مقتدى الصدر وقفة عز وصوابية القرار

حجم الخط
0

بعيد الغزو الصليبي للعراق العام 2003 تشكلت احزاب على اسس طائفية ومذهبية وعرقية شعورا منها بأن الدولة لم تعد قائمة وبالتالي لا بد من التوجه الى العامل العرقي والديني لكي تحافظ تلك الفئات على كياناتها وبالتالي الاستحواذ على اكبر قدر من المنفعة في ظل الاوضاع الراهنة التي يمر بها العالم الذي لا يعترف إلا بالقوي، بل يسعى الى احداث الفتن بين ابناء الوطن الواحد الذين يعيشون مع بعض منذ آلاف السنين يشاركون بعضهم البعض في السراء والضراء.
لم يذق العراقيون يوما طعم الراحة منذ ان ابتلوا بمخططات الغرب الذي يستهدف الوحدة الوطنية لشعوب المنطقة، خرجت تنظيمات جديدة الى السطح بعضها مسلح وبعضها الاخر يبدو، او هكذا يوهم الاخرين، بأنه تنظيم سياسي محض في ظل لعبة الديمقراطية التي طالما سوّق لها الغرب سنين طوالا، امتلأت البلاد بالأحزاب ودخلت في صراعات مع بعضها ودخلت البلد مجموعات ارهابية بحجة دعم هذه الفئة او تلك بسبب ما يلحق بها من غبن وامتهان من بقية الطوائف.
لم يشذ مقتدى الصدر عن القاعدة فكونه حزبا سياسيا استطاع ان يجلب اليه العديد من الوجوه السياسية والدينية فنال مقاعد لا بأس بها في البرلمان العراقي جعلته محط انظار الاخرين يخطبون وده والفوز برضاه لأجل الفوز بترؤس هذه الحكومة او تلك ومن ضمن الاستحواذ على مقدرات الشعب العراقي في ظل غياب مؤسسات الدولة التي تفتقر الى روح المسؤولية وعدم اهدار مقرات الدولة خاصة وان البنى التحتية قد دمرت تماما بفعل الاعوام العشر التي مرت فكانت بل لا تزال تمثل كابوسا لكل مواطن عراقي يهمه مصير البلد .
أنني اكن للرجل كل احترام وتقدير بسبب المواقف التي يتخذها عند الازمات فيبدو انه وطني عروبي بامتياز، نجده احيانا غير راض عما تقوم به بعض الاحزاب الشيعية وقياداتها السياسية من اعمال تؤدي الى احداث نوع من التذمر لدى الاطراف الاخرى ما يؤدي الى المزيد من الفرقة بين ابناء الشعب الواحد الذي كان يضرب به المثل في التماسك وبناء دولته وما حققه في المجالات العلمية المختلفة خاصة في مجال التصنيع والإنشاءات المدنية، فلا غرو ان رأينا الغرب بعد الغزو يقوم بترغيب علماء العراق في مختلف المجالات بالذهاب الى الغرب للعيش هناك بأمان وسلام ومن لم يستجب من هؤلاء فكان مصيره التصفية الجسدية.
في بعض الاحيان، سرعان ما يخفت وهج الرجل وتهدأ ثورته ضد الفساد المستشري بالبلد والعنف الطائفي ويركن الى المهادنة بتأثير من اطراف شيعية وازنة بحجة عدم شق الصف الشيعي، وكما يقول التاريخ بأن العاملين الديني والعرقي هما المحركان الاساسيان لما يدور على الارض فيكتب التاريخ ما يفعله الساسة ويكون الحكم لهم او عليهم ومن ثم يتبين عما اذا كان هذا الشخص او ذاك قد عمل لصالح البشرية ام لصالح فئته وبنو عمومته.
مما لاشك فيه ان السيد مقتدى الصدر ادرك على مدى السنوات الماضية حيث كان مشاركا في الحياة السياسية خطورة العنف الطائفي والعرقي فالعراق يتمزق ومن حوله البلاد العربية التي لم تسلم من تدخل الاخرين بشؤونها الداخلية، فقرر ان يعتزل العمل السياسي حفاظا على كرامة اسلافه الخيّرين وعدم الاساءة اليهم في مماتهم، وان غالبية الاحزاب والمحازبين انما يسعون الى تحقيق مصالحهم الشخصية وبالتالي شلّ اقتصاديات الوطن مما يجعل المواطن يعيش دون خط الفقر في بلد به من الخيرات والثروات البشرية والمادية ما تجعل اهله يعيشون النعيم الارضي.
تحية الى مقتدى الصدر لاتخاذه القرار الشجاع بالابتعاد عن الحياة السياسية ولعل ذلك يكون عبرة لبقية الساسة فيخافون الله في ما يفعلونه بالشعب، فالحياة وقفة عز.
ميلاد عمر المزوغي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية