أوسكار 2014 … حياد مفتعل واتساق السينمائي مع السياسي

حجم الخط
0

لوس أنجليس : جاءت جوائز الدورة السادسة والثمانين للأوسكار والتي أعلنتها الأكاديمية الأمريكية، لتؤكد أنها لا تتخلى أبداً عن منهجها في التعاطي مع السينما والسياسة معاً، ولكن ذلك لا يعني أنه الأساس بقدر ما يعني اتساق مجتمع النقد السينمائي الأمريكي مع التوجه السياسي للإدارة الأمريكية.
وقد بدأت الملامح السياسية للجوائز فور الترشيحات للقائمة القصيرة، حيث تم الدفع بثلاثة أفلام عربية هي ‘عمر’ الفلسطيني، والوثائقيين الإثنين، ‘لاجدران للكرامة’ اليمني، و’الميدان’ المصري، وكلاهما يوثق لثورة بلاده، لكن الجوائز جاءت لتستبعد الثلاثة ولترسم الصورة النمطية المعتادة لاهتمامات هوليوود.
ولعل السقطة التي تعرضت لها أرفع جائزة سينمائية في العالم، العام الماضي، حين منحت جائزة أوسكار أفضل فيلم للعمل المتواضع ‘أرغو’ الأمريكي ليست إلا نموذجاً لتلك السقطات الكبري في تاريخ الأوسكار.
فالفيلم لم يكن إلا قصة تحرير ستة محتجزين أمريكيين في إيران إبان ‘ثورة 1979’ الإيرانية، وقامت بتحريرهم المخابرات الأمريكية بالتنسيق مع أحد منتجي هوليوود، والفيلم مأخوذ عن قصة واقعية بالفعل، لذا جاء العمل وكأنه توثيق لتلك العلاقة السرية – المعلنة في آن واحد بين هوليوود والـ سي آي إيه (وكالة المخابرات المركزية الأمريكية).
وحصلت كاترين بيجلو، مخرجة فيلم ‘نصف ساعة بعد منتصف الليل’ على جائزة أفضل مخرجة عن الفيلم الذي يوثق – أيضاً – قصة اغتيال مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.
وبدت جوائز العام الماضي، والذي شهد الدورة الخامسة والثمانين للأوسكار، وكأنما يحدد الأعداء في العقل السينمائي الأمريكي بصرف النظر عن الشروط الفنية لصناعة فيلم جميل.
واذا كان العقل الألماني قد تم استعباده منذ منتصف القرن الماضي بعقدة ‘الهولوكوست’ (أحداث ما يعرف بالمحرقة التي تعرض لها اليهود في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية) وتم ابتزاز الألمان سياسياً واقتصادياً طبقاً لمذابح اليهود المتهم بها النظام النازي، فإن العقل الأمريكي يعمل بشكل مختلف تجاه جريمته التاريخية في استعباد السود الأمريكيين.
ويقدم الأمريكيون في هوليوود أفلاماً تشير إلى شعور مزمن بالذنب، لكنه لا يقدم للتطهر الدرامي كما يعرفه السينمائيون بقدر ما يقدم باعتباره الصورة الجديدة للأمريكي.
لذلك يبقى دائماً في تلك الأفلام، ذلك الأمريكي الأبيض الذي يلعب الدور الأكبر في تحرير العبيد في الفيلم، والأمر هنا لا يقتصر على فيلم ‘لنكولن’ الحاصل على جائزة أوسكار العام الماضي.
لكنه يتجاوزه إلى تلك الأفلام التي تتحدث عن أمريكيين أفارقة يعيشون كعبيد ثم يقررون التحرر من تلك العبودية وهو ما تم مثلاً في فيلم ‘ديانجو انشيند’ العام الماضي، والذي حصل على جائزة أفضل ممثل مساعد للنمساوي كريستوفر فالتز.
أما الدورة الجديدة لهذا العام، فكان الضمير الأمريكي تجاه السود يقظاً بمنح فيلم ’12 عاماً من العبودية’ جائزة أفضل صورة، وأفضل سيناريو مقتبس، وهو يحكي اختطاف أمريكي أسود حر واستعباده لإثني عشر عاماً ثم تحرر من هذه العبودية بمساعدة أمريكي أبيض، وعن الفيلم نفسه حصلت الكينية ‘لوبيتا نينونج’ على جائزة أفضل ممثلة مساعدة.
كما ظهرت المثلية الجنسية بطلاً في حفل أوسكار هذا العام، حيث حصل ‘جاريد ليتو’ الذي قدم شخصية شخص مضطرب الهوية الجنسية في فيلم’Dallas Buyers Club’، بينما حصل ‘ماثيو ماكونهي’ بطل الفيلم على أوسكار أفضل ممثل ليحرم منها المرشح القوي ‘ليوناردو دي كابريو’.
ورغم اسم المخرج الكبير سكورسيزي، والنجم دي كابريو في فيلم ‘ذئب وول ستريت’ الا أن ذلك لم يشفع للفيلم بالحصول على أية جائزة في مفاجأة هي الأقوي لأوسكار 2014، لكن الدهشة تنتهي حين تكون رسالة الفيلم واضحة وبسيطة كما قدمها ‘سكورسيزي’، وتتلخص ببساطة في أن ‘حضارتكم زائفة ومتوحشة وسوف تأكل نفسها بنفسها أيها الأمريكيون’.
وحصد فيلم ‘Gravity’ هذا العام على سبعة جوائز، حيث حصد على جائزة أفضل مؤثرات بصرية، و جائزة أفضل تصوير سينمائي، وجائزة أفضل مونتاج، وجائزة أفضل mix للأصوات، وجائزة أفضل Edit للأصوات، وجائزة original score، وجائزة أفضل فيلم.
ورغم أن الفيلم يدور في الفضاء الخارجي إلا أن قضيته إنسانية بالدرجة، حيث تتوازى الأزمة الحياتية لأم فقدت طفلتها مع أزمتها في الفضاء الخارجي بعدما فقدت الاتصال بالمحطة الفضائية التي تعمل بها ونفد منها الأوكسجين، ويدور الفيلم في فضاء خارج الكرة الأرضية بين شخصيتين فقط، قام بدورهما جورج كولوني، وساندر بولوك، والتي خاب أملها في الحصول على جائزة أفضل ممثلة وإن انتصرت الأوسكار لفيلم نجح في تقديم صورة مبهرة وقضية شديدة العمومية.
والمعروف أن جائزة الأوسكار تعتبر أرفع جائزة سينمائية في العالم وتمنحها أكاديمية علوم وفنون السينما الأمريكية التي تعد أكاديمية فخرية وليست تعليمية.
وتأسست الأكاديمية في 11 مايو/آيار 1927 في كاليفورنيا، وتضم هذه الأكاديمية أكثر من 6000 عضو مختص بالفنون السينمائية منهم لجنة تصويت ضخمة تتكون من 5.816 متخصص في السينما منهم 1311 ممثل وممثلة.
وتنظم الأكاديمية إضافة إلى تنظيم مسابقات جوائز الأوسكار السنوية مسابقات سنوية للطلاب غير المتخرجين بعد من الجامعات المختصة بالفنون السينمائية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية