الدورة الخامسة والعشرون لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة

حجم الخط
7

حضرت بعض جلسات الدورة الخامسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان. جلسات كلها كلام في كلام. للقراء ان يتخيلوا أكثر من مئة متحدث مع وفودهم يتحدثون ويتداولون الأوضاع المتعلقة بحقـــوق الإنسان في بلادهم.
هذه هي الوفود الرسمية، وهناك وفود اخرى غير رسمية، بعضها يدعم الوفود الرسمية وبعضها ضد نظم الحكم في بلدانهم. يمكن ان نقول انها مكلمة من الدرجة الأولى. ولكنها اجتماعات مخيفة تستفيد منها الدول صاحبة المصالح في تهديد دول أخرى بانها تنتهك حقوق الإنسان، حتى ترضخ لها وتحقق مصالحها ومطامعها.هناك تكتلات أيضاً في هذه الاجتماعات ليست بالضرورة في مصلحة قضية حقوق الإنسان.
هناك الى جانب الجلسات العامة جلسات جانبـــــية لها أهمية خاصة، لانها تكون أكثر صراحة ووضوحا ويشارك فيها من لا يستطيع ان يشارك في الجلسات العامة. حضرت يوم الأربعاء الماضي جلسة من تلك الجلسات الجانبية مع الوفد المصري، الذي يمثل بعض منظمات المجتمع المدني في مصر.
كانت تلك المناسبة مخصصة لمناقشة الفرص والتحديات التي تواجه مصر في خريطة الطريق لتعزيز الديمقراطية وتوفير المجال المناسب لتحقيق آمال وطموحات الشعب، كذلك لضمان ان تحقق مصر كامل الحريات واحترام حقوق الإنسان وان تكون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معبرة عن آمال الشعب.
ذكرت في كلمتي الصعوبات التي تواجه مصر في هذا الوقت الحرج من تاريخها، خصوصا المعركة مع الإرهاب والتطرف وانتهاكات حقوق الإنسان، حتى لو كانت قليلة، حيث ان نقطة حبر واحدة تفسد أي ثوب ناصع البياض. انا لا استطيع ان اخالف قراءتي للواقع بعد ان عشت في المنفى ثلاثا وعشرين سنة، أجرب فيها الظلم والفساد والدكتاتورية التي سادت مصر عدة عقود في عهد مبارك وكذلك العشوائية التي سادت حكم مرسي والإخوان وتهميش مصر لصالح أهل الثقة.
حاولت ان اشرح للسادة الحضور من أقطار عديدة الذين يرصدون أوضاع حقوق الإنسان بكل دقة ماذا جرى ويجري في مصر منذ ثورة يناير/كانون الثاني، وماذا جرى في مصر إيضا حتى تحدث ثورة يونيو/حزيران. كانت الثورة الأولى للتحرر من قبضة الاستبداد والظلم والفساد وتجريف الوطن، ولم يكن هناك خلاف كبير في ذلك. تمتع الشعب بحريات واسعة لأول مرة في التاريخ المعاصر على الأقل. تكونت أحزاب لم تكن تحلم بذلك، وكان آخر ما تتمناه المشاركة لا المغالبة.
في عصر مرسي تمتع الشعب بالحريات التي اكتسبها بالثورة الأولى، ولكن الحكم اقتصر على أهل الثقة فقط، مما اغضب الشعب الذي يريد ان يشارك في الحكم ويًحقق أهداف الثورة الأولى، وهي العيش والحريات والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. لم تتحقق تلك الأهداف للأسف الشديد، بسبب إطلاق سراح بعض المفسدين أيام حكم مبارك وكذلك عجز رجال مرسي عن إدارة الدولة بشكل سليم.
الشعب المصري العظيم الذي انهى أسطورة مبارك لم يعد يتحمل عجزا أو فسادا في الإدارات الجديدة، ومن ثم رأينا تغييرا في الآونة الأخيرة، رغم ان الانتخابات الرئاسية على الأبواب. قلت للحضور لقد عجزت حكومة مرسي والإخوان عن قراءة الواقع الواضح قراءة صحيحة.
نظروا الى حركة ‘تمرد’ على أنها زوبعة في فنجان، وبعدما وقعت قالوا انها فوتوشوب، وهذه هي الغلطة الفظيعة التي وقعت فيها مندوبة الاخوان في الندوة، فضلا عن السلوك الفوضوي الذي اضطر الحضور لإخراجها من الندوة. عرضت في الندوة شريحة عن كلمات التحالف في اعتصام رابعة وعن بعض الجرائم، مثل إلقاء شاب في الإسكندرية من أعلى السطح، فأنكرت سمية على مندوبة الإسلاميين ذلك وزعمت ان الجيش هو الذي فعل ذلك. هنا غضب الحضور غضبا شديدا وأجبروها على الخروج من الندوة.
سلوك مشين. لم تكن ثورة يونيو زوبعة في فنجان، كما يزعمون، ولكنها غيرت كل الموازين. اليوم مصر على أبواب انتخابات رئاسية قريبا وهذا هو الاستحقاق الأول بعد افضل دستور أعدته مصر في حياتها الدستورية. ينتظر المصريون خصوصا الأحزاب السياسية والشخصيات العامة الاستحقاق الثاني، وهو الانتخابات البرلمانية، حيث سيكون التنافس اشد من الرئاسية. لماذا يخسر الإسلاميون قضاياهم حتى عندما كانوا في السلطة. سوءال يجب ان يسأله الإسلاميون لأنفسهم حتى لا يستمر الفشل. هنا نقطتان مهمتان، الأولى ان يقرؤوا الواقع قراءة صحيحة، وهذه المهمة لها رجالها والمختصون في هذا المجال من دون تزييف ولا ضغط من القيادة، ويحتاج هذا أيضاً الى شجاعة الاعتراف بالخطأ. اما الأمر الأكثر أهمية في نظري فهو فك الارتباط مع الجماعات المتشددة، حيث لم يعد يجدي التنصل من آثار العنف والإرهاب بعد ان أشار الى توقفه فورا البلتاجي من على منصة رابعة، إذا عاد مرسي الى الحكم . ثانيا الاعتراف بالواقع والبعد عن الأحلام، والبعد عن اتهام الأبرياء، كان خطأ السيدة التي جاءت من فرنسا لتدافع عن الإسلاميين، وهذا حقها، أنها أنكرت حتى كلمات عاصم عبد الماجد والبلتاجي وصفوت حجازي على المنصة، ونسبت كل الجرائم الى الجيش. لم يعد الناس يتحملون الكذب. لقد نجح الإرهاب في أفغانستان، ونجح كذلك في العراق، ونجح في تدمير سوريا لصالح إسرائيل، وإذا نجح في مصر لا قدر الله-سينجح في أي مكان آخر في العالم. كما ان الاستعانة بالمجتمع الدولي أو تدويل القضايا الوطنية نوع من الخيانة للاوطان، وكذلك استعداء دول خارجية على الوطن.
لقد عشت في المنفى23 سنة نحارب الفساد والظلم والتجريف ولم يخطر على بالنا ان نستعين بالمتشددين لمواجهة النظام، ولا بالدول الأجنبية. على المجتمع الدولي ان يدرك خطورة الإرهاب اليوم في مصر، حتى لا يعاني منه في المستقبل، وعلى الذين يثقون اليوم في أمريكا ان يدركوا ان أمريكا لم تدم لاحد في تاريخها، وان المتغطي بأمريكا عريان، فما بال القوم يتوسلون بأمريكا واذرعها. اسئلة تحتاج الى وقفات صادقة مع النفس وتحتاج الى أجوبة دقيقة.
كاتب مصري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول اسماعيل الجزائر:

    {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}

  2. يقول المحمودي:

    واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آيلتنا فانسلخ منها:::

  3. يقول عزيز:

    باسم كلمات قيلت فوق منصة رابعة لا تلزم قانونا إلا أصحابها برروا قتل الالاف من الابرياء
    سحل و ضرب وصولا إلى التحرش و الاغتصاب النساء و الفتيات
    حرق السجناء في سيارة الترحيلات
    معاملة السجناء أسوأ معاملة أي القتل البطيء
    قمع الأصوات المعارضة وقد أكد لنا الكاتب نمودجا كما حدث في الندوة التي ذكرها
    تدمير الاقثصاد المصري عبر رجال مبارك و أزلامهم الجدد
    الضحك على ملايين المرضى عبر ادعاء اكتشاف جهاز يعالج فيروس بالكفتة
    ………………….
    ……………
    …………………
    ………………
    كل هذه الأفعال الجرامية و غيرها كثير التي ارتكبتموها في حق الشعب المصري تجعل كل عاقل
    يعمل ألف حساب أمام الله و الشعب
    اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة

  4. يقول ملاحظ:

    ما رأي المعلقين الكرام في ما قاله الكاتب من أن قادة الإخوان تركوا الشباب وحدهم في ساحات التظاهر و هربوا إلى السجون؟؟

  5. يقول salem elgumati:

    لا داعي يا هلباوى أن تشرح ماذا حدث فكل العالم شاهد الاحداث مباشرة بدون تلوين او زيادة اونقصان.. وفيديوات الجرائم التي ارتكبها العسكر والبلطاجية مثبتة بالصوت والصورة، وأنا استغرب كيف جريدة محترمة كالقدس تنشر لكاتب يداه ملطخات بدماء الابرياء، يناصر ويبررما ارتكبه المجرمون من قتل وتعذيب.

  6. يقول منصور السعيد الجزائر:

    يا دكتور شرحت ليهم كمان كيف يمكن للجرافات ان تجرف جثث البشر في مصر لازم تعلمهم دروس خصوصيه بليييز كيف انهم يحرقون الجثث للبشر في مصر لدرجه التفحم والله شارون لم يعملها

  7. يقول Ali:

    ليس الميت من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء

إشترك في قائمتنا البريدية