محاولة الإتحاد الإماراتية للطيران شراء حصة في ‘أليطاليا’ تشكل اختبارا جديدا لإستراتيجيتها

حجم الخط
0

فرانكفورت/ميلانو – رويترز: قد تكون الصفقة المحتملة لشراء حصة في شركة الخطوط الجوية الإيطالية (أليطاليا) أكبر إختبار لإستراتيجية شركة الإتحاد للطيران في أبوظبي القائمة على شراء حصص في شركات الطيران المتعثرة، بإعتبارها طريقة سهلة لتوسيع وجودها العالمي.
وتمتلك الإتحاد مجموعة من حصص الأقلية في عدد من شركات طيران تمتد من سيشل إلى أيرلندا واُستراليا، ويرجع تاريخها إلى شراء حصة نسبتها نحو 30 في المئة في شركة الطيران الألمانية ‘إير برلين’ في أواخر عام 2011.
وتختلف إستراتيجية الإتحاد للطيران عن تلك التي تتبناها شركات منافسة أكبر في المنطقة مثل طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية، التي إتخذت خطوة مفاجئة بانضمامها إلى تحالف ‘وان وورلد’ العام الماضي لتوسيع شبكتها.
ونظرا لقلة أعداد السكان في دول الخليج تحتاج شركات الطيران الخليجية إلى إستقطاب المزيد من المسافرين من دول اُخرى عبر مراكزها لملء طائراتها بعد طلبيات الشراء الضخمة التي شهدها معرض دبي للطيران العام الماضي.
وعن طريق شراء حصص الأسهم وعمليات المشاركة بالرمز جذبت الإتحاد – التي أجرت عمليات إعادة هيكلة وخفض للوظائف في ‘إير برلين’ و’إير صربيا’ – المزيد من المسافرين من طائرات شركائها إلى مركزها الرئيسي أبوظبي، وفي نفس الوقت تفادت التكاليف المترتبة على إنضمامها إلى التحالفات التقليدية.
وقالت ناديا بوبوفا، المحللة لدى ‘يورومونيتور’ لأبحاث السوق ‘بناء على شركات الطيران التي إستحوذت عليها (الإتحاد) يمكننا أن نرى إنتشارا إقليميا عبر أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهو ما يعطيها إمكانية لدخول دول ذات كثافة سكانية مرتفعة للغاية، مما يزيد من تدفقات المسافرين وبالتالي يزيد مبيعاتها في النهاية’.
وفي عام 2013 أثمرت إتفاقات المشاركة بالرمز التي أبرمتها شركة الإتحاد مع شركات طيران اُخرى وعمليات الشراكة في الأسهم عن جلب 1.8 مليون مسافر إلى رحلات الشركة الإماراتية، وهو ما ساعد على إرتفاع عدد المسافرين 16 في المئة إلى نحو 12 مليونا. ونقلت شركة طيران الإمارات 39 مليون مسافر في السنة المالية 2012-2013 بزيادة 16 في المئة أيضا.
وقال بعض المحللين ان إستراتيجية شراء الأسهم قد تجلب منافع أيضا في مجال المشتريات، إذ أنه من خلال الإتفاق على عقود تغطي شراكاتها في حصص الأسهم تستطيع الإتحاد أن تطلب صفقات أفضل عند شراء طائرات وخدمات مثل الصيانة وتكنولوجيا المعلومات وتوريد الأغذية والمشروبات.
وقال جيمس هوغن، الرئيس التنفيذي للإتحاد، الشهر الماضي خلال مناسبة أقيمت في برلين ‘عندما نجلس مع بوينغ أو إيرباص تدور مناقشاتنا حاليا حول 500 طائرة. نفس الشيء مع شركات صناعة المحركات’.
وأضاف هوغن أن الشركة نجحت في تحصيل ما دفعته مقابل شراء حصة نسبتها 29 في المئة في ‘إير برلين’ وهو 105 ملايين دولار خلال ستة أشهر بفضل الإيرادات الأضافية ووفورات التكلفة. ورغم ذلك قدمت شركة الطيران بعد ذلك قرضا بقيمة 195 مليون يورو إلى ‘إير برلين’ وأنفقت 184 مليون يورو اُخرى على شراء حصة نسبتها 70 في المئة في برنامجها ‘توب بونَس’ للمسافر الدائم.
غير أن الإستثمار في ‘أليطاليا’ من شأنه أن يكون أول إستثمار كبير تضخه الإتحاد في ناقلة أوروبية، ويجلب معه مجموعة من القضايا الشائكة التي عجز عن حلها مستثمرون محتملون آخرون مثل ‘إير فرانس كيه.إل.إم’.
وتخوض ‘أليطاليا’ والإتحاد المراحل النهائية من الفحص الفني النافي للجهالة. وتقول مصادر قريبة من المفاوضات ان الصفقة بين الشركتين قد تتضمن شراء الإتحاد حصة نسبتها 40 في المئة مقابل 300 مليون يورو.
وذكرت الشركة الإماراتية أنها لن تستثمر في ‘أليطاليا’ إلا إذا كان هذا الإستثمار يتناسب مع شبكتها، وكان لدى الشركة الإيطالية خطة يمكن التعويل عليها للعودة إلى الربحية.
وقالت الشركتان يوم الأحد الماضي ‘سيتعين حل أي مشكلات قد تعوق وضع خطة عمل مناسبة لضمان تنفيذ الخطة كي تنتقل أليطاليا إلى الربحية المستدامة’.
وتوفر ‘أليطاليا’ لشركة الإتحاد إمكانية دخول رابع أكبر سوق للسفر في أوروبا. وهي تنقل 25 مليون مسافر سنويا، غير أنها تخسر 700 ألف يورو يوميا فيما يزيد صافي ديونها على 800 مليون يورو.
وإستكملت ‘أليطاليا’ زيادة في رأس المال قدرها 300 مليون يورو في ديسمبر/كانون الأول، وقال محللون انها ستساعدها على مواصلة عملها لستة أشهر.
وبينما قالت الحكومة الإيطالية إنها متفائلة بشأن إبرام صفقة، قال محللون ان الإتفاق ليس مؤكدا، وتوقعوا مفاوضات صعبة حول الديون والمزيد من تخفيضات التكلفة في الأسابيع المقبلة.
وتريد شركة الإتحاد ضمان عدم وقوف الساسة في روما أو النقابات الإيطالية في طريق أي إستراتيجية مشتركة في المستقبل، ذلك أن التدخل السياسي المستمر في شؤون الناقلة الجوية الوطنية المتعثرة التي تعتبرها روما من الاُصول الإستراتيجية الوطنية شكل عقبة كبيرة في طريق مفاوضات سابقة بين ‘أليطاليا’ وشركات أجنبية تسعى للشراء.
ولكن مع ندرة المشترين المحتملين قال محللون إن ‘أليطاليا’ – وبالتالي إيطاليا – قد تضطر إلى التفاوض بخصوص شروط الإتحاد.
وقال كارلو ستاغنارو، مدير الأبحاث في معهد برونو ليوني في روما ‘إذا إنهارت المحادثات مع الإتحاد لا أرى أي بديل آخر سوى إنهيار أليطاليا’.
وتستغل الشركتان المنافستان ‘إيزي جِت’ و’رَيان إير’ أيضا ضعف ‘أليطاليا’ للتوسع بشكل كبير في إيطاليا مما يزيد من صعوبة المنافسة على أي مستثمر.
وبسبب المنافسة على الرحلات القصيرة المباشرة فإن من المتوقع ان تركز شركة الإتحاد على الرحلات الطويلة إذا استثمرت في ‘أليطاليا’.
وقال دونال أونيل، المحلل لدى ‘غودبودي ستوكبروكرز’ للسمسرة ‘لا يمكنها الفوز في المعركة مع ريان إير وإيزي جيت… فهي تلعب في سوق لا تألفها’.
ومما لا شك فيه أن الإستثمار المحتمل للإتحاد في ‘أليطاليا’ أثار بعض الإنزعاج إذ دعت ‘لوفتهانزا’ الألمانية المفوضية الأوروبية إلى إتخاذ إجراء في رفض قاطع منها لهذه الصفقة.
وتلقي إستراتيجية الإتحاد لشراء حصص الأسهم والمشاركة بالرمز مع ‘إير فرانس-كيه.إل.إم’ أيضا بظلال الشك على مستقبل التحالفات التقليدية لشركات الطيران، وهي ‘ستار’ و’وَن وورلد’ و’سكاي تيم’ التي وصفها هوغن بأنها ‘هشة’.
وقالت تانيا فيلغوس، من شركة ‘إيه.تي كيرني’ للخدمات الإستشارية ‘الغموض يكتنف الدور الذي ستلعبه التحالفات في المستقبل ولكن الأمر يبدو وكأنه نموذج أعمال لن يدوم بشكله الحالي’. وأضافت ‘نرى ميلا إلى التركيز أكثر على النمو العضوي أو عبر عمليات الإستحواذ’.
ويقول محللون أيضا ان توطيد العلاقات بين شركات مثل الإتحاد و’إير فرانس-كيه.إل.إم’ أو القطرية ومجموعة ‘آي.ايه.جي’ التي تمتلك الخطوط الجوية البريطانية (بريتش ايرويز) يمكن أن يدفع طيران الإمارات إلى إعادة التفكير فيما إذا كان بإمكانها الإستمرار وحدها.
وقال أونيل المحلل لدى ‘غودبودي ستوكبروكرز’ للسمسرة ‘أعتقد أن كلا من طيران الإمارات ولوفتهانزا ستدركان أنهما سيتعين عليهما التعاون إذا كانتا تريدان حقا النمو في أمريكا الشمالية وجنوب شرق آسيا اللتين يضعف وجودهما فيهما’.
ومع ذلك لم تنجح إستراتيجية الإتحاد في اقناع الجميع حتى الآن، إذ يقول جيمس هالستيد المحلل المختص بشؤون شركات الطيران ‘أرى صعوبة في إستيعاب ما يسعيان للقيام به إستيعابا كاملا’.
وأضاف أن الإتحاد كان من الممكن أن تتفق على المشاركة بالرمز مع شركات طيران دون الحاجة لشراء حصص أسهم. وتابع القول ‘ربما تكون هذه ومضة من جيمس هوغن. أود أن اُحسن الظن به’.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية