الرباط ‘القدس العربي’: قالت منظمات نسائية مغربية بوجود تراجع في وتيرة الإصلاحات المرتبطة بحماية المرأة المغربيّة من العنف، في ظلّ الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الاسلامي رغم زيادة عدد الحقائب الوزارية التي تولتها نساء في النسخة الثانية من الحكومة.
وقالت منظمة ‘قوّة النساء’ في مذكّرة مرفوعة إلى رئيس الحكومة، تحت عنوان ‘لا تسامح مع النساء’ قدمتها اول أمس في ندوة صحافية بالرباط أنّه، وعلى الرغم من الانجازات الهامّة التي تحقّقت في ظل الحكومات السابقة، من خلال وضع استراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء، وإصدار مدوّنة الأسرة، وتعزيز دستور 2011 لحقوق المرأة، بتنصيصه على مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في جميع الحقوق، وغيرها من الخطط، إلا أنّ فعاليتها في الحدّ من العنف ضد النساء محدودة.
واضافت المذكرة ‘الآن، نعتبر هذه التراكمات الإيجابية حافزا مُهمّا لطلب المزيد في اتجاه الملاءمة الشاملة لكلّ تشريعاتنا الوطنية مع التزاماتنا الدولية وجعلها مطابقة لنصوص الدستور الرامية إلى ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان’ لأنّ مقتضياته يمكن اعتبارها قاطرة مهمّة في ترسيخ الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في شموليتها.
وجاءت المذكّرة المشتركة المرفوعة إلى رئيس الحكومة من طرف منظمة ‘قوة النساء’، واتحاد العمل النسائي ومنظمة العفو الدولية، وبشراكة مع الاتحاد الاوروبي بعد بحث حول العنف ضدّ النساء بالمغرب، أنجزته المنظمة، ومن خلاصاته رصْدُ المجالات والفضاءات التي تتعرض فيها النساء للعنف بشكل أكبر من غيرها، على المستوى المحلّي.
واجمع المشاركون في المنتديات التي نظمتها منظمة ‘قوة النساء’ خلال سنتين من العمل المتواصل والاستشارات لدى اكثر من 70 جمعية، بحسب ما أفادت فييرا شيوبيطو، المسؤولة عن الجمعية الإيطالية ‘برجيطو موندو ملال’، على أنّ المجالات التي تتعرض فيها المرأة المغربية للعنف، على الصعيد المحلّي، أكثر من باقي المجالات، تتمثّل في المجال الأسري والحياة الزوجية، والشارع العامّ، ومؤسسات التربية والتكوين، ثم المجال المهني، (مكان العمل الذي يغلب عليه الطابع الفلاحي في هذه المناطق)، وفيما يخصّ أنواع العنف الممارس على المرأة، سجّلت المنظمة أنها تشمل جميع أنواع العنف، الجسدي والنفسي والاقتصادي والجنسي، والعنف الناتج عن انتهاك الحريات الفردية للمرأة، والعنف القانوني.
وقالت إحصائيات للمندوبية السامية للتخطيط بالمغرب أن ‘أعلى معدلات انتشار العنف الجنسي سواء كان مقرونا بانتهاك حرمة جسد المرأة أم لا، قد سجلت ضمن صفوف الشابات من 18 إلى 24 سنة بمعدل بلغ 40,7′ وهو ما يعادل 763 ألف امرأة’ ويتعلق في المجمل بستة ملايين امرأة من أصل تسعة ملايين تتراوح أعمارهن ما بين 18 و64 سنة يتعرضن للعنف، أي ما يعادل امرأتين من أصل 3.
ودعت المذكّرة المرفوعة إلى رئيس الحكومة إلى التركيز على مستوى التتبّع والتقييم، وذلك من خلال إنشاء خلايا اليقظة لرصْد انتهاكات حقوق المرأة بمختلف القطاعات والفضاءات، وخلق آليات مؤسساتية دائمة لمتابعة وتقييم تنفيذ مختلف التدابير المتخذة والرصد الدقيق للنتائج المحققة ولمكامن الخلل، وإشراك مختلف الفاعلين المحليين من جمعيات وغيرها، من أجل تكوين قاعد معطيات علميّة تشاركية ومُحَيّنة باستمرار عن الوضع، لإعمال الحقوق الإنسانية للمرأة المغربية ومناهضة العنف المبنيّ على النوع.
ويهدف مشروع ‘قوة النساء’ ‘دعم قدرات المنظمات والجمعيات العاملة في مجال حقوق النساء من أجل الإعمال الفعلي والشامل من طرف المغرب للمساواة بين الجنسين ولتنفيذ خطة اسطنبول’.وتعتبر ‘خطة عمل إسطنبول’ إطار عمل وخلاصات تم التوصل اليها خلال الاجتماع الوزاري الأورومتوسطي الذي عقد بإسطنبول عام 2006، وهي تهدف الى تعزيز دور النساء في المجالات السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كما تهدف الى مناهضة التمييز ضد النساء.
وتعد ‘خطة عمل إسطنبول’ اعترافا حكوميا من الدول الأورومتوسطية بوجود حالة عدم مساواة بين الجنسين وبضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمعالجة ذلك.
ومن بين مظاهر العنف ضد النساء التي رصدها مشروع ‘قوة النساء’ تعقيد الاجراءات الخاصة بشكاوى النساء ضحايا العنف، إضافة الى شبه غياب لمراكز الاستماع ومراكز التوجيه، وتكاثر الأمثال الشعبية التي تحط من قدر المرأة، والتحرش الجنسي وغموض بنود القانون وذلك بعد عشر سنوات من تبني المغرب لمدونة الأسرة، وفي وقت تناقش فيه لجنة خاصة برئاسة رئيس الحكومة مشروع قانون يجرم العنف ضد المرأة.