فلنقل لا للتضحية بروابط الأخوة على مذبح السياسة

حجم الخط
0

لا تستند السياسة على المبادئ الأخلاقية أو الإيديولوجية بل هو نظام سياسي يقوم على عوامل واعتبارات مادية.
في السياسة العالمية، تسعى البلدان الى توثيق علاقات مع بعضهم بعضا لتحقيق مكاسب مادية بحتة، مثل الوصول إلى الموارد الطبيعية، وطرق التجارة أو التحالف العسكري الاستراتيجي. وينظر عادة إلى هذه العلاقات على انها ضعيفة جدا، حيث انه في حالة تزعزع شريك واحد لأي سبب معين، فإما ان يدير الاخر ظهره أو يسعى الى استغلال الوضع لصالحه، في حين أن التعاليم الإلهية تؤكد ضرورة تحقيق السلام مع الآخرين و ‘أن تحب جارك’. هذا النهج يضيف بعدا مختلفا تماما إلى الروابط بين الدول أو الأفراد، ولا يتطلب هذا النظام أي مناورة كما تأخذ المصالح السياسية المقعد الخلفي .
خلافا للنظام السابق، فان هذا الأخير يعزز علاقات الأخوة، ولا تسفر المناورة السياسية القائمة على الظروف والأوضاع المادية البحتة سوى نجاح مؤقت، ونتيجة لذلك لا تبقى في اغلب الاحيان إلا حفنة من الناس سعداء والبقية يعيشون بشكل دائم تقريبا في تعاسة. المناورة السياسية لا تمنع الكوارث المستقبلية المحتملة، اما الأخوة فتتطلب منك الوقوف إلى جانب أخيك في السراء والضراء، والصمود في وجه العاصفة.
مخاوف تركيا بشأن الوضع في مصر بسبب علاقات تربط بين البلدين. الاضطرابات الحالية في مصر هي تذكير بأيام الاضطرابات السياسية القاتمة في تركيا. لقد مرت مرحلة مماثلة في تاريخنا. مصر تمر بمرحلة حاسمة وتحتاج للمشورة الأخوية، للاسف بعض التصريحات الاخيرة من الجانب التركي لم تتفهمها السلطات المصرية بشكل جيد، وأدت إلى طرد السفير التركي من القاهرة، اذن لا بد من وضع استراتيجية لحل القضية بدون إضاعة الوقت، واعتماد سياسة تكون مقبولة لجميع الشعب المصري، تكون بمثابة الوفاق بدلا من الحزبية .’
على المرء أن يكون عادلا بما فيه الكفاية عندما ينظرالى الوضع في مصر. إذا أرادت أنقرة من الجهة الموالية لمرسي ان تكون جزءا من الديمقراطية، ينبغي أن تنظر أيضا الى المخاوف التي أعربت عنها الجهة المعارضة. حاول نظام مرسي تحقيق الإصلاحات المختلفة، ولكن ما كان متوقعا كان أكثر عمقا وبحاجة الى تغيير عميق حتى الجذور .
في الحقيقة ان ‘الحرية’ افرحت المصريين، الذين لم ولن يتقبلوا العقلية المتطرفة كالعقلية التي تحكم مجتمعهم .لا يمكن ابدا لأي بلد محاربة النزعات المتطرفـــة من خلال اعتماد التدابير القسرية، مثل هذه الخطوات تؤدي فقـــط إلى تفاقم الوضع وتعميق الانقسام. هناك حل واحد فقط لهذه المشكلة هو التربية والتعليم.
‘بالامكان محاربة التطرف فقط من خلال وضع سياسة تعليم مناسبة. تركيا يمكن أن تكون مفيدة جدا في هذا الصدد نظرا لتجاربها الماضية والإنجازات الحالية. ينبغي على تركيا إظهار الإسلام كدين الحرية والديمقراطية، وأن تشجع الفنون والعلوم، حيث يكمن الحل في الإسلام الحقيقي وهو السلام الحقيقي والدائم، بدلا من الصراع. يجب أن تبدأ في القيام بذلك عن طريق التوفيق بين الجانبين. تركيا ليست دولة مثالية، ولكن دورها التاريخي كوسيط يمكنها من التدخل في الصراع. لذا يجب أن تقف مع مصر كأخ وكجزء من المشكلة، وينبغي ألا يستند هذا الدعم على المصالح السياسية .
غادر سفيرنا مصر في مناورة سياسية غير مرغوب فيها، ولكن يحظر على الأخوة خوض المناورات السياسية. وظلت العلاقات بين البلدين مستتبة بدون أن يمسها اي سوء خلال أزمة مماثلة في الماضي. يتعين على الجانبين عدم السماح الوضع الحالي بالاضرار بالعلاقات الأبدية.

‘ كاتب تركي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية