البرلمان التونسي يمنح ثقته لحكومة مهدي جمعة

حجم الخط
0

تونس ـ ‘القدس العربي’: منح المجلس الوطني التأسيسي التونسي ليل الثلاثاء/الاربعاء ثقته لحكومة مهدي جمعة التي ستقود البلاد حتى اجراء انتخابات عامة.
وصوت 149 نائبا من أصل 193 شاركوا في عملية الاقتراع بـ’نعم’ على الحكومة التي ستحل محل الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، وصوت ضدها 20 وامتنع 24 نائبا عن التصويت.
وكان اختبار الحكومة الجديدة أمام المجلس التأسيسي (البرلمان) قاسيا، بدأ بسيل من الانتقادات حول تركيبة الحكومة وخلفية أعضاءها وانتماءاتهم الحزبية وانتهى بانتقاد مضمون خطاب جمعة واتهامه بمحاباة بعض الأطراف السياسية.
وأعلن جمعة في جلسة منح الثقة لحكومته أن الحكومة الجديد تسعى للسير بتونس نحو ‘انتخابات عامة حرة نزيهة وشفافة لا يرتقي إليها أَي تشكيك’، مشيرا إلى أنها ستركز على مكافحة الإرهاب والتحريض على الفوضى وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمالية المتردية.
وأبقى جمعة في حكومته التي تضم 21 وزيرا و7 كتاب دولة على لطفي بن جدو وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، بالرغم من اعتراض احزاب معارضة.
وأعلن القيادي في الحزب الجمهوري عصام الشابي تحفظ حزبه على تركيبة حكومة مهدي جمعة لإبقائه على وزير الداخلية لطفي بن جدو وكاتب الدولة المكلف بالطاقة والمناجم نضال الورفلي اللذين كانا ضمن حكومة علي العريض.
وأضاف لوكالة الأنباء المحلية ‘وات’ أن تركيبة الحكومة الجديدة ستُقلص من حظوظ التوافق حولها ‘سيما مع جسامة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية’.
لكن جمعة أكد أن حكومته تم تشكيلها ‘على اساس ثلاثة معايير هي الاستقلالية والكفاءة والنزاهة’، مشيرا إلى ان فريقه الحكومي يضم ‘أحسن الكفاءات’ في البلاد.
الاعتراضات على أعضاء حكومة جمعة لم تتوقف عند وزير الداخلية بل شملت أيضا وزيرة السياحة آمال كربول التي نالت نصيبا وافيا من الانتقادات نتيجة زيارتها لإسرائيل عام 2006.
ودفع هذا الأمر عددا من النواب إلى اتهام الحكومة الجديدة بمحاولة التطبيع مع إسرائيل، وقال مقرّر لجنة المالية بالمجلس التأسيسي معز بالحاج رحومة إن كربول ‘لها علاقات مشبوهة بالكيان الصهيوني’، ودعاها لتقديم توضيح حول ‘زياراتها’ لإسرائيل، فيما طالب النائب إبراهيم القصاص (مستقل) كربول ‘التي تعترف باسرائيل’ بمغادرة الوزارة في الحال.
وردا على الانتقادات التي طالت وزيرة السياحــة، أكد جمعة أن كربول لم تزر إسرائيل سوى مرة واحدة في 2006، وأكد أن زيارتها دامت يوما واحدا فقط ‘في اطار دورة تكوينية من تنظيم برنامج الامم المتحدة’، مشيرا إلى أنها تعرضت خلال الزيارة لـ’التمرميد’ (سوء المعاملة) من قبل اسرائيل بإعتبارها من جنسية عربية.
وهذه هي المرة الثانية التي تتهم فيها حكومة جمعة بالتطبيع مع إسرائيل، بعد الجدل الذي أثاره البعض حول احتمال تعيين رجل الأعمال اليهودي التونسي رينيه طرابلسي كوزير للسياحة.
من جانب آخر، قال القيادي في الجبهة الشعبية محمد جمور أن تركيبة حكومة مهدي جمعة لم تعرض على مؤتمر الحوار الوطني، مشيرا إلى وجود تحفظات حول بعض الأسماء المعلن عنها.
وأضاف لإذاعة ‘موزاييك’ المحلية ان وزير العدل الذي اقترحه مهدي جمعة ‘يعد من رموز النظام البائد وكان يعمل مستشارا قانونيا لبن علي وقاد حملة الحكومة آنذاك لتطويع المعهد الأعلى للمحاماة ليكون تحت سلطة وزراة العدل’.
فيما قال رئيس حزب المجد عبدالوهاب الهاني إن الجانب السلبي في تركيبة الحكومة الجديدة هو أنها غير متوازنة جهويا (تمثيل غير عادل للمحافظات التونسية).
وأكد في تصريح إذاعي أن الشمال الغربي محروم سياسيا وغير ممثل في الحكومة، موضحا أن ‘جهات الساحل وتونس وصفاقس حازت على نصيب الأسد في الحكومة’.
وانشغل بعض النواب عن انتقاد الحكومة الجديدة إلى تناول خطاب وشخصية رئيسها، حيث أخذت الأمينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي على مهدي جمعة عدم التزامه في كلمته بحل رابطات حماية الثورة التي وصفتها بـ’رابطات حماية الإرهاب’.
وأضافت ‘لم نجد رسالة التغيير في تركيبة الحكومة وكلمتكم لم تتضمن وعودا واضحة لحل رابطات حماية الثورة، رابطات حماية الإرهاب التي انطلق معها العنف السياسي ومهدت للارهاب’.
وكان الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل (الراعي الأساسي للحوار الوطني) حسين العباسي دعا قبل أيام إلى حل رابطات حماية الثورة التي اعتبر أنها ‘تمثل لجان ارهاب وعنف وأمن مواز وذراعا لأطراف محددة’، داعيا إلى توفير الأمن والطمأنينة للشعب التونسي.
وشبــهَ الكاتب والصحفي صافي سعيد حكومــة مهدي جمعة بـ’الجيوش الفرنسية المنبثقة عن جنسيات مختلفــة’.
واضاف لإذاعة ‘شمس’ المحلية ‘يبدو لي أن حكومة مهدي جمعة ودون ذكر أسماء حكومة لفيف أجنبي. فهؤلاء (الوزراء) كلهم من خارج الدولة’.
ولم يضيــع سعيد الفرصــة دون أن ينتقــد ‘الابتسامــة الدائمة التي يرسمها مهدي جمعة على محياه فى كل برزو اعلامي’. وأضاف ‘الرجل السياسي الذي يضحك في مكانه المناسب وغير مكانه ليس بالسياسي (…) إنه رجل علاقات عامــة’.
وأكد النائب المستقل نجيب حسني في وقت سابق وجود مشاورات بين مهدي جمعة وعدد من الكتل النيابية لإقناعه بالقيام بعدة تغييرات في تركيبة حكومته الجديدة.
وكان جمعة تعهد مساء الثلاثاء بإعادة النظر في تركيبته الوزارية اذا ثبت وجود اخلال بالمعايير (الاستقلالية والكفاءة والنزاهة) التي تم على أساسها اختيار الأعضاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية