الإرهاب نتاج ثقافة سائدة

حجم الخط
0

الإرهاب هو عدونا الأساسي وأكبر معضلة تواجهنا في اليمن. لو كان الأمر كذلك لن نجد صعوبة في استئصاله والقضاء عليه نهائيا، لكن الإرهاب، يا قوم، ليس كائناً، بل هو ثقافة وسلوك يتلبسان الكائن.. ثقافة تنمو وتتوسع ونحن نشهدها بل بعضنا يباركها ويعززها ثم تلسعه فيدينها. ثقافة ارتبطت بفكر معزز بالعقيدة ويستغل الدين لخدمته وتدير عقول الشباب وإغواهم بعيداعن قيم الدين النبيلة والسامية من أخوة وعدالة ومساواة وحب وتآزر وتسامح وحرمة المسلم، عرضه وماله ونفسه، وعزز فيهم الجهاد من قتل وتدمير وتكفير وجعلهم قساة القلوب عديمي المشاعر مفرغين من الإنسانية. ما نعاني منه اليوم هو نتاج الأمس من حملة تجنيد وتشكيل وعي الجهاد في أفغانستان. انتهت الحرب لكن الفكر توسع والتكفير والجهاد يبحث له عن عمل فوجد بلد العرب مرتعا له ولأعماله المشينة، والحكام استغلوه لخدمتهم واستفادوا منه لتمكين سلطتهم وضرب خصومهم أتذكرون حرب 1994م التي كان الإرهاب ركنا أساسيا فيها واستمرت البيئة الحاضنة للإرهاب تتوسع وبدعم من السلطة ومشايخ ورجال دين الذين هم من يدينونه الان لأنه أصبح يهدد مصالحهم. ماذا عملنا لنقضي على هذه البيئة بل البعض باستحياء يدافع على بقائها.. البيئة الثقافية والفكرية التي تساعد على تنامي الإرهاب. تعصب التعليم وتطرف مناهجه الإسلامية غير الوسطية، بل هناك مدرسون أكثر تشددا وتعصبا وتزمتا في الحياة وكل ما هو يمس بالثقافة المجتمعية محرم لديه. حرم التلفاز والسينما والفن والشعر الغزلي والأغاني.. كل هذا يقتل الروح الإنسانية والمشاعر النبيلة ويخلق شخصا (عفوا، وحشا على صورة إنسان) هذه هي بيئة الإرهاب. قد تنكرونها أو تتهمونني، لكنها الحقيقة المرة التي يجب الاعتراف بها أذا أردنا القضاء على الإرهاب تبدأ بسؤال: هل توقفت هذه الممارسات بإحساس ما خلفته من فكر متطرف إرهابي في الوسط الاجتماعي؟
طبعا، لا زالت الفتاوى تنهل علينا من أفواه التكفيريين ولا زال شبابنا عرضة للاغواء وتعبئتهم بالجهاد المصلحي ضد أخوتهم المسلمين يبحثون عن تعميق الفرقة ولا يبحثون عما يقربنا ويلم شتاتنا، بل ما يمزقنا ويجعلنا نتناحر، والصراع يشكل جيلا قاسي القلب، مقيد العقل خال من الإنسانية والأحاسيس والمشاعر المرهفة، هذا الجيل هو التمهيد لما قد يحدث غدا، هو جيل إرهابي يبحث عن عمل نحن ضحاياه .
نحن لا نريد طائرات بدون طيار لمحاربة الإرهاب نحن نريد تعليما خاليا من الإرهاب والتطرف والتعصب، تعليما كله مشاعر وأحاسيس وعقول متفتحة لا مغلقة، سياسة تعليمية تنمي الروح الوطنية والمشاعر الإنسانية والحب والوئام والتسامح والتعايش وحرية الفكر والعقيدة وتلغي من قاموسنا الصراع والتناحر والتطرف والعصبية والتمايز للعرق والسلالة والمذهب.
نحن نريد إرساء ثقافة مجتمعية طاهرة، ثقافة إنسانية، ثقافة تعايش وحب ووئام. يجب دعم المسرح والدراما التلفزيونية والسينمائية والأغاني، طبعا، مع الابتعاد عن الأعمال الهابطة، نريد أعمالا تهتم برعاية الشباب وإرساء ثقافة مجتمعية راقية لنجنب الوطن مزيدا من الدماء. هل فهمتموني أم ستتهمونني باللامبالاة؟ الوطن أيضا وطني ومن حقي أن أقول رأيي ومن حقي أن ابدي مشورتي ولست ضد الإسلام، دين محمد صلى الله عليه وسلم، دين المحبة و الأخوة والتسامح، دين كل المسلمين في العالم وكل من يقول لا اله إلى الله محمد رسول الله.
احمد ناصر حميدان – اليمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية