نحن أعداء نحن

حجم الخط
0

نحن أعداء نحن

ادريس المليانينحن أعداء نحنغ1ف ما من شيء، حيا كان أم ميتا، الا وهو مقدس. ولو احتمت البشرية بهذا الناموس، الطبيعي والالهي والانساني، لكانت الحياة علي الأرض والموت فيها أفضل حالا ومآلا. وللمدنس أيضا حقه في الوجود. ولو خلت الأرض منه تماما لما كان معني لا للدنيا ولا للآخرة. ولولا الرديء والخبيث، مثلا، لما عرف الجيد والطيب. وبضدها تتميز الأشياء. بل ان القبيح أيضا جميل وهو علي ما يقال أحد أنواع الجمال. وفي خلايا الجسد، المادي، الجامد والحي، كما في زوابع وتوابع الفكر والطبيعة والمجتمع، البري والمائي والهوائي، وحدة وصراع للأضداد باستمرار الوجود والعدم علي حظ من البقاء والفناء سواء. واذا كانت البشرية، بما لديها من الوسائط والمعارف التكنولوجية والايديولوجية والبيداغوجية والديماغوجية، لا تستطيع تفسير وتغيير العالم، بشيء بسيط للغاية ، كتحويل الصراع الي حوار، فهي لا محالة علي ضلال مبين، الي حين أن تكبح فيها جماح نفسها الأمارة بالسوء وتطهيرها منها حتي يصبح القانون أعلاه سيد الأحياء في مملكة أو جمهورية أو قبيلة المحبة والاخاء والتسامح والعدل والأمن والسلام.غ2فلماذا يعادي الأنا الآخر.لماذا هذا الأنا الذي هو أيضا آخر، يبيح، له وحده، ولا يتيح، لغيره، اطلاق العنان للسان، بما يعتبره ، له وحده، حقائق، ويعده، لغيره، أكاذيب. لماذا يسب ويلعن وينتقد ويهاجم كل يوم في الشارع والمدرسة والبيت والأنترنيت والمسجد والفضائيات اليهودي والنصراني والبدوي والشلح والأسود والملحد والمرأة والطفل وغير هؤلاء من كل الملل والنحل البوذي والوثني والشيوعي والليبيرالي والعلماني والوجودي والحداثي ولا يعطي لهم أيضا الحق في الرد بالمثل والمطالبة بالاعتذار، لهم كذلك، عما لحق بهم طوال التاريخ القديم والمعاصر مما لا عد له ولا حصر من شتي ألوان الشتائم والمظالم، عدد اللحي والعمائم.أليس عارا عظيما النهي عن خلق والاتيان مثله؟ ألا يعد أمرا بالمنكر ونهيا عن المعروف؟ أليس لكل الناس في كل زمان ومكان فيما يعشقون مذاهب؟غ3فكيف نأخذ بيد ونصفع بأخري. هل نحسن الميز بين الأصدقاء والأعداء.حين كان الاتحاد السوفييتي، علي سبيل المثال والأسف، لا يزال علي قيد الحياة، بني السد العالي وسلح حرب رمضان المباركة، وكم منح أكثر مما ربح، وكم علّم من فنون الرماية والقوافي ، فلما اشتد الساعد، انهالت عليه الأثافي من الماء الي الصحراء. من كان يكن ويعلن له العداء.من كان بريئا من دمه ومن سمه. ألم تتحالف أوساط رجعيتنا الرسمية والشعبية الحزبية والعلمية الثقافية والصحافية مع الأمبريالية العالمية في حربها الباردة والساخنة عليه باعتباره الشيطان الأكبر ؟ ولم يكد ينعت بالبائد حتي انفرد الذئب بالحمل الحليف، ولما بات بين فكيه أصبح الحنين الي المطرقة والمنجل حفظا لتوازن العالم الوحيد القطب. لماذا لم تحس تلك الرجعيات بالخوازيق التي كانت تدخل بين الأصلاب والترائب الا بعد فوات الأوان؟ والي الآن، لا تزال فلول ظلامية انتقامية تتغني بالانتصار علي ذلك الشيطان الأحمر ولا تعتذر حتي للأقدار التي حالفتها مع الشيطان الأسود بالأمس واليوم كذلك لا نحس بخوازيق ولا بمطرقة أو سندان. ألسنا نحن أعداء نحن. غ4فوما حظ النقد الذاتي في قاموسنا اليومي؟كيف ندفع عنا التهم وندين الآخرين؟أنحن الأطهار وهم وحدهم الأشرار؟ ألم نضطهد أحدا من الشعوب والقبائل؟ ألم نتعارف معها بالسيوف والرماح طوال عصور الفرسان؟أليس منا الآن باباوات ببغاوات، تمدح السلف الصالح، بكل المناقب، دون نقد، وتذم الخلف الطالح، بكل المثالب، دون حد؟ لماذا نغمض عين الرضي الكليلة عن كل عيب فينا ونفتح عين السخط التي لا تبدي من الآخرين الا المساوئ؟ أما في زماننا الماضي والحالي الا عيوب سوانا؟ ألسنا آخرين، في نظر الآخرين؟ هل بلادي حقا عزيزة حتي وان جارت علي، هل قومي حتي وان ضنوا علي فعلا كرام؟ لماذا يفر منها أهلها الي ديار الكفرة طلبا للرزق والعلم والعلاج والحرية والأمن والأمان والضمان المعجل والمؤجل؟ لماذا لا تحلو البلاد العزيزة بقومها الكرام الا وراء البحار؟ لماذا يستطيع الجميع الجهر هناك بما لا يستطيع الجميع الجهر به هنا؟ لماذا لا تدق هنا أجراس الكنائس مثلما يصدع هناك الآذان؟ لماذا لا يعامل الانسان بالاحسان في كل مكان؟ هل نحن فعلا أهل تسامح أم تناطح؟ في شمتة الكاميرا الخفية خلال شهر رمضان المبارك كانت مظاهر العنف والخوف من الآخر طاغية علي كل مشاهد البرنامج، تماما علي عكس الآخرين، الذين كان عنفهم وخوفهم يبدو أمام الكاميرا الخفية أكثر مرحا وتسامحا وأمانا واطمئنانا. كيف يمكن للقدر أن يستجيب لشعب لا يريد الحياة ويمجد الموت؟الجواب علي كل تلك الأسئلة في غاية البساطة: ان الحياة مقدس ومدنس ولهما معا حق الوجود علي حظ من احترام الجميع سواء !..شاعر وكاتب من المغرب0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية