نتنياهو سيصرخ من مقعد المتفرج

حجم الخط
0

إن اسرائيل لتعنتها وعدم مرونتها قد تجد نفسها في وضع المقطوعة عن واقع المحادثات بين ايران والقوى العظمى وستصرخ من مقعد المتفرج دون أن يكون لها قدرة على التأثير في نتيجة التفاوض النهائية
اذا كان أحد ما في العالم قد نسي مبلغ اشمئزاز رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو من التفاوض الذي سيبدأ هذا الصباح (أمس) في فيينا بين ايران والقوى العظمى الست في شأن التسوية الدائمة للبرنامج الذري، فقد حصل على تذكير بذلك أمس في اثناء خطبته في القدس في مؤتمر رؤساء الطوائف اليهودية في امريكا الشمالية.
كان كلام نتنياهو علامة البدء لتجديد الحملة الدعائية المعلنة الصارمة من حكومة اسرائيل على التفاوض بين ايران والقوى العظمى. وقد عرض نتنياهو توجه الحد الاقصى الذي ليس فيه أي استعداد للهوادة والذي يرفض وجود حتى جهاز طرد مركزي واحد لتخصيب اليورانيوم في داخل ايران، بل إن نتنياهو الذي تحدث أمام عشرات من أعيان الطوائف اليهودية في الولايات المتحدة، كرر تحدي سياسة ادارة اوباما التي ترفض في هذه المرحلة تشديد العقوبات على ايران. قبل بضعة ايام فقط نجح البيت الابيض في جهوده لردع جماعة الضغط الموالية لاسرائيل الايباك عن محاولاتها الدفع قدما بقانون عقوبات جديد في مجلس النواب الامريكي. ‘أعلم أنه ليس من الترف أن يُقال ذلك في هذه الايام لكن يجب زيادة الضغط على ايران لا الانقاص منه’، قال نتنياهو الذي سيخطب بعد اسبوعين في مؤتمر الايباك في واشنطن.
كانت خطبة نتنياهو غير عادية وذلك في الأساس لأنه قلل في الاسابيع الاخيرة من التصريحات في الموضوع الايراني، وكان أحد اسباب ذلك أن أكثر وقته مصروف للموضوع الفلسطيني والاتصالات حول وثيقة الاطار الامريكية. وكان السبب الثاني أن معظم الحملة الدعائية السياسية الاسرائيلية في الموضوع الايراني تم في الاسابيع الاخيرة في قنوات دبلوماسية هادئة.
كان مستشار الامن القومي يوسي كوهين الذي قام برحلة مكوكية بين عدد من العواصم لنقل رسائل اسرائيل الى مندوبي القوى العظمى الست التي تجري التفاوض مع اسرائيل هو الذي قاد تلك الحملة الدعائية، وقد كان كوهين في موسكو وطلب الى الروس الامتناع عن التوقيع على صفقة طاقة ضخمة مع الايرانيين، والتقى نظيره الفرنسي في باريس ونظيره الالماني في ميونيخ.
وتوج كوهين ذلك بزيارة سرية لبروكسل قبل اسبوع التقى خلالها هلغا شميدت، المستشارة العليا لوزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون التي تجري التفاوض مع ايران من قبل القوى العظمى الست. إن شميدت شخصية رئيسة وكان اللقاء معها يرمي الى محاولة تنسيق المواقف استعدادا للجولة الاولى من محادثات التسوية الدائمة.
كانت الرسائل التي نقلتها اسرائيل في الحملة الدعائية السياسية الهادئة تشبه تلك التي عرضها نتنياهو في خطبته أمس، لكن اللهجة كانت مختلفة فكانت أقل مجابهة ومناكفة. إن الاختلافات في الرأي بين اسرائيل والولايات المتحدة وسائر القوى العظمى فيما يتعلق بالطريقة الصحيحة لاجراء التفاوض مع ايران بقيت كما كانت لكنها لم تتحول الى مواجهة معلنة. إن خطبة نتنياهو أمس يمكن أن تهيج من جديد المواجهة المعلنة بين اسرائيل وحليفاتها في الغرب التي تفاوض ايران. لكن الامريكيين والاوروبيين خيب أملهم حتى من غيرها، التوجه الاسرائيلي نحو التسوية الدائمة الذي ذكرهم بالتوجه الاسرائيلي نحو التسوية المرحلية.
يعتقد نتنياهو أن كل مرونة اسرائيلية ستفضي الى طوفان خطير من قبل القوى العظمى. لكن ما يراه موقفا حازما لا هوادة فيه يُرى في عواصم اوروبا وفي واشنطن سياسة مقطوعة عن الواقع أو محاولة متعمدة لجعل الحل الدبلوماسي يتعثر، وفي هذه الحال قد تُدفع اسرائيل مرة اخرى الى وضع الانقطاع عن الواقع الذي ميزها في اثناء المحادثات في الاتفاق المرحلي. فهي ستصرخ من مقعد المتفرج لكنها لن تستطيع أن تؤثر في النتيجة النهائية تقريبا.

هآرتس 18/2/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية