الرَّحالون الروس والمسجد الأموي وجبل الزيتون وشنق يهودا

حجم الخط
2

تاريخياً، لا تذكر السجلات الروسية القديمة رحلات حج هامة إلى الأراضي المقدسة، منذ رحلة المطران الروسي دوبرينين، صاحب كتاب (الحاج) الذي قدَّم وصفاً ممتعاً لعاصمة بيزنطة، أقامَ فيها أربعة أعوام (1200-1204) قبل أن ينهبها الصليبيون، وحتى منتصف القرن الرابع عشر الميلادي، بل ساد انقطاع تام امتد إلى قرن ونصف القرن، نتيجة الغزو المغولي- التتري لأراضي روسيا وبعض بلدان المشرق العربي، واحتلال الصليبيين بيزنطة ونهبها. وكل ما تذكره السجلات، في هذه المرحلة، لا يتعدى أخباراً متفرقةً عن بعثات دينية محدودة زارت القسطنطينية وكانت تتصل أغلبها بتعيين أو تكريم مطران الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. ونذكر من الحجاج والرحالين الذين أمّوا الأرض المقدسة؛ القس غريغوري من نوفغورود، ومع أنًّه ذكر رحلته إلى (الأرض المقدسة) في رسالة (فردوس الأرض)، إلا إنًّه تجنب تدوين أحداثها ووقائعها. ويمكن أن يُنسب إلى هذا الجيل الرَّحال ستيبان الذي زار القسطنطينية بصحبة صديق له عام (1350م). وما يُميز كتاباته عمَن سبقه مِن الرًّحالين والحجاج أنّه لم يبد اهتماماً كبيراً بوصف الأماكن المقدسة، بل أشد ما أثار انتباهه هو المعالم العمرانية لعاصمة بيزنطة وحماماتها وأسواقها. إذ وصف بدقة وبراعة عالية، روائع المدينة وكنوز حضارة ذلك الزمان. وأُعجب الرَّحال ستيبان بالمرفأ الداخلي للعاصمة والأسطول البيزنطي.
وفي سبعينات القرن الرابع عشر تناول الحاج إغريفين، في مدونته عن رحلة طويلة زار خلالها القسطنطينية والإسكندرية والقاهرة والقدس والرملة ودمشق وأنطاكيا، موضوعات لم يتطرق لها رحالون ومبعوثون سبقوه إلى الشرق الأدنى. وفيها حاد عن وصف المدن، ونقل معلومات مفيدة عن الحياة الزراعية والتجارية في البلاد التي مر بها: (في قبرص سكر كثير. والرملة قرية كبيرة، التجارة فيها نشطة.وفي الجليل تنمو الحنطة والشعير بين أشجار اللوز والزيتون. وفي الخليل ينتج العرب كميات كبيرة من الزجاج. وفي الأردن تنمو الخضار والفاكهة بكثرة منها: تفاحة الفردوس والبطيخ والسكر). وذكر الحاج الروسي إغريفين أن رحلته من القدس إلى الإسكندرية استغرقت (21) يوما؛(من القدس إلى غزة ثلاثة أيام، ومن غزة إلى ياقبط اثنا عشر يوماً، ومن ياقبط إلى الإسكندرية ستة أيام).

تجارة دمشق ومصابيح القاهرة
وما يميز رحلة الراهب فارسونوفي، من مدينة كييف، أنَّها إحدى أولى (الحجات) الروسية الشهيرة إلى سيناء وفلسطين وسوريا (1461-1462). وبدت تسجيلاته أكثر واقعية وصدقاً في التعبير عما صادفه وما تأثر به، لاسيما وأنه لم يكتبها لغرض دعائي. وتعلو أهمية هذا الأثر التاريخي في تلك التفاصيل الدقيقة التي لا نجدها في مذكرات الرَّحالين الروس الذين سبقوه إلى الشرق الأدنى. وفي ستينات القرن الخامس عشر قطع الرَّحال والتاجر الشهير فاسيلي آسيا الصغرى وزار سوريا وفلسطين، ووصل في كانون أول عام (1465م) إلى مدينة القاهرة، بعد أن مر بحلب وحمص ودمشق والرملة وغزة، فأصبح الأول من بين الروس الذين سلكوا مثل هذا الطريق لبلوغ الأراضي المقدسة ووادي النيل.وأثناء جولاته في ديار العرب التي استغرقت ثمانية أشهر، سجل الرَّحال فاسيلي معلومات قيمة عن مواقع المدن العربية وعمرانها وأسوارها وتحصينها وأنهارها ونظم الري والحمامات والأسواق والخانات وسكان البلاد وعاداتهم ومعتقداتهم.وكتب عن حلب ودمشق والقاهرة يقول؛(حلب كبيرة لدرجة يمكن مشاهدتها من بعد كبير.أما دمشق ففيها تجارة نشطة.ومدينة القاهرة كبيرة جداً جداً وفيها آلاف الشوارع والزقاق التي تضيئها المصابيح الزيتية وتحيط بها آلاف مؤلفه من الدور).

مسقط وعيد الفصح والخيول العربية
وتعد كتابات الرَّحال أفاناسي نيكيتين وثائق جغرافية-تاريخية ممتعة مشبعة بالمعارف والوقائع والمشاهد التي كتبت بلغة القرن الخامس عشر.ويتضح من إطلاعنا على نص مدونة نيكيتين والخريطة التي رسمها لمسار رحلته أنه سلك طريقاً طويلاً جداً وغير اعتيادي لذاك الزمان.وفي تجواله في أقاصي البحار والبقاع بلغ الهند بعد أن مر ببلاد فارس ومضيق هرمز عابراً ثلاثة بحار هي: بحر قزوين والبحر الأسود و(بحر) الهند. وكان التاجر نيكيتين الأول بين الروس والأوروبيين الذين بلغوا هذه المناطق النائية.لهذا يكتسب مؤلفه (تجوال وراء ثلاثة بحار) أهمية فائقة لما ضمه من انطباعات وأحاديث عن بلدان وأقوام زارها وتعرف على أديانها وأعرافها ولدى عودته من الهند، عبر إفريقيا، و(بعد اثنا عشر يوماً من الإبحار أرست السفينة في ميناء مسقط العربي، وهنا احتفل الروسي نيكيتين بعيد الفصح عام (1472). ويُذكر أن نيكيتين اشترى أحد الخيول العربية، عندما مر بمضيق هرمز، ونقله على الباخرة إلى الهند.وتشير المصادر إلى أن نيكيتين وصل إلى كالكوتا الهندية بعد أن قوض البرتغاليون تجارتها مع البلدان الإسلامية.، ونشير هنا إلى جولات الرَّحال والتاجر فاسيلي غاغارا التي دامت ثلاثة أعوام(1634-1637)، وزار خلالها القسطنطينية وديار بكر وأرفة وحماه وحلب وحمص ودمشق ونابلس والقدس وغزة والقاهرة والإسكندرية.وفي مدونته، ذات الأهمية الكبيرة في أدب الرحلة الروسي، تطرق غاغارا إلى غوطة دمشق وفواكهها التي (لا مثيل لها في العالم كله). وأعطى وصفاً دقيقاً للطريق التي سلكها إلى وادي النيل ومصاعبها، وطريقة إنتاج السكر في مصر، وسواها من الأمور التي استرعت انتباهه.

الأسلحة النارية ومعارك الفرسان
وفي النصف الثاني من القرن السابع عشر، تحدث مؤلف عسكري مجهول، في مخطوطة (وصف الإمبراطورية العثمانية) عن رحلة طويلة قطع إثناءها مناطق شاسعة في أوروبا والشرق الأدنى وشمال إفريقيا، استغرقت أكثر من خمسة أعوام.زار خلالها القسطنطينية وحلب ودمشق والموصل وبغداد وبيروت ويافا والقدس وغزة والإسكندرية وأبي قير وطرابلس وتونس والجزائر وغيرها من المدن العربية.وللأهمية نذكر هنا تعليق ناشر (وصف الإمبراطورية العثمانية) الذي قال عام (1890)؛ (في ذلك العهد لم يقطع أوروبي أخر مثل هذه المسافة الشاسعة في الإمبراطورية التركية ولم يلاحظ كل هذه الخصائص فيها كما فعل مؤلفنا.وكرجل عسكري جلبت انتباهه قضايا هامة لم تجلب انتباه الرَّحالين الآخرين). وتحدث صاحب الوصف بشيءٍ من التفصيل عن (خصائص) العرب الحربية و(خشيتهم من الأسلحة النارية) وتفننهم في معارك الفرسان. وأورد معلومات دقيقة عن مواقع الجبال والأنهار والسهول والبوادي وعن أسوار المدن العربية وقلاعها ومداخلها وتحصينها وتسليح بعضها بالمدافع وخلو البعض الآخر منها.

المسجد الأموي وجبل لبنان وقلاع يافا
ويقدم عصر القيصر بطرس الكبير كوكبة جديدة من الرًّحالين والحجاج والمبعوثين الروس إلى الأراضي المقدسة.ويستفاد من مؤلفاتهم أن نفراً منهم سجلوا أوائل القرن الثامن عشر تفاصيل أحداث رحلاتهم وما داهمهم من أخطار، كالراهب إيبولت فيشينسكي الذي أدى فريضة الحج في فلسطين وسيناء عام (1708) والقسيس إغناتيّف وشقيقه الراهب ستيبان اللذين كانا في عداد الإرسالية الروسية إلى القسطنطينية وفلسطين عام (1708).
وفي الربع الثاني من القرن نفسه قام الرَّحال والقس الأوكراني فاسيلي بارسكي بتدوين ورسم مشاهداته وانطباعاته خلال رحلة طويلة دامت عشرين عاما ً(1724-1744)، زار خلالها شرق أوروبا واليونان وقبرص وتركيا ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان. هذا وظلت مخطوطة الرًّحال بارسكي طوال أربعين عاماً محفوظة في صحائف حتى جرى طبع الجزء الأول منها في عام (1778) بأمر من الأمير بوتيومكين. وتخبرنا المصادر أن (رحلات بارسكي) تمتعت بنجاح باهر في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر.إذ جرى طباعتها حتى عام(1819)ست مرات. وكانت الإضافة النفسية إلى (الرحلات) هي (137) رسماً صانها الزمن بريشة الرَّحال بارسكي نفسه، وفيها أبدى موهبة فنان بارع. وبإمكان المرء أن يعثر على صور مثيرة لمعالم مدن وأطلال وجبال وربوع فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومشاهد من نهر الأردن وأغواره، وعمران مدن الرشيد والقاهرة والإسكندرية و(إبرة كليوباترة) و(عمود بومبي)، ودمشق ومعالمها الطبيعية والدينية والفلكلورية، وبصورة خاصة المسجد الأموي وقلاع المدينة وأسواقها وحماماتها الشعبية، ومدن لبنان؛ بيروت وصيدا وصور وجبل لبنان وقلاع ومرافئ البلاد. ووصف الحاج بارسكي مدينة يافا الفلسطينية ومعالمها العمرانية قائلاً: (مدينة يافا ليست كبيرة ولكنها كثيفة العمران تنقسم مبانيها إلى صنفين: الصنف الأول رائع الشكل والتركيب وهو من قطع حجرية مربعة الشكل. أما الصنف الثاني فمن الحجر الخام، أبيض اللون وهو ليس جميلاً مثل الصنف الأول مع أن عملية بنائه تبدو أبسط وأريح، السقوف لا ترتفع فوق المباني كما هو معروف في البلدان الأخرى لذلك تبدو البيوت وكأنها غير مسقوفة. ويبدو السقف جميلاً مستوياً وهو أفضل بكثير من السقوف المماثلة عند بناء العنابر في بلادنا).وقال الرَّحال بارسكي عن ميناء يافا العريق: (منذ القدم اشتهرت المدينة وميناؤها.. وتزورها السفن من فرنسا وبريطانيا وتركيا ودول قريبة أخرى. بعض السفن تحمل البضاعة والأخرى تنقل الحجاج المتوجهين إلى القدس). وفي يافا (قلعتان فيها كثير من المدافع للرد على المعتدين. ولديها كل ما هو ضروري لتصبح أجمل وأطيب مما هي الآن لو بذل البناة المهرة جهداً أكبر من أجل ذلك، وإن كانوا قد أنجزوا بعض الشيء).

عناق المقدسيين وعذاب الروح
وأشار الرَّحال بارسكي، في مؤلفه إلى ضريبة الحج التي يدفعها حجاج بيت المقدس ومجالات صرفها والانتفاع بها: (كان باشا يافا يفرض على كل واحد من الحجاج ضريبة نقداً وبالمقابل يسلمه ورقة مخطوطة ومختومة تسمح بمغادرة المدينة..، ومع ذلك لا بد أن يعلم كل مسافر بأن الضريبة تفرض من الباشا عمدة المدينة لتدبير الحراسة ومصاحبة الحجاج في سفرهم إلى القدس والضريبة ليست مرتفعة، لأنها تؤمن بلوغ الحجاج مقاصدهم بسلامة). وعند وصول التقي بارسكي القدس الشريف بلغت رحلته البحرية والبرية المحفوفة بالمخاطر والصعاب مقصدها السامي. أما كيف استقبله والحجاج أهالي بيت المقدس فهذا جزء مما سجله؛ (لقد نزلنا إلى المدينة من تل غير مرتفع ومررنا ببساتين الزيتون، فاستقبلنا ورحب بنا عند مشارف المدينة طائفة من رجال الدين المسيحي وغيرهم من بسطاء الناس، فصافحونا وعانقونا وقبلونا، ورحبوا بنا بسرور، وما إن اقتربنا من جدران المدينة حتى نسينا كافة أمراضنا وعذابنا الروحي وتوجهنا بصلواتنا إلى ربنا الذي مكننا من الوصول إلى الغاية المنشودة).

جبل الزيتون وأشجاره العريقة
ومن قمّة جبل الزيتون وصف الحاج بارسكي مدينة القدس، التي ظهرت بوضوح قائلاً؛ (وصلنا إلى قمة جبل الزيتون، وشاهدنا مدينة القدس الجميلة الرائعة التي ظهرت بوضوح، وكأنها على راحة اليد، وظهر بوضوح خاص هيكل سليمان والمباني الشاهقة وسور المدينة والكثير من البيوت المبنية على جبل الزيتون، بما في ذلك المسجد الذي يصلي فيه المسلمون والكثير من بساتين الزيتون المحيطة بسفح الجبل.). وقدم القس بارسكي وصفاً رائعاً لجبل الزيتون المقدس وأشجاره العريقة الضاربة عميقاً في التأريخ، وذكر أن سبب تسمية الجبل بجبل الزيتون يعود إلى كثرة أشجار الزيتون، وجدير بالذكر (أن بعض أشجار الزيتون تدهش المرء بحجمها، فهي قديمة لدرجة أنها كانت موجودة في أيام سيدنا المسيح، وبقيت سالمة حتى أيامنا هذه، بل وتثمر في بعض الأحيان، إن رؤيتها لأمر رائع ولا يمكن نسيانها). وإثناء حديثه عن سور مدينة القدس وبواباتها الست كتب الرَّحال بارسكي في مؤلفه يقول: (إن سور مدينة القدس مبني من الحجارة الكبيرة المنحوتة بلا إتقان. وشكل البوابة جميل وهي مزخرفة بكتابات تركية، وأبوابها حديدية. وفي القدس ست بوابات كبيرة وبوابتان صغيرتان، وبوابة داوّد هي الرئيسية وتقع في القسم الغربي من المدينة بالقرب من قصر الملك داوّد، وتدعى البوابة الثانية بوابة صهيون لأنها بنيت على جبل صهيون، أما البوابة الثالثة فتحمل اسم جتسيماني لأنها تقع أمام قرية جتسيماني وتطل على الشرق باتجاه جبل الزيتون، وتدعى البوابة الرابعة بوابة وارخ). ومن بوابات مدينة القدس ينتقل الحاج بارسكي إلى وصف دور العبادة المسيحية من كنائس وأديرة زارها وصلّى فيها، وفي بعضها أدى مراسيم الأعياد الدينية التي تصادفت خلال وجوده في القدس الشريف. ففي كنيسة القيامة شهد مراسيم الاحتفاء بذكرى (كرامة الرسول يعقوب) وفي دير القديس ديميتري شارك في مراسيم عيد الشهيد القديس ديميتري حيث (أقام الأسقف صلاة رائعة، وكانت الكنيسة مزينة بمصابيح فضية. والكنيسة صغيرة لكنها جميلة). وعن كنيسة الدير النسائي قال: (إن كنيسة الدير صغيرة وبسيطة وتخلو من القبة، والكنيسة جميلة من الداخل، وفيها كثير من المصابيح الفضية(.

بيت لحم من الأرثوذكسية إلى الكاثوليكية
وينقل التقي بارسكي في مدونته قصة وسبب اعتناق أهالي بيت لحم الكاثوليكية بعد أن كانوا أرثوذكس: (في السابق كان سكان بيت لحم يعتنقون الأرثوذكسية ولكن بعد أن جاء إليها رهبان من روما بدؤوا إدخال أهلها في ملة الكاثوليك. وسمعت بأن الرهبان مالوا إلى إغراء الفقراء من أهل المنطقة بالهدايا وعن طريق توزيع النقود والصدقة، غير أن قسماً من العرب بقوا مخلصين للأرثوذكسية وهم قليلون). وفي حقل أخر أثنى بارسكي على براعة أهالي بيت لحم في الصناعات التقليدية الأهالي يتميزون ببراعتهم في الفنون والحرف وقبل كل شيء في صناعة الصلبان والمسابح وغيرها من التحف المصنوعة من الخشب).

نهر الأردن وصفصافة شنق يهودا
وخص الرَّحال بارسكي نهر الأردن الذي(تعمّد فيه سيدنا المسيح على يد يوحنا المعمدان (النَّبي يحيى) عليهما السلام) بوصف ممتع يقول فيه؛ (نهر الأردن ليس عريضا أو عميقا. ففي الشتاء، حين يفيض النهر بعد الأمطار الغزيرة يبلغ عرضه أكثر من أحد عشر مترا، أما عمقه فيصل إلى متر واحد وسبعين سنتيمترا). واسم الأردن مشتق من كلمتين إحداهما الأر) والثانية (دن) وهما نهران يصبان في بحيرة طبرية التي ينبع منها نهر الأردن. ويذكر بارسكي أن مجرى النهر سريع جدا، و(أنني لم أشاهد مثيلا له قط). و(ماء النهر مفيد للصحة وطيب لدرجة أنك حين تتناوله تريد المزيد منه). ويفيد الحاج بارسكي أن؛ (الأرض على ضفتي النهر رطبة ومبتلة، وتوجد عليها أدغال القصب وكثير من الأشجار التي لا مثيل لها في أقطارنا. وليس هناك إلا شجرة واحدة شبيهة بشجرة الصفصاف. وجاء في الإنجيل؛ أن يهودا شنق نفسه عليها). وأَخبر التّقي بارسكي أنه غادر فلسطين، في الثاني عشر من نيسان، ومعه ثلاثة آلاف شخص من بلدان عديدة و(بسلامة وبدون أية تعقيدات أو مشاكل). ولم ينس الحاج بارسكي أن يشكر الله سبحانه وتعالى الذي أتاح له زيارة العتبات المقدسة في فلسطين:إني أشكر من صميم قلبي خالقنا الرَّبَّ على كونه أتاح لي فرصة زيارة فلسطين، حيث سجدت في الأماكن المقدسة. إنَي أدعو الله أن يسمح للمسيحيين الآخرين أَداء الصلاة في القُدس).
وتظلُّ إلى يومنا هذا تسجيلات ورسومات الحجاج والرحالين الروس إلى الأراضي المقدسة إحدى أهم المصادر لدراسة واستقصاء تاريخ وثقافة العرب والمسلمين منذ القرن الثاني عشر حتى مطلع القرن العشرين، لما اتسمت به من دقة في وصف وتقويم أحوال وأقوام ديار العرب والمسلمين وعمرانها وأعرافها وثرواتها، وما مرت بها من تحولات اجتماعية واستكشافات وفتوح وحروب وكوارث طبيعية.

‘ باحث وأُستاذ جامعي/ روسيا
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن بطوطة - فلسطيني -:

    تحية تشجيع للاستاذ ناظم محمود .. اتمنى على وسائل الاعلام العربية ان تحذو حذوك .. عند زيارة اي وفد عربي لموسكو .. كان المسؤولين الروس و على رأسهم بوتين … يقولون ان ما يربطنا بالعروبة و فلسطين هو التاريخ .. و نحن بحاجة لمعرفة تاريخ العلاقة الروسية العربية …

  2. يقول ناظم مجيد حمود:

    القارئ الكريم
    أود أن أدرج هنا أحدى الرسائل التي وصلتني الآن من الأخ البروفبسور داوّد جاسم الربيعي عميد سابق لكلية الآداب في جامعة البصرة، وصاحب أكبر موسوعة عالمية عن الأعشاب والتداوي بها، صدر منها جزأين حتى الآن، كما وله عشرات الأبحاث والدراسات عن علوم الجغرافية والبلدان والبيئة، وكأُستاذ مادة الجغرافي في جامعة البصرة وقبلها في جامعات عربية.
    والأهم أنه تنقل في دول عديدة عربية وأجنبية لجمع تلك الأعشاب ودراستها. نتمنى له التوفيق
    مع جزيل الشكر.

    Dawood Rubaiay Сегодня в 2:38 PMКому

    الاخ الدكتور ناظم مجيد الديراوي

    سلام واشواق
    جزاك الله خيرا” يادكتور ناظم على الكشف العلمي لوثائق لم أسمع عنها من قبل..حيث أني كجغرافي واستاذ جامعي منذ اربعين عاما لم أطلع على وثائق في الجغرافية التاريخية للفترات التي ذكرتها عن مددنا العربية والاسلامية والتي تعد بالنسبة لنا في البحث العلمي لي ولطلبة الدراسات العليا معلومات ذات قيمة عظيمة لاتقدر بثمن…فلا يسعنا الا ان نرجوك ان تستمر في كشف تاريخ ما اهمله التاريخ العربي والاسلامي عن البلاد والمدن العربية والاسلامية …جغرافيتها القديمة وتاريخها..
    اجوك أ.د.داود الربيعي

إشترك في قائمتنا البريدية