كاتيوشا من لبنان وتصريحات فارغة من اسرائيل

حجم الخط
0

‘خلف اطلاق صواريخ الكاتيوشا من لبنان في يوم الاحد جهاز الامن الاسرائيلي في عدم وضوح ما. فلم تتحمل أية منظمة لبنانية المسؤولية عن اطلاق القذائف التي سقط أكثرها في الجانب اللبناني من الحدود.
‘قدرت مصادر امنية في حذر ومن غير التزام أن اطلاق القذائف كما يبدو المسؤولة عنه فصيلة سنية جهادية أي واحدة من الفصائل المتطرفة المؤيدة للشبكة الواهمة التي تسميها الاستخبارات ‘الجهاد العالمي’، التي تنفق أكثر وقتها مع العداوة لاسرائيل، على نضال لاسقاط نظام الاسد في سوريا وعلى معركة طويلة فيها العمليات المتبادلة القاتلة مع حزب الله الشيعي في لبنان.
‘إن رئيس الوزراء كما يبدو هو الذي لا يشارك في التردد. فقد أعلن نتنياهو في افتتاح جلسة الحكومة لوسائل الاعلام أنه يوجد عنوانان وراء اطلاق القذائف على الجليل وهما: حكومة لبنان المسؤولة عن كل اطلاق نار من داخل ارضها، ومنظمة حزب الله التي تنصب آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية في بيوت في جنوب الدولة بين سكان مدنيين.
وأضاف رئيس الوزراء أن حزب الله ‘ينظم اطلاق النار على مدنيين (اسرائيليين) كما حاول أن يفعل اليوم’، ويختبيء في الوقت نفسه وراء مواطنين لبنانيين وبذلك ينفذ ‘جريمة حرب مضاعفة تتم برعاية حكومة لبنان وجيشها’. وتحول نتنياهو من هنا الى هجوم على ايران وكيلة حزب الله التي ما زالت تخصب اليورانيوم وينتعش اقتصادها بفضل الاتفاق المرحلي الذي أحرزته مع القوى العظمى في جنيف في الشهر الماضي.
‘يوجد تفسيران ممكنان لاعلان نتنياهو الاول، وينبغي أن نأمل أن يكون هو الصحيح أن نتنياهو عُرضت عليه معلومات استخبارية لم تطلع عليها وسائل الاعلام الى الآن. والثاني أن العرب هم العرب في رأي رئيس الوزراء ولا يهم أن يكون من أطلقوا النار على اصبع الجليل شيعة من كارهي اسرائيل أو سنيين يكرهون اسرائيل لكنهم يكرهون حزب الله الآن أكثر.
وبينت مصادر سياسية في رد على توجه صحيفة ‘هآرتس’ أن ‘حزب الله هو الجسم الأقوى في جنوب لبنان ولهذا فانه مسؤول عن كل ما يحدث هناك. وقيل كلام رئيس الوزراء تحذيرا مضاعفا لحكومة لبنان وحزب الله’. حسن، إنه في هذه المرة على الأقل لم يزعم أن اطلاق القذائف ينبع من تحريض في جهاز التربية الفلسطيني.
‘يُعبر اطلاق القذائف كسلسلة الاحداث في الاشهر الاخيرة على الحدود وفي المناطق عن الواقع الجديد الذي أخذ يتشكل حول اسرائيل. استطاع نتنياهو مدة ثلاث سنوات تقريبا أن يدبر الامور بحذر وأن يحافظ على مواطني اسرائيل فيما يشبه ‘فقاعة امنية’. في سوريا، في حرب اهلية فظيعة تجري احيانا على مبعدة كيلومترات معدودة عن حدودنا في هضبة الجولان، ذُبح أكثر من 120 ألف انسان؛ وفي مصر بُدل الحكم مرتين مع احتجاج وعنف؛ ويجتمع آلاف ويوجد من يقدرون أنهم عشرات الآلاف من نشطاء الجهاد المتطرفين على حدود اسرائيل في سوريا وسيناء ولبنان. ويرى قسم الاستخبارات منظمات الجهاد السنية خطرا جديدا مقلقا لكن القليل جدا من كل ذلك شُعر به في حياة الاسرائيليين اليومية فقد تم حفظ الهدوء في عين العاصفة.
‘بدأت الظروف تتغير في نهاية الصيف. ومنذ ذلك الحين أخذت تكثر اعمال الارهاب نتاج انتقال المواجهات المسلحة الداخلية في الدول المجاورة ونتاج ازدياد التوتر بين اسرائيل والفلسطينيين. فمن كانون الثاني الى آب قتل مواطن اسرائيلي واحد (من سكان يتسهار قتله فلسطيني بالقرب من نابلس).
ومن ايلول الى كانون الاول قتل ستة منهم اربعة جنود ومدني واحد استعمله جهاز الامن: ثلاثة في الضفة الغربية وغور الاردن، وواحد في قطاع غزة، وواحد بطعنات فتى فلسطيني في داخل الخط الاخضر وواحد على حدود لبنان. ويجب أن نضيف الى القائمة التي أخذت تطول حالتي اطلاق قذائف كاتيوشا من لبنان الى الجليل (واحدة في نهاية آب والاخرى في يوم الاحد)، وشحنة ناسفة كشف عنها في باص في بات يام، وشحنة ناسفة كادت تدمر سيارة جيب للواء المظليين على الحدود السورية في الجولان وعدة محاولات اخرى لتنفيذ عمليات في الضفة الغربية.
‘إن القاسم المشترك بين أكثر العمليات هو صعوبة تحديد العنوان وراءها. ففي أكثر الاحوال لا يوجد اعلان رسمي بتحمل مسؤولية عن العملية واذا وجد فمن المحتمل أن يكون كاذبا أصلا. وفي عمليات اعتقل المسؤولون فيها تبين أنهم عملوا في الأكثر بمبادرة مستقلة دونما صلة بتراتب منظم لمنظمة ارهاب، لكن النجاح الذي يليه انتباه اعلامي يفضي الى محاولات تقليد والى زيادة عدد العمليات. فالصعوبة الاسرائيلية مضاعفة لأنه ليس صعبا فقط التعرف على خطط قيام بعملية على يد مخرب فرد أو فصيلة صغيرة جدا استخباريا ومسبقا. بل لا يوجد ايضا عنوان يُرد عليه. وفي لبنان كما كانت الحال في العملية في الاسبوع الماضي في القطاع لا تكاد توجد ‘معسكرات ارهاب’ محددة للمنظمات السنية يمكن أن يجبى منها ثمن المس باسرائيليين. وتكتفي اسرائيل على نحو عام بطلب عام من السلطات في غزة ولبنان وفي سوريا احيانا أن تعمل بصفتها مالكة الامور وأن توقف العنف من داخل ارضها.
‘إن اسرائيل في واقع الامر لا تفعل الكثير ايضا خشية الانجرار الى تصعيد طويل من غير هدف واضح. إن الوضع في غزة والضفة أسهل لأنه ما زالت تعمل هناك سلطات (حماس والسلطة الفلسطينية) يمكن أن يُطلب اليها قدر ما من المسؤولية وضبط الامور.
وفي لبنان التي جربت في يوم الجمعة اغتيالا متعدد المصابين في بيروت وتخشى عودة الحرب الاهلية، تبدو التهديدات الاسرائيلية فارغة من المضمون تقريبا. تفاخر رئيس الوزراء بأن الجيش الاسرائيلي ‘رد بقوة وبسرعة’ على اطلاق القذائف من لبنان. وجاء عن متحدث الجيش الاسرائيلي أن بطارية مدافع أطلقت قذائف مدافع ‘على مصادر اطلاق القذائف’. ماذا كانت مصادر الاطلاق المجهولة تلك وما الذي أحرزه الرد الصهيوني المناسب؟ لا يوجد الى الآن جواب عن ذلك من المتحدثين الرسميين.

عاموس هرئيل
هآرتس 30/12/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية