المنتدى الإقتصادي العالمي: من التشخيص الخاطئ إلى العلاج غير الفعال

حجم الخط
1

يحذر المنتدى من تزايد الفجوة المزمنة بين الأغنياء والفقراء ونرى ان هناك تقريرا لمنظمة أوكسفام الخيرية البريطانية، يشير إلى أن ثروات مئة ملياردير فقط، تكفي لإنهاء الفقر في العالم أربع مرات ( القدس العربي ، 21/1/2014 ) . فما السبب الحقيقي لهذه الفجوة؟ ولماذا هذه الفجوة مزمنة؟ وكيف يتم تقليصها ، على طريق إزالتها؟ ومن المؤهل لقيادة هذا التغييرالسياسي الهام من أجل تحقيق العدالة الإقتصادية والإجتماعية؟
إن زيادة أرباح الطبقة البرجوازية، من خلال إستثماراتها المتعددة في كافة مجالات الحياة ، على حساب الأجور ومدخولات الأفراد هي سبب رئيسي، لحدوث مثل هذه الفجوة؛ وهذا سيترتب عليه عدم توزيع الدخل القومي بشكل عادل بين مختلف شرائح وفئات وطبقات المجتمع. وهذه الفجوة ستبقى تلقي بظلالها، ما دام فائض القيمة عن الأجر يصب لصالح هذا الفائض؛ وما ينتج عنه من توزيع غير عادل للدخل القومي. إن تقليص هذه الفجوة ـ قد يتم ولكن دون إزالتها تماماً ـ تساعد على تحقيقه الدولة، عندما ترسخ بتشريعاتها وقوانينها ولوائحها التنفيذية، المواد الضرورية لوضع مسافة ليست بعيدة جداً بين الفقراء والأغنياء. فالنظام الرأسمالي أزمته في بنيته، والقائم على فروق كبيرة بين من يملك وسائل وأدوات الإنتاج (البرجوازية)، وبين من يملكون قوة العمل (العمال)؛ وهذه الهوة العميقة بين الطرفين لا يمكن جسرها بالكامل إنما يمكن تقليل تلك الفجوة. وهذا المأزق الرأسمالي ساهم في إضطهاد فقراء نفس البلد الرأسمالي، وتخطاها ليضطهد بقية الشعوب (الإستعمار والإحتلال والقهر والظلم بكل ألوانه(.
إن تحقيق العدالة الإقتصادية والإجتماعية، لا يتأتى دون تطبيق نظام سياسي إشتراكي، يتم فيه تلافي أخطاء تطبيقات قامت بها نظم إشتراكية سابقة، وبغض النظر عن نجاح بعضها أو فشل الأخرى. ولقيادة هذا التغيير حتى وصوله بر الأمان، لا بد من أن تضطلع به أحزاب إشتراكية، تقوم أولاً على إحترام حقوق الإنسان، ومن ثم السعي لتحقيق كل ما يحقق له التطور والتقدم من رعاية صحية وتعليمية، وتحقيق كل رفاهية متواصلة ومطردة. وثانياً رفض كل أشكال القهر والعنصرية وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وهذا المطلب يكون أكثر إلحاحاً في تصدي الأحزاب الإشتراكية لدولها التي تحتل أو تضطهد شعوباً أو أمماً أخرى. إن أحد مقاييس قدرة تلك الأحزاب على إحداث التغيير المطلوب، هو مدى إلتصاق هذه الأحزاب بجماهيرها، ورفضها لكل أنواع الظلم والإضطهاد في أية بقعة من العالم.
لقد ساهم ضعف النظم الإشتراكية في العالم ككل، على إزدياد تفرد قوى الظلم والهيمنة في العالم على مقدرات الأمم والشعوب؛ فتمادت في تدخلاتها العسكرية المباشرة وغير المباشرة، إضافة إلى إزدياد دورها في تلويث الوعي لدى مواطني تلك الدول الضعيفة، من خلال طرق جهنمية عدة.
إن دور الأحزاب الإشتراكية له أهمية كبرى، في الدول المختلفة وخاصة الرأسمالية؛ حيث تلعب تلك الأحزاب قوة ممانعة لتشريعات تزيد الفقراء فقراً في داخل تلك البلدان، كما تحاول تلك الحركات ـ حسب قوتها ـ عرقلة مشاريع الهيمنة للدول الرأسمالية الموجودة فيها تلك الحركات.
عبدالله ابو مازن

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور غضبان مبروك:

    لقد اصاب الاخ عبد الله في تشخيصه لمشكلة لتييعنيمنها العالم والمتعلقة بتزايد الفجوة بين اغنياءالعالم وفقرائه ولكن هو كذالك وقع في الخطا بخصوص العلاج كما وقع المنتدى الاقتصادي ب”دافوس”. ان العلاج لايكمن في عودة الاشتراكية ولا احزابها ولكن يكمن فيتبني بعضالطروحات الاقتصادي والسياسات الاجتماعية التي تجد مكانتها في الفكرالبشري .فيمكن تجميع هذه الافكار وتشكيل كتلة معرفية ترقى الى برنامج عمل كما هو الشان بخصوص منظومة حقوق الانسان التي ثبت انها تنتمي الى مساهمات الحضارات المختلفة فهذ البديل الاول.
    اما البديل الثانيفنجده فيالاسلام الذييوفر منظومة اقتصادية-اجتماعية متكاملة تقوم على وسائل لانتاج الثروة متوازية مع وسائل توزعها بما يحقق العدالة الاقتصادية والاجتماعية واخص بالذكر “آلية الزكاة” التي تعمل على التقليل من الثراء الفاحش وفي نفس الوقت القضاءعلى نسبة كبيرة منالفقراو التقليلمن حدته وهنا تقل الضغائن ويتزايد التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني.
    فلفكرالاشتراكي وآليات تجسيده الحزبية ثبت فشلها ولذالك لا يجب التفكير في العودة اليها ولو بصورة منقحة لانها لاتستطيع ان تنجح بما فيه الكفاية.عليه،لا بد من طرح جديد يقوم على افكارقابلة للتطبيق والتجسيد وليس مجرد افتراضات. كما كانالحال مع نظرية العقد الاجتماعي التي قامت على افكار وليس مجرد افتراضات كما يذهب الى ذالك بعض الكتاب والمفكريين.

إشترك في قائمتنا البريدية