تحول ‘الجبهة الوطنية’ المتطرفة إلى القوة السياسية الأولى يحرج فرنسا دوليا ويضعف مصداقيتها

مدريد ـ ‘القدس العربي’: أصبحت فرنسا تشعر بما يشبه الانتكاسة دوليا بسبب تحول الجبهة الوطنية الى القوة السياسية الأولى في البلاد. ويأتي هذا التحول في المشهد السياسي الفرنسي في وقت ترغب فيه باريس من تعزيز حضورها دوليا في السياسة الخارجية بخطابات
حقوق الإنسان والاستقرار بينما داخليا هناك قوة آخذة في تزعم المشهد السياسي تتبنى مواقف معارضة.
ومنذ شهور، يجري الحديث عن التقدم القوي للجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبين في استطلاعات الرأي حيث تتصدر بثبات المركز الأول. ونشرت جريدة ‘لوجورنال دي ديمانش’ الأحد الماضي استطلاعا للرأي حول الانتخابات الأوروبية المرتقبة لشهر ايار / مايو المقبل ليؤكد استمرار تقدم الجبهة سياسيا، حيث حصلت على 23′ من الأصوات متبوعة بحزب اتحاد الحركات الشعبية بـ 21′ وتراجع الحزب الاشتراكي الحاكم الى المركز الثالث بـ 18′ وهذا التقدم يبرز التغيرات الحاصلة في المشهد السياسي الفرنسي، حيث لم يعد تقدم الجبهة الفرنسية ظرفيا بل من مميزاته الثابثة، وسيترتب على هذا ضرورة تعايش الطبقة الكلاسيكية في هذا البلد الأوروبي مع الوافد السياسي الجديد.
وعمليا، يشكل تصدر الجبهة الوطنية سياسيا في فرنسا نتيجة مسار طبيعي لأن الجبهة تتقدم بشكل ثابت خلال العقدين الأخيرين.
وفي خطوة لتطوير وتعزيز حضورها، كتبت جريدة ‘لوموند’ منذ يومين أن الجبهة الفرنسية ترغب في توحيد صفوفها برفقة رابطة الشمال في إيطاليا وهي تنظيم سياسي متطرف لتشكيل قطب سياسي متطرف قوي على المستوى الأوروبي.
وفي تحليل لها، كتبت الجريدة الرقمية الواسعة الانتشار RUE89 أن الفضل في تقدم الجبهة الوطنية يعود الى أسباب متعددة على رأسها استياء الرأي العام من الحزب الاشتراكي الحاكم بزعامة الرئيس فرانسوا اولاند الذي لم يف بوعوده الانتخابية
وخاصة في مجال الشغل حيث تستمر البطالة في الارتفاع. وفي الوقت نفسه، استياء الفرنسيين من سياسة الاتحاد الأوروبي التي أبانت عن فشل في تدبير الأزمة.
وتمضي في تحليلها الى استغلال الجبهة الوطنية لهذا اليأس وسط المجتمع لتتحول الى القوة السياسية الأولى وفق مختلف استطلاعات الرأي التي جرت خلال الشهور الأخيرة وآخرها استطلاع الأحد الماضي عن مؤسسة إيفوب الشهيرة.
ويرى محللون آخرون في تزعم الجبهة الوطنية لاستطلاعات الرأي انتكاسة حقيقية لفرنسا وسط المنتظم الدولي بحكم أن هذا الحزب القومي المتطرف يدافع عن أطروحات عنصرية بينما تعتبر فرنسا أنها فرنسا في تطوير حقوق الإنسان والحقوق السياسية والإنسانية بفضل الثورة الفرنسية.
ويؤكد مصدر من الحزب الاشتراكي الفرنسي مكلف بالسياسة الأوروبية لـ ‘القدس العربي’ سنرى خلال ايار/مايو بدون شك الجبهة الفرنسية تتزعم بناء قطب يميني متطرف في أوروبا، هذا سيشكل انتكاسة لنا كما يؤكد المحللون، فرنسا التي كانت مصدر وقوة توحد أوروبا الآن أصبحت مصدر ضعفها’. ويأتي تقدم الجبهة الوطنية ذات الخطابات العنصرية والمتطرفة خاصة ضد المسلمين في وقت ترغب فيه فرنسا في تعزيز حضورها ونفوذها دوليا. إذ بدأت تسقط في مفارقة كبيرة، ترغب في نشر سياسة متسامحة واحترام حقوق الإنسان بينما داخليا يترعرع ‘غول سياسي’ يعارض هذه المبادئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول S.S.Abdullah:

    لنضع النقاط على الحروف فأصلا نابليون بونابرت هو أول من وعد بكيان صهيوني في فلسطين ولذلك عمل له الصهاينة نصب في عكا.

    قوى اليسار بقيادة الإتحاد السوفيتي وفرنسا الجنرال شارل ديغول هم من فرضوا على الأمم المتحدة استصدار شهادة ميلاد للكيان الصهيوني عام 1947 بالرغم من أن الكيان الصهيوني حتى الآن لا يستوف شروط العضوية في الأمم المتحدة، والمأساة أنه في نفس الوقت ورفضوا استصدار شهادة ميلاد لفلسطين؟!

    قوى اليسار العربي هي من خسرت الحرب مع الكيان الصهيوني عام 1967 إن كان العسكرية بقيادة جمال عبدالناصر أو السياسية في أروقة الأمم المتحدة بقيادة عبدالعزيز بوتفليقة، وهم من عملوا تحويل قضية فلسطين من قضية احتلال إلى قضية مجموعة أفراد بدون أوراق رسمية صادرة من جهة تعترف بها الأمم المتحدة، والفضيحة الكبرى هو في قبولهم إعادة رسم خارطة فلسطين وتحديدها بحدود نتائج الحرب التي خسرتها قوى اليسار العربي عام 1967

    في حين قوى اليمين إن كانت ممثلة في شاه إيران أو دول الخليج بقيادة الملك فيصل والشيخ زايد هي من مولت الجيوش العربية في حربها عام 1973 وهي من فعلت المقاطعة النفطية للغرب بسبب دعم الغرب للكيان الصهيوني في حرب 1973

    الآن أيهم أكثر مصداقية في مواقفه تجاه قضية المسلمين الأولى ألا وهي قضية فلسطين هل هي قوى اليسار؟ وما الدليل على ذلك على أرض الواقع؟

  2. يقول Hassan:

    العنصرية في فرنسا قد تتنامى شيئا فشيئا. العنصريون زادهم في ذلك حجم الجهل المتفشي في أساط الشباب الفرنسي والذي من أسبابه تراجع إقبال أجيالهم بالإنقطاع والإبتعاد عن التعلم. فشبابهم تعصف به الآفات الإجتماعية ما يسهل انتداب وانخراط أولئك الشباب في الهمجية التي يريدها اليسار الفرنسي المتطرف. ويوم أن يصل ذاك الحزب إلى حكم فرنسا فهو الدليل القاطع بأنه قدا بات من السهل إخضاع فرنسا لأي بلد عربي يريد السيطرة على فرنسا.

  3. يقول حربي علي. لندن:

    يا عرب يا مسلمين. نحن من أشعل نار العنصرية لقد حولنا الاسلام الى دراكولا . فكيف نحن مهاجرين من بلاد العرب حيث لا قيمة للبشر وعندما نستقبل في بلا الغرب نريد ان نغير الغرب؟؟ كل أمة لها عبادتها وعاداتها وانه لمن الغريب ان لا نحترم من يحترموننا. ومن أراد ان يغير الغرب فليغير من حيث أتى اي في بلاده . نحن نظن بأننا أضل البشر ولكن العكس صحيح
    ولا اعرف الى متى سيظل الغرب صامتا على ضيوفهم

إشترك في قائمتنا البريدية