أيها المارّون بين الصفقات العابرة…

حجم الخط
0

عقيم ورديء وقع المشهد السياسي في البلاد… عقيم لأنه لم يخلص إلى تحقيق أدنى مكاسب الثورة ولم ينجح في إقامة الحد الأدنى من متطلباتها … ورديء لأنه حوى كمٌا من الذين ادعوا حذق الممارسة السياسية وهم في الغالب دخلاء وأدعياء لا تحركهم إلا شهوة الذات للظهور وحصد المكاسب الأنانية أو مواصلة لخدمة وعمالة أجندات ما وراء البحار …
لعله قريبا من الصح أن نقسم شاغلي هذا المشهد السياسي إلى ثلاثة أصناف ظاهرة عما سواها، الصنف الأول وهو كم مَن رجع من المهجرين أو (المهاجرين) ساكني لندن وضواحيها وباريس و- أرونديسوماتها- الصنف الثاني وهم محترفو التلحيس والتسلق لشرفات قرطاج سابقا، متأبطي نظرية ( قلبان الفيستة ) وعناوينهم تتراوح بين التقدمية والحقوقية والنضالية الشغلية، وأكثرهم خريجي نضال النزل ثلاثة نجوم ومقاهي آخر الليل، ثم الصنف الأخبث والأخطر وهم سدنة النظامين القديمين والأساطين (الخايخة) لنظام دكتاتورية بن علي وشركائه .. كذلك ولا عزاء للسيدات النائحات على ديمقراطية بن علي أنصاف الليالي تحت تأثير – بوخوخو (7) – ومشتقاته .
وبين هذا وذاك قد يكمن بعض الذين يحملون حقا بين جنباتهم هموم هذا الوطن لكنهم طيور بلا أجنحة هذا هو المزيج الذي بات يشغل الحراك السياسي في واجهة الأحداث والمستجدات في البلد بقطع النظر عمن يحركها أو يضغط عليها من الخلف هذا المزيج الذي أهمل كل هموم الشعب القديمة والمستجدة منها واعتلى المنابر العاجية، هذا المزيج السياسي الذي ترك وراء ظهره كل الملفات الحارقة والمستعجلة للوطن وثرواته المنهوبة على مدار الساعة، وترك ماكينة التهريب تنهب خيرات البلاد ومقدراتها ولتدخل آلة الموت -سلاحا وموبقات- وكأن جغرافية تونس الكبرى حالت دون منعها .هذا المزيج السياسي بأحزابه وشخوصه وشعاراته وخطاباته لم يدرج أي منهم في برامج عمله رداءة التعليم والصحة ورواج المنكرات ومغيبات العقل بين (أطفال المدارس) وانتشار الجريمة والفساد بين الأحياء الشعبية ……
هذا -الكوكتيل الرديء- للسياسيين تركوا كل هذه المشاكل تنخر البلد ليجدوا من بعدها أرقاما كارثية أخرى يصدرون بها حملاتهم الإنتخابية، تركوا كل هذا وأكثر ليشمروا سواعدهم ويشحذوا ألسنتهم لمزيد من الصفاقة وقلة الحياء في معارك وهمية من أجل كراسي السلطة ومن أجل إبداء أكثر ولاء لسادتهم أصحاب القرار الفعلي محليا وخارجيا …قد يكون الزمن دالا لهؤلاء المهرولين والمقايضين ودجالي السياسة وسماسرة البلاد أن يجدوا ولو لبعض الوقت فرصة، لكن هذا لن يدوم طويلا، لن يدوم لأن الوطن وأهل الوطن سينفذ صبرهم يوما … وسيقول لهم هذا الوطن بعمقه، بأرضه، بشعبه، بهويته ودينه … سيقول لهم ((أيها المارون بين الصفقات العابرة )) مروا أينما شئتم وتنقلوا في مواقع القرار، تنقلوا من عبْد إلى عبْد سيد، تنقلوا ولكن لن تنفذوا …
لن تنفذوا إلى قلوب الشعب ولن تدخلوا تاريخ هذا الوطن كما الشرفاء والزعماء!! وهل بعد هذا عقوبة؟ أن تعيشوا حياتكم عبيدا لمطابخ القرار بالعمالة وأن تموتوا نكرات على أرض هذا الوطن العزيز ؟
منجي بــاكير

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية