مقاطعة اسرائيل اقتصادياً لن تضرها

حجم الخط
0

يُحذر وزير الخارجية الامريكي جون كيري من أنه اذا لم يتم التوقيع على اتفاق اطار مع الفلسطينيين فستواجه اسرائيل مقاطعة اقتصادية. وتؤجج هذه التحذيرات حملة المقاطعات (المسماة بي.دي.إس) التي يقوم بها أعداء اسرائيل. وهي الى ذلك تُحدث الانطباع الخاطيئ وهو أن المقاطعة تهديد كبير وإن كان له نجاح ضئيل حتى الآن.
استطاعت اسرائيل أن تُكيف نفسها مع الاقتصاد العالمي في عصر العولمة، فالتصدير الاسرائيلي يُستقبل بالمباركة في أكثر الدول، والحديث عن منتوجات منافسة من جهة النوع والسعر. ونجحت اسرائيل في دخول اسواق كثيرة حتى إن دولا عربية تستورد منتوجات من انتاجنا. وتوجد كذلك منتوجات اسرائيلية ذات مزايا خاصة لا يمكن التخلي عنها، وتوجد مركبات من انتاج صناعة الهاي تيك الاسرائيلية هي جزء أساسي من المنظومات الجوهرية لمصنوعات عالمية كثيرة.
هذا الى أنه فشلت في الماضي محاولات دبلوماسية امريكية كثيرة للاتيان بسلام الى الشرق الاوسط، لكنها لم تسبب ضررا كبيرا لاسرائيل في الساحة الدولية برغم أن اسرائيل كانت ترى احيانا مسؤولة عن عدم النجاح. فالصلة بين الجهود الدبلوماسية الامريكية وبين وضع الاقتصاد الاسرائيلي ضعيفة اذا.
إن الفحص عن الساحة الدولية يُبين أن ليس من المحتمل أن تكون حملة بي.دي.إس أنجع. ففي امريكا مثلا التي هي وجهة التصدير الاسرائيلي الرئيسة، ليس للمقاطعة مع منتوجاتنا احتمالات نجاح لأن تأييد الرأي العام الامريكي لاسرائيل في العشرين سنة الاخيرة متواصل يقف على اكثر من 60 بالمئة. هذا الى أنه تم اتخاذ خطوات تشريعية في الولايات المتحدة لمنع المقاطعة مع منتوجات أو مؤسسات اسرائيلية، بل عبرت الادارة الحالية التي ناكفت اسرائيل اكثر من مرة بحزم عن معارضتها الشديدة لحملة المقاطعات.
صحيح أنه يوجد في عدد من دول غرب اوروبا التي هي وجهات مهمة للتصدير الاسرائيلي، ميل معاد لاسرائيل واضح، ولذلك ينبغي ألا ننفي تماما امكانية المقاطعة مع منتوجات اسرائيلية؛ لكن ينبغي أن نتذكر أن الدول الاوروبية في ازمة اقتصادية أخذت تضعف. بل إنه بقيت في اوروبا كذلك جيوب دعم لاسرائيل وأعلن الاتحاد الاوروبي نفسه أنه ليست عنده البتة نية الانضمام الى المقاطعات. أما المنتوجات الاسرائيلية التي تصنع وراء الخط الاخضر فهي قضية اخرى، لكن جزءاً صغيرا فقط من النشاط الاقتصادي في اسرائيل يأتي من المستوطنات.
إن التصدير الاسرائيلي ينتقل بالتدريج ، وإن يكن ذلك بايقاع بطيء جدا، الى اسواق آسيا. ففي الاسواق الكبيرة كالصين والهند نسبة زيادة عالية وليس هذا فقط بل إنه لا توجد في هاتين الدولتين ايضا رواسب معاداة سامية تاريخية. وينبغي أن نتذكر ايضا أن اسرائيل ترى في آسيا دولاً ناجحة وقدوة حتى في دول وسط القارة التي هي مسلمة في الأساس.
وفي مقابل ذلك حدث انخفاض لقوة العالم العربي السياسية وهو الذي يعتبر الحليف الطبيعي للفلسطينيين، والازمة سياسية واجتماعية واقتصادية. وتواجه مصر وهي أكبر الدول العربية وأهمها تحديات كبيرة في الداخل وتعمل مع اسرائيل متعاونة معها على مواجهة الاسلام المتطرف. والسعودية يقلقها الشأن الايراني أكثر من القضية الفلسطينية، وكذلك ايضا أكثر العالم السني.
إن حقيقة أن الولايات المتحدة متجهة الى الاستقلال في مجال الطاقة تضعف هي ايضا القوة العربية. فاذا كانت اسرائيل قد تغلبت على مقاطعة العالم العربي حينما كان أقوى، فانه يصعب أن نفترض أن تفضي محاولات حركة بي.دي.إس الى نتائج مختلفة اليوم.
إن تهديد المقاطعة مبالغ فيه، بيد أن وزير الخارجية الامريكي يكرر ادعاءات اليسار الاسرائيلي التي تقول إن اتفاقا مع الفلسطينيين هو الطريق الوحيد للخلاص من العزلة الدولية. هذا الى أنه يوجد ايضا اشخاص لا مسؤولية عندهم من اليسار الاسرائيلي يدعون الى الضغط على اسرائيل بعد أن أدركوا أنهم لن ينجحوا في تغيير سياستها. ومن حسن الحظ أن اسرائيل ليست معزولة وأن أكثر العالم لا يرى الفلسطينيين عاملا مهما بقدر كاف لتسويغ الاضرار بعلاقات طيبة باسرائيل.

اسرائيل اليوم 13/2/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية