أوروبا تهدد بمقاطعة اسرائيل!

حجم الخط
0

‘يسعى الاتحاد الاوروبي الى اغراء اسرائيل من خلال منح مكانة خاصة اذا ما صنعت هذه السلام مع الفلسطينيين. غير أنهم في القدس لا يتأثرون بما يسمى ‘الاقتراح الفارغ من المضمون’. وأكد مسؤولون في الاتحاد في محادثات أجروها مع نظرائهم الاسرائيليين بأن ليس لديهم أي فكرة في هذه المرحلة عما سيقترحوه بالضبط على اسرائيل. ومن جهة اخرى يقولون في وزارة الخارجية إن ‘الضرر الذي يمكن لاوروبا أن تلحقه باسرائيل، أكبر من المنفعة التي يمكن أن تجلبها’. وهذا، كما يدعون في وزارة الخارجية، ‘ينبغي أن يخيفنا’.
هذه الامور تطرح في بحث مغلق جرى مؤخرا في قسم اوروبا في وزارة الخارجية، بمشاركة كل سفراء اسرائيل في دول الاتحاد، وذلك في اطار مؤتمر السفراء السنوي.
وأشار موظفون كبار في القدس الى أن السياسة التي يطبقها الاتحاد الاوروبي بالنسبة لمقاطعة التعاون مع المستوطنات، وغيرها من الخطوات المجمدة حالية (التأشير على البضائع من المستوطنات، قائمة سوداء من سكان المستوطنات ممن يطلبون استصدار تأشيرات، بيانات تحذير من عواصم الاتحاد من مغبة التعاون مع اعمال تجارية في المستوطنات) من شأنها أن تتسع لتشمل الخط الاخضر في غضون سنة حتى سنتين. وهذا الاسبوع فقط نشر قرار من صندوق التقاعد الأكبر في هولندة بوقف التعاون مع البنوك الاسرائيلية بسبب نشاطها في المناطق. واضافة الى ذلك، تشكل السياسة الاوروبية مثالا لدول اخرى خارج اوروبا كفيلة بأن تتصرف بشكل مشابه. اليابان هي مثال بارز، ولكن ليس وحيدا.
‘يخلق الاتحاد الاوروبي أجواءا وأمزجة تشجع المقاطعات الكاملة لاسرائيل داخل الخط الاخضر والتي ستجعل اسرائيل دولة منبوذة’، يقول موظف كبير في القدس. وانتقد السفير الاسرائيلي السابق الى الاتحاد الاوروبي د. عوديد عيران، الذي شارك في النقاش، الاتحاد وادعى بأن الخطوة التي تحظر تمويل الجهات العاملة في المستوطنات كان ينبغي أن تتم في اطار ‘نقاش هاديء’ بين الاتحاد واسرائيل. وعلى حد قول عيران فان ‘اوروبا تدعي البراءة حين تدعي بأن سياستها تتعلق بالمناطق فقط إذ أنها عمليا تعطي شرعية لهيئات غير حكومية لمقاطعة كل تعاون مع اسرائيل’.
وعلى حد قول موظف كبير آخر فان ‘السياسة الاوروبية تشجع ايضا دولا في أجزاء اخرى من العالم للتصرف بشكل مشابه ولهذا فان من المتوقع لاسرائيل مصاعب سياسية واقتصادية (في المرحلة الاولى في المناطق)’.
في اثناء الجلسة طُرحت على النقاش دراسة أجراها د. عيران بالنسبة لأفق العلاقات مع اوروبا. وأشار عيران، الذي اعتزل العمل حاليا في وزارة الخارجية، الى أنه اذا ما تحققت تسوية سياسية مع الفلسطينيين، فان بوسع اسرائيل أن تطالب بالحصول على ‘عضوية ناقص’ في الاتحاد الاوروبي. وفي هذا الاطار يمكن لاسرائيل أن تكون شريكة في آلية تصميم قرارات الاتحاد في مجالات مختلفة: الزراعة، المواصلات والطيران المدني، التكنولوجيا المتطورة، السفن، أهداف البحث والتطوير وغيرها. ومع ذلك، فان النائب المنصرف لمدير عام وزارة الخارجية، ران كورئيل، ادعى في النقاش أنه في النظرة الاسرائيلية، لا يوجد الكثير مما يمكن التقدم اليه في العلاقات مع الاتحاد الاوروبي، وبالتأكيد ليس في المستوى الاستراتيجي.

التقدم منوط بالمفاوضات

التهديد الاوروبي بوقف المساعدات المالية للفلسطينيين اذا ما فشلت المفاوضات مع اسرائيل يعتبر هو ايضا في وزارة الخارجية تهديدا على اسرائيل أكثر مما هو تهديد على السلطة الفلسطينية. فوقف التمويل الاوروبي، الامريكي ومن دول اخرى للسلطة، من شأنه أن يؤدي الى الفوضى وانعدام قدرة السلطة على ادارة جوانبها المدنية. ومع ذلك، فان منسق شؤون الحكومة في المناطق، اللواء ايتان دانغوت، الذي شارك في مؤتمر السفراء، سمح بالفهم بأنه في فرضيات العمل لا توجد نية لاسرائيل للعودة الى معالجة الجوانب المدنية في السلطة.’
وتم الايضاح في النقاش بأن السياسة الاوروبية ضد استمرار البناء في المستوطنات هي سياسة جارفة، وأن المانيا ايضا، الصديقة الأكبر لاسرائيل في اوروبا، لا يمكنها أن تساعدها في هذه المسألة. وفي اوساط الموظفين الكبار والسفراء الذين شاركوا في النقاش ساد انسجام في الرأي في أن ‘التقدم في العلاقات مع اوروبا منوط بالتقدم في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين’. ومع ذلك، تم الايضاح بأن اسرائيل لا ينبغي أن تستسلم للضغط في موضوع المستوطنات، فقط بسبب الاغراء برفع مستوى مكانتها في الاتحاد الاوروبي.
ومع ذلك، فقد أشار عيران وآخرون الى أنه ‘ينبغي لنا أن نفهم السياسة الاوروبية التي تعارض كل تعاون’ مع المستوطنات والوصول الى صيغة يمكن التعايش معها’. وحسب بعض المشاركين، فان على اسرائيل ‘أن تجري فصلا بين مسألة المستوطنات وشبكة العلاقات التي تديرها اوروبا معها في داخل الخط الاخضر’. وعلى حد قولهم يمكن بهذه الطريقة أن يُمنع ايضا الضرر اللاحق بالصورة والأجواء التي ستنتشر الى جهات وشركات تجارية غير حكومية في اوروبا.
غير أن ليس كل المشاركين اتفقوا على طريقة العمل هذه. فرغم رسائل التهدئة من كبار المسؤولين في الاتحاد الاوروبي لمحادثيهم الاسرائيليين بأن سياسة الاتحاد تتعلق بالمناطق فقط، ثمة كثيرون في وزارة الخارجية يعتقدون أنه ‘لم يعد ممكنا وقف الانجراف’. وعلى حد قولهم، فانه اذا لم يطرأ تغيير حقيقي في سياسة اسرائيل بالنسبة للبناء في المستوطنات فان ‘المقاطعات لن تتوقف عند الخط الاخضر والضرر اللاحق باسرائيل سيكون حقيقيا’.

معاريف 14/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية