الحجاج الروس وأسوار القدس وخنازير الأردن وتمساح مصر

حجم الخط
3

يقترن اهتمام سكان روسيا القديمة (كييفسكايا روس) بالأماكن المقدسة في المشرق العربي باعتناق عاهل إمارة كييف الأمير فلاديمير النصرانية عام(988م) واتخاذ الأرثوذكسية عقيدة له ولرعاياه.
ومنذُاك العهد، اهتم المؤمنون الروس بالمعطيات والآثار التاريخية والدينية والثقافية وعادات وأعراف الأقوام الواردة في التوراة والإنجيل عن ديار العتبات المقدسة في بلاد العرب وحضاراتها العريقة في ما بين النهرين وفلسطين ووادي النيل وشبه الجزيرة العربية ونحوها من بقاع الشرق التي توالت عليها حضارات قديمة على مر العصور.
ومع نهاية القرن العاشر الميلادي، عَمّتْ النصرانية الإمارات الروسية وغدت ديانة البلاد الرسمية، التي تقبلها الشعب برغبة وشغف كبيرين، معبراً عن هذا في بناء الكنائس والأديرة الكثيرة، مدفوعاً بحماس روحي ولده فيه الطقس البيزنطي الذي تبنته الكنيسة الروسية (الأرثوذّكسية). أيقظت العقيدة الجديدة حياة الشعب وشدت روحانيتها المؤمنين الروس إلى حج الأماكن المقدسة في فلسطين، أرض التجسد والقيامة ومهبط الوحي ومهد المسيحية.ولم يكن وقتئذ أداء فريضة الحج بالأمر الهين، بل واجه الحجاج منذ خروجهم من إمارات كييف ونوفغورود وفلاديمير وحتى وصولهم الديار المقدسة متاعب ومخاطر الرحيل جراء التغيرات السياسية والحروب الصليبية والكوارث الطبيعية واعتداءات القراصنة وقطاع الطرق وتفشى الأوبئة في بلدان الشرق في هاتيك الفترة العصيبة والقاسية من تأريخها.
كل هذه العوائق والمخاطر والصعاب لم تثن عزيمة الحجاج والرحالين والمبعوثين الروس عن زيارة الأماكن المُقدسة وتدوين ورسم مشاهداتهم الحية للديار التي مروا بها أو أقام نفرٌ منهم فيها.وفعلاً يجد المتابع في مؤلفاتهم متعة بالغة الأثر لما انطوت عليه أسفارهم من مغامرات فيها قدر كبير من الخطورة، وهم يقطعون الفيافي والسهول والوديان لأشهر بل ولسنوات عدة مشياً على الأقدام تارة وعلى ظهور الدواب تارة أخرى، أو يمخرون عباب البحار والأنهار بالسفن الشراعية أو بالقوارب النهرية في بلاد لا يعرف معظمهم لغة أهلها، ولا يجيد طباع وعادات سكانها.ولي في وصف الراهب الرحال فاسيلي بارسكي، في كتابه’رحلة في الأماكن المُقدسة’، (تجول في الربع الثاني من القرن الثامن عشر ببلدان شرق المتوسط أكثر من عشرين عاماً)، حجة لبيان تلك المصاعب التي واجهها الحاج بارسكي وقافلته التي انطلقت من القاهرة إلى سيناء قاصدة فلسطين: (انطلقنا من مصر في رحلتنا عبر الصحراء…سرنا يومين في أرض رملية مستوية، فيها حجارة رملية صغيرة وحادة، وليس فيها من عشب أو حيوان، أو شجر أو مياه، ما من قطرة ماء هنا.ولا يوجد شتاء فيها ولكن الشمس متأججة دائما بقوة بحيث تشوي جسم الإنسان..وهناك الكثير من قطاع الطرق مختبئين بين الجبال.لقد هاجمونا قبل ثلاثة أيام ليل نهار ولكنهم لم ينالوا وطرهم لأننا كنا كثيرين ومسلحين).
من سرد المدونات الروسية يستق المؤرخ والأديب معلومات ومعارف جمة عن أحوال وأهوال البلاد، ونمط حياة قاطنيها في حقبة تاريخية مشهودة.والمعتاد، أن نادراً ما يسجل أبناء تلك البلاد مثل هذه التفاصيل الشيقة.هذا وتعد أعمال الحجاج الرحالين والمبعوثين والبحارة الروس عند ذوي الاختصاص من أهم وأثرى مصادر علوم البلدان واللاهوت والإستشراق والإثنوغرافيا الروسية، بل يمس أثرها وبشدة الأدب الروسي الأرثوذكسي القديم والتجديدي الحديث الذي يضمر في قرارته ضروباً من اللاهوت والرومانسية والتصوف والعلمانية.وعملياً من غير الممكن وصف تلك الأهمية التاريخية والدينية والثقافية لهذا الإرث المعرفي الهائل، الذي اشتغل فيه خيرة العلماء والمفكرين ورجال الدين والثقافة والأدب الروس والألمان والفرنسيين منذ قرون عدة ولم يفرغوا بعد من تحقيقه والكشف عن مكنون كنوزه الروحية والمعرفية، التي يستحيل دونها تصور مشارب ومعالم الثقافة الروسية الحديثة ومشاربها وإيحاءاتها الحميمة وبعدها الإنساني. ولعلي أميل (بكل يقين) إلى أنَّ من هذا الإرث، عابر القرون، قُدّت شحنة الانفجار العظيم الذي ولّد ذاك الإبداع الأدبي والفلسفي الروسي، النثري منه والشعري، بل ومجمل منظومة الإصلاح الشاملة التي نقلت فئات المجتمع الروسي من أصفاد القنانة الثقيلة إلى رواق الحضارة الأوروبية العلمانية بكل مكوناتها الثقافية والأكاديمية والدبلوماسية حتى غدا المخطوط، وبوجه أخص الشرقي، والرَّسم الفني والكتاب النادر والزخرفة الباهظة تزين صالونات وقصور الأمراء والنبلاء الروس ودور العلم والآداب ودواوين الدولة الروسية الناهضة، بفضل تلك العقول التي لم يكن بمقدورها تجاهل إغراءات البلاط القيصري الباذخة للعمل والتوطن على ضفاف النيفا والفولغا المديدين، فما كان لها من خيار غير أن تشدَّ الرِّحال من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وبلاد العرب و..، إلى بطرسبورغ عاصمة القياصرة، للعمل والإبداع دون كلل، وليت من يدلني على حقل معرفي روسي لم تسهم في إنشائه أو تطويره هاتيك العقول المبدعة التي قدمت وبحق أجّل ما ملكت من علوم شتى إلى البلاد الجديدة وكأنها وطنها الأم وليس غير! يا له من إخلاص لشعاع العلم والإيمان ورسالة الإنسان!.والمسر أنّ مقام تلك العقول النيرة النزيهة مُخلد ومحمود وفكرها الوثاب يجري في روافد العلم والثقافة والآداب الروسية، بل وشواهده على جدران وبوابات أعرق وأفخم العمائر والقصور الروسية ودور العلم والثقافة الباذخة.

رحلات مبكرة

ساهم اعتناق سكان روسيا القديمة الديانة النصرانية وتخليهم عن الوثنية وطقوسها في تقوية صلاتهم الروحية بمواطن العقيدة الأرثوذكسية.وشجع ارتباط الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الروحي بمرجعيتها في القسطنطينيةتسارغراد على تبادل البعثات الدينية الروسية والبيزنطية، وتسهيل أداء المؤمنين الروس فريضة الحج في الأراضي المقدسة.
والمفيد أن مدونات الرحالين والحجاج والمبعوثين والتجار الروس إلى الأراضي المقدسة في فلسطين وسوريا ومصر تحفظ بهيئة صحائف وسجلات تزخر بالمعلومات النادرة والممتعة عن بلدان الشرق الأدنى ومعالمها الجغرافية والعمرانية والدينية، وعن صاحب الرحلة مع إشارات متفرقة إلى من رافقوه في التجوال.
وتبقى دراسة الرحلات الروسية المبكرة وقوافل الحجاج إلى بقاع شرق المتوسط، بعد اعتناق الروس الأرثوذكسية، مهمة شاقة يلفها الغموض لعمقها التاريخي وضآلة معلوماتها المكتوبة وأدلتها المعرفية.رغم ما نقلت بعض المصادر من إخباريات عن رحلات تم تدوينها دون أن يصل منها غير نصوص طفيفة معظمها بات اليوم في عداد المفقودات.
ورغم هذا يتفق المؤرخون الروس على أن مؤلَّف (المسيرة) للراهب الروسي إيغومين دانييل هو أول وأكمل وأشهر مدون وصل من سفر الرحلات الروسية المبكرة إلى بقاع المشرق العربي، بداية القرن الثاني عشر الميلادي (1106-1108). وجاء في السجلات الروسية أن الراهب دانييل توفي عام (1113م) ويمكن القول انّه أتمم مخطوطته (المسيرة) بين عامي (1108-1113).، هذا الكلام لا يعني أن الروس لم يؤموا، قبل رحلة الراهب دانييل، العتبات المقدسة بفلسطين لأداء فريضة الحج. إنما تنقل الملاحم الشعرية الروسية القديمة ومنها (مجموعة فلاديمير) أنباء فرق الحجاج التي أمت الأماكن المقدسة في نهاية القرن العاشر- بداية القرن الحادي عشر (وغالباً ما تضم الفرق أربعين حاجاً). كما وتتحدث إحدى الملاحم الشعرية، مصدرها نوفغورود، عن رحلة فاسيلي بوسلاييف الذي خرج في ركب الحج مع أربعين تقياً من زملائه إلى الأرض المقدسة (للسجود أمام ضريح السيد المسيح والتمسَّح بالقداس الأبدي والاغتسال في نهر الأردن الطاهر) وظفروا في تحقيق بغيتهم في قضاء فريضة الحج والتبرك بزيارة القدس الشريف وسائر البقاع المقدسة. كذلك تم العثور في الملاحم الشعرية الروسية على معلومات عن تجارة الروس مع البلاد العربية، وفيها يُذكر الذهب والنُحاس العربي والعمران والزخرفة.وأيضاً تشير السجلات التاريخية إلى أن جموع من المؤمنين الروس قاموا برحلات إلى العتبات المقدسة في القرن الحادي عشر وزاروا مدن في بيزنطة وفلسطين.وتسمي منهم الرحال أنطون الذي بدأ رحلتهُ عام (1013م) من الجبل المقدس وعودته إلى كييف عام (1017م)، و(أنه حلق شعره في أفون/اليونان)، كما ورد ذكر هذه الرحلة في المدون التاريخي لنسطور عام (1051م). ورحلات فارلام وإيغومين دميتروفسكي اللذين أمّا الأرض المقدسة لأداء فريضة الحج عام (1022م). إلى جانب هذا تخبر سجلات إيباتييفسكي أن المطران غيورغي زار مدينة القسطنطينية عام (1073م) بعد زواج الأمير فسيفولود، نجل عاهل كييف الأمير ياروسلاف، من ابنة إمبراطور بيزنطة. ويُذكر أن الراهب يفريم كاجنيك أقام في القسطنطينية لإدارة شؤون أمير كييف إيزياسلاف، وفي وقت لاحق أصبح يفريم أُسقف بيرياسلاف. وتنقل السجلات الروسية كيف التقى رجل الدين الأرثوذكسي فيودوسي بيتشيرسكي في مدينة كورسك الروسية، عام (1102م)، بالحجاج العائدين من زيارة الأماكن المقدسة في فلسطين ومصر والقسطنطينية.
الحاج دانييل وأسوار القدس
ورغم شيوع رحلات أداء فريضة الحج بين أتقياء روسيا الأرثوذكسية، الأمر الذي تم التثبت منه في روايات الحجاج الروس المحفوظة في بطرياركية كييف- بيتشيرسكي، إلا أنَّ أولئك الحجاج (كُتّاب الأدب الروسي المُبكر) لم يعرفوا، حتى بداية القرن الثاني عشر، رحلة مدونة كرحلة (المسيرة) للراهب الحاج إيغومين دانييل.التي لا تقتصر أهميتها على طابعها الأدبي بل تُعد مصدراً عريقا في تاريخ علوم الجغرافيا والإثنوغرافيا وتاريخ الشرق الأدنى.والمهم هتا هو إجماع المؤرخين على أن الراهب إيغومين دانييل (من دير تشورنيغوفسكي الواقع جنوب روسيا) أول حاج ورحال روسي زار في بداية القرن الثاني عشر (1106- 1108) الأماكن المقدسة في القسطنطينية وفلسطين والأردن ومصر، ومكث فيها ستة عشر شهراً.وفي تجواله الطويل بلغ دانييل مناطق شرقية حساسة لم يصلها معاصروه، شهدت نزاعات مصيرية رافقت وصول الصليبيين إلى أرضها.
والغريب أنَّ الحاج دانييل الذي وصف في مؤلف(المسيرة) ما صادفه من بقاع وأقوام وأنظمة وعمران وطبائع وأعراف وما عاصره من وقائع وأحداث، لم يشر ولا بحال إلى الطريق الذي سلكه للوصول إلى القسطنطينية.ويذكر فقط كيف بلغ مدينة القدس عن طريق ميناء يافا الفلسطيني.ومدينة يافا، في تسجيلات الحاج دانييل، تقع بالقرب من القدس و(من يافا وعن طريق البر، وعلى بعد ثلاثين فرسخ يمكن الوصول إلى القدس). وفي حديثه عن القدس الشريف، التي زارها بعد سقوطها بيد الصليبيين، أسهب الحاج دانييل في وصف ثرواتها الوفيرة ومعالمها الجغرافية والحضارية. والقدس (..مدينة عظيمة محصنة بأسوار متينة). وأن (لا أنهاراً ولا ينابيعً ولا آباراً للمياه بالقرب من مدينة القدس.وعلى مياه الأمطار وحدها يعيش سكان المدينة والمناطق المحيطة بها). ويشير دانييل إلى خيرات ومحاصيل القدس الزراعية: (تنتج مدينة القدس وجوارها، القليلة الأمطار، خيرات كثيرة، وخصوصاً الحنطة والشعير، وتحيط بها بساتين الكروم التي تمتد حتى نهر الأردن).
وفي (المسيرة) خصص الرحال دانييل حيزاً كبيراً لأجناس مختلفة من مقدسات وأساطير العهد القديم، ودون معلومات عن أحداث عاصرها وسجل انطباعات عن مناطق زارها ومظاهر شاهدها تدخل اليوم في عداد الآثار المفقودة.ومما شد انتباه الحاج دانييل كثرة الوحوش في الأردن (يلاحظ وجود وحوش كثيرة في حوض الأردن مثل الخنازير الوحشية والنمور الرقطاء والأسودô). وعبر دانييل في كتاباته عن دهشته بما شاهده(تلح علي الأفكار والولع أن أصف كل ما يتراءى لي). وزادت دهشة الرحال الروسي طبيعة مصر الفريدة وعادات وطبائع أهلها وأعرافهم وعالم الحيوان المدهش (الحيوان المائي الذي يسمى تمساح، رأسه كرأس الضفدعة، عينان بشريتان بأربع قوائم، كل واحدة تزيد عن الشبر قليلاً). أو الكائن العجيب الطائر الجملي (النعامة). وينقل الرحال دانييل أخباراً عن معارك وقعت بين المسلمين والصليبيين، ويذكر أنّهُ زار المعسكرين وحظي باهتمام الطرفين.
هذا الوصف الدقيق والممتع جعل من مسيرة دانييل أثراً فريداً وبارزاً من آثار الأدب الروسي المبكر.ظل على مدى القرون مصدراً موثوقاً لا غنى عنه في دراسة تاريخ وعمران وثقافة بلدان شرق المتوسط، الأمر الذي حثَّ العلماء والمؤرخين على ترجمته إلى اللغات الفرنسية والألمانية واليونانية…

* باحث وأُستاذ جامعي / روسيا
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن بطوطة:

    الاستاذ ناظم نتمى عليك انت و الاخوة خريجي المعاهد الادبية و كليات العلوم التاريخية في روسيا ان تساهموا في تنوير الاعلام العربي عن العلاقة التاريخية بين روسيا و العروبة و فلسطين – لانها اصبحت ملحة – معلومات المجتمع العربي ضئيلة في هذا المجال – و مشوهة – على سبيل المثال في امكانكم التواصل مع قناة الميادين في موسكو اعتقد انها سترحب بكم – منذ ثلاث سنوات و في كل اللقاءات بين القيادة الروسية و المسؤولين العرب كان الروس يشددون على التاريخ المشترك مع البلدان العربية – اما الاعلام العربي فيركز على المصلحة الاقتصادية لروسيا فقط –
    منذ سنة و في لقاء له مع اللقاء الارثذوكسي السفير الروسي في بيروت زاسبكين- قد القى محاضرة عن الجمعية الامبرطورية الروسية الفلسطينية الارثذوكيسية التي ستكون صلة الوصل بين روسيا و بلدان الشرق الاوسط …
    استعادة تاريخ العلاقة مع روسيا ملحة .. و اتمنى على زملائك العرب خريجو المعاهد الادبية و الثقافية الروسية ان تستمروا في كنابة المقالات في الاعلام العربي … و انا متأكد من ان مقالاتكم ستلقى صدى و اهتمام في المجتمع العربي …

  2. يقول ناظم مجيد حمود:

    الأُستاذ الفاضل إبن بطوطة المحترم
    أؤكد لكم بأنّي لا أروم في كتاباتي في صحيفة”القدس العربي” ونحوها من الصحف والمجلات المعتبرة سوى توصيل تلك المعارف والمعلومات التاريخية التي تحفظها بطون الكتب والدوريات الروسية المبكرة بنصوصها وأفكارها كما وردت في المدونات الأصلية إلى القارئ الكريم. ورغم الصعاب التي تواجه الباحث في هذا المجال الشاق والواسع إلا أن غراء متعة الغوص في بحر المعلومات العميق، التي أورثنا إياها الرحالون والحجاج والدبلوماسيون الروس وأمانتهم في وصف ما صادفهم وما ساهموا فيه، تُنسينا المشاق.ولعلي لا أُبالغ أن قلت أنَّ ما تضمه خزائن الأراشيف الروسية ولا أقول مستودعات ورفوف المكتبات من معلومات عن منابع وجذور العلاقات الروسية- العربية الإسلامية تكفي لكتابة، ودون أدنى مبالغة، مئات المؤلفات العلمية الكبيرة عن تاريخ تلك العلاقات. المشكلة في من يدعم مثل هذه المشاريع التي سيكون لها أسهام كبير في تنقيح وتعديل الكثير مما كتب عن تاريخ بلدان الشرق العربي،فالمؤلفات الروسية أنفة الذكر موسوعية وأكثر صدقية في معلوماتها ومتحررة من العقيدة الاستعلائية التي طبعت مؤلفات الكثير من الرحالين والدبلوماسيين والمؤرخين الغربيين. وأخيراً تحتل فلسطين مكان القلب في كل كتابات الرحالين الروس،ويذكر اسم فلسطين في معظم مدوناتهم ب(الأرض المقدسة)أو(الأماكن المقدسة). أما بالنسبة إلى الجمعية الامبراطورية الروسية الفلسطينية الأرثوذكسية فإن شاء الله سيكون لنا حديث عنها فارشيفها ونشاطاتها العلمية الخيرية حتى عام 1914 كان عظيماً وجليلاً ويكفي أن أقول أن عدد مدارسها في فلسطين ولبنان وسوريا في ذاك العام بلغت (101) مدرسة وسيمنيار تصرف عليها روسيا القيصرية والكنسية الأرثودكسية والمحسنين الروس.وقبل بضعة سنوات صدر في سانت-بطرسبورغ مجلد ضخم عن مؤلفات الجمعية منذ تأسيسها (1882)إن لم تخني الذاكرة،وقد أعدت الدليل وقدمت له بدراسة قيمة زميلتنا الدكتورة غالينا زاخارفنا بومبيان رئيسة(سابقاً) قسم آداب آسيا وأفريقيا في مكتبة أكاديمية العلوم الروسية ، ويشرفنا ورود عناوين بعض مقالاتنا عن الجمعية في هذا الفهرس الأكاديمي. فليت من يرعى من العرب أو سواهم ترجمته إلى العربية. لاشك أن الحديث معكم ذو شجون. مع فائق الاعتزاز

  3. يقول Cheap Chrome Hearts Rings:

    Best Blog! The awareness you provide is quite useful, why I was not clever to find it in the past. Anyways I’ve joined to your feeds. Please, maintain the brilliant work up.

إشترك في قائمتنا البريدية