لن ننسى الأقصى

حجم الخط
0

مصرية الوطن، مقدسية الهوى، اسلامية الهوية هي الناشطة والمحاضرة المقدسية الدكتورة أمل خليفة التي وضعت الطب البشري جانبا لتطبب عقل الأمة وهمتها وتعيد لها صحتها الفكرية والوجدانية وتصحح نظرتها المستقبلية.
كانت لتكون ككثيرين من الذين يحاضرون ويكتبون في الشأن المقدسي والثقافة المستجدة لأبناء الأمة العربية التي أعادت احياء مفاهيم القدسية والوقفية بعد أن فاوض الساسة على كل شيء وفرطوا بكل شيء، الا أن ما يميزها أنها تضع القدس والأقصى كمكون أساسي وواجهة أو خلفية لكل فكرة أو نشاط، مع كل نصر أو تقدم، مع كل ضحكة أو دمعة، في الشأن الخاص والعام تكون القدس حاضرة لتقول لنا ان الأعمال على اختلافها اذا لم تصب وتُوصل بالنهاية الى الهدف الأعظم بتحرير القدس فقد حبطت وضاعت وأن التحرير عملية طويلة النفس وخطة بعيدة الأمد ولها كبواتها وتستغرق وقتا، وكأنها تذكرنا بصلاح الدين وستة عشر عاما من الجهاد لتوحيد مصر والشام أوصلته بالنهاية الى تحرير بيت المقدس، لم يكن اليأس خلالها واردا ما دام الهدف واضحا ومن قبله الثقة بنصر الله وسننه الماضية في الكون، ستة عشر عاما عاش فيها الكثير من أحداث الحياة ولكن بقيت بيت المقدس الحاضرة الأولى في ذهنه فقال عنه من وصفه من معاصريه ‘كان عنده من القدس أمر عظيم .’
” عبارة تذيل كل منشورات الدكتورة أمل خليفة منها ما يكون بعيدا عن هم الأقصى والقدس في الظاهر ويركز على الشأن المحلي المصري، ولكن هذه هي الرؤية التكاملية لفكرة الجسم الواحد الذي تتداعى أعضاؤه لبعضها، فإذا عطس ابن القدس شمه ابن القاهرة، وإذا ندّت الصرخة في مصر لباها المسلمون على امتداد البسيطة كل بقدر استطاعته، هي رؤية أن مقدسات المسلمين تتجاوز القطرية الضيقة وتجمع المسلمين على اختلاف بقعهم الجغرافية وتتعالى على حسابات السياسة ومخططاتها، هي رؤية تثبت أن سايكس بيكو وملحقاتها القديمة والحديثة قد تقسمنا على الأرض قصرا ولكنها لن تقسم قلوبنا وعقولنا وإجماعنا كشعوب.
قد ينتقد المتقاعسون والمتذمرون والبراغماتيون هذا الأمر ويقولون وماذا تفيد الشعارات في منطق القوة وفرض الأمر الواقع على الأرض وينسون أن العدو عاش فكرة حلم إبليسي تردد في عقل هرتزل يوم كان اليهود اشتاتا مقطعة ومستضعفة حول العالم ولا شيء يبشر بنهضة واستطالة وعلو جديد لهم، ثم تحول هذا الحلم الى خطط ومؤتمرات ومؤسسات وهجرة واحتلال ودولة بالإيمان، ولو كان على باطل، والعمل وتوريث الرسالة قديما وللآن ما زال شعارهم يستحث الذاكرة ويؤكد على استفزاز مكامن العقل ليبقى حاضرا ولا ينسى اورشليم ويرددون في كل صلاة وهم يعصبون أيديهم ‘شلت يميني ان نسيتك يا اورشليم.’ الطفل الذي يرددها صغيرا لا يملك السلاح ولكنها تربية وبرمجة ليوم قادم ومستقبل ليس ببعيد في يوم سيحمل فيه السلاح بالانتظام في جيش بلاده أو بالخدمة في الاحتياط، فلا بد له من الإيمان والثقافة التي تقويه مع قوة السلاح!
قد يبدو شعار ” يركز على الحد الأدنى من الوعي والدعم المطلوب في وقت تحتاج فيه القدس والأقصى الى الحد الأعلى من العمل غير أن الدكتورة أمل خليفة تتبعه بنشر ثقافة أخرى مكملة للاولى وشعارها ‘موعدنا عند الكأس’ والكأس هو متوضأ الرجال المفتوح في باحة الأقصى حيث تضرب الدكتورة أمل موعدا مع كل تلامذتها ليكون موعد لقائهم القادم بعد تحرير الأقصى، وهم من جنود التحرير، عند الكأس ” و’موعدنا عند الكأس’ هما صرخة امرأة مسلمة في الجيش القادم خرجت من ظلمات اليأس والاستسلام والرضوخ الى آفاق تأكيد الحق واحياء الهمة.
أكثر من ثمانين سنة مرت على القدس وهي مكبلة باحتلال الصليبيين تسبح في دماء أبنائها، ولو كان تطاول الزمن موجبا لليأس لكان حريا بالزنكيين وصلاح الدين أن ييأسوا ويتخلوا عن مشروع التحرير ولكنهم كانوا مصممين على تحويل تركة الهزيمة الى ميراث نصر، ووصل حاضر المسلمين بمجدهم الماضي قليل على قليل على قليل يصنع الكثير ومستصغر الشرر يوقد النار العظيمة وحصاة فوق حصاة تصنع جبلا، ونصر القدس كلمة وموقفا ودعاء وهذا جهاد مع الجهاد الأعظم، فإذا لم نُصطف للجهاد الأعظم فالواجب أن نحرص أن لا نخطىء بابا من أبواب الجهاد حتى لا نكتب في القاعدين والمفرطين والخونة!
د.ديمة طارق طهبوب

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية