوابي الشخصي هو نعـــم! ولكن قبل ان ابـــــصم علي بياض! لاي جهة او دولة كانت او حزب، او نائب مستقل، او مذياع او قنــاة اخبار، او حتي فنان، اديب او شاعر يتوجب علي كمواطن ان استشف درجة التوافق بيني وبين هذه الجهة، وهل تستحق هذه الجهة نيل ثقتي العمياء؟! (منْ يأبه بثقة المواطن في زمننا هذا؟).هذا السؤال يحتاج لفعل حقيقي، ومواقف، وغزل خفي بين الفرد وجهة التاثير، ومن ثم يتم التوافق والقبول، مثل الخطبة والزواج بالضبط، حيث لا زواج بالاكراه في زمن العولمة والديمقراطية والشرق الاوسط الجديد!!، وحتي ولو كان الخاطب ود المواطن العربي ذو شعر اشقر وشديد الوسامة، او غنيا يتهاطل الذهب اللامع والذهب الاسود من جيوبه فلا مكان للموافقة الا بالتوافق، والاقناع، والقناعة، اما زواج المصالح، المبني علي المادة، وامور الدنيا الفانية فانه الي طلاق بائن بينونة كبري مهما استطال عمر الزمن، وسينقلب الي شكوك وظنون فكراهية وحقد وربما حرب لا تبقي ولا تذر.هذا هو حال الاذن العربية التي تسمع، والعين التي تري، والعقل الذي يتأمل ويتدبر، ومن ثم يجيز للآخر فِعْل التحكـم في شؤونه وخياراته، مثل كل الشعوب علي هذه البسيطة منذ بدء الخليقة، وبناء علي معطيات وظروف كـــل عصر وحين، منذ النواة الاولي للمجتمـــع (الأسرة، حيث الأب هو الآمر الناهي) في الغالب، حتي لا تثور المراة العربية علي اطلاقية هذه الجــــــملة!، وحين يشب الفرد ويكتمل عقد تفكيــــــره يحتكم لرايه الشخصي وما احتلب من التجارب، وربما انقلب علي عباءة ابيه وعقاله بما امتلك من اسس معرفـــية وفكرية مغايرة، وربما انقلب علي المجتمع بما راي من عيوب، او انقلب هو واقرانه علي خـروقات الفــــئة الحاكمة، حدث هذا قديما علي يد الانبياء والرسل، وحدث في متوسط الزمن، ويحدث كلما استفحل الظلم، وفسدتْ الحياة، وتاه الاتجاه!ربما عرجنا علي امور غاية في البداهة فكان التذكير، فلا ريب اننا نعاني من فقدان البوصلة، وغياب الحكمة، وانعدام الحرية، فغدت ابسط الامور في اعيننا رموزا وطلاسم، ولا بد لهذه الرموز من جزيرة او جزر لحرية التفكير والتعبير، ووضع الامور في نصابها حتي يستعيد المواطن العربي ثقته بالاشياء من حوله، ويدرك ان هناك من يبتغي له الخير، وينحو به نحو بر الامان، من باب انه لا يستطيع وحده فهم الظواهر وتفكيكها، واستنباط الراي الذي يشبهه عقلا وروحا .وبما ان قناة الجزيرة قد استحقت هذه الثقة عن وعي وادراك من طرف المواطن العربي من المحيط الي الخليج، وعن تجربة وصراع مرير لهذه القناة مع العالم اجمع، سعيا وراء الخبر، والراي والراي الآخر، وكابدت الكثير ادارة ومراسلين، وتقنيين وعاملين في كل التخصصات، واحدثت ثورة فعلية، وحِراكا حقيقيا في بنية الاعلام العربي وحتي الاسلامي، بحثا عن الكلمة الصادقة نسبيا، والموقف الذي يكمل المشهد امام العين والذي تترجمه العين عقليا واخلاقيا الي موقف مجتمعي وعالمي ضد الظلم والفساد وسعيا الي انسانية الانسان.اليس من حق هذه القناة علينا بعد عشر سنين سِمان، أثرت فيها شعورنا وافكارنا، واربكت وخلخلت وثنية الفكر الآخر، وحطمت اصنامه، ورمت الفأس عينه بين ذراعيه قائلة لكل وسائط الاعلام العالمية، والامريكية علي وجه الخصوص اسالوه عن ما إقترفت يداه ان كان ينطق؟!، اليس من حقها ان تسمع كلمة اطراء وهي الانثي طاغية الحضور في عالم من الذكور والصواريخ العابرة للقارات ؟!كاتب من فلسطين يقيم في باريس[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية