الحكام العرب وتحنيطهم على كرسي الزعامة

حجم الخط
3

هل نجح المال في وأد ثورات صحوة الشعوب العربية؟ ربما يكون ذلك الى حد ما فقد نجحت الحكومات العربية العائمة على بحور من الطفرات المالية في ارباك مواطن الثورات بضخ امواج من الاموال الى اماكن حدوثها لايجاد ثورات مضادة او حلول مخدرة للوضع من اجل ادخال مسار التحول في فوضى عارمة للايحاء ان البديل هي الفوضى والدم وعدم الاستقرار، ولدرء عدوى الثورات يجب محاربة الثورات في اوطانها تلك هي نظريات الحكومات العقيمة، لم تكتف تلك الحكومات بأيواء الجبابرة من الحكام الذين ثارت شعوبهم ضدهم بل دأبت على محاربة ثورات الشعوب التواقة للحرية واجهاضها في مهدها بل والسعي لاعادة القديم بحلة جديدة أكثر ولاء لها مشحونا بشعور الانتقام والاستعلاء ومستفيدا من اخطاء الماضي لسلفه في الثبات من اجل البقاء.
حكومات العائلة في الدول العربية جعلت من ثورات الشعوب خروجا عن المألوف فأفتت بتحريمها تحت ما يسمى الخروج عن طاعة الحاكم والجهر له بالقول يأتي في صياغ المحرم ليصل بذلك الحاكم الى مستوى التقديس المطلق والعياذ بالله، كأنما فرض على الامة من السماء ليملئ الارض عدل ورحمة وفصل ومحبة، لقد اصاب اكثرهم مرض الشيخوخة والخرف حتى اصبح البعض منهم لا يعي ما يقول وفوق هذا ما زال متمسكا بكرسي الحكم الى اخر رمق في الحياة بل ان معظمهم يفضل ان يدفن كرسي الحكم معه او ان يحنط على كرسي الحكم.
ان يستعبد احدهم قومه فتلك مصيبةٌ لكن ان يسعى ان يستعبد غيره قوما اخرين فتلك هي ام المصائب، لكن يقول قائل لا تسأل الحكام العرب لماذا طغوا بل أسأل شعوبهم لماذا ركعوا، هذه هي المقولة الصحيحة لان من صبر على الظلم يستحق الظلم وهذا هو المنكر بعينه، ومعنى الاستعباد هو ان تستقل قوى الانسان العقلية والبدنية ويتحول من مخير إلى مسير في معظم أموره. يقول الله جل في علاه من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك هو اضعف الايمان، نحن الشعوب العربية المنسية كما يتضح قادرون على قلب الامور رأساَ على عقب وقد أثبتت الوقائع والاحداث ان اسهل شيء لدى الشعوب التواقة للحرية والتحرر من الظلم هو الثورة على الظلم وصانع الظلم، لكن من ناحية أخرى الم يتعلم الظلمة التأقلم مع المتغيرات ليعودوا بثياب الثورة راكبين موجة التغيير مستفيدين من تسخير امكانياتهم للعودة للحكم بقلب يسوده الحقد مملوء بالانتقام من الشعب الذي خالف منهاج آبائه في الطاعة للحكام الجبابرة والخنوع والرضى بما يمن به الحكام عليه من هبات زهيدة.
عاد الذين ثار الشعب عليهم بجلباب الثورات المرتدة فأشتروا ما تيسر من المستنفعين والمقربين ليصبحوا ثوار الثورة المضادة لطمث ومحو ثورات الشعوب الحقيقية وليعودوا القطار الى مساره القديم متربعين في هذه المرة على السلطة بإسم الثورة ثم يحاكم الثواراو يطمسوا نكاية لما قاموا به تحت مسمى الارهاب او زعزعة الحكم او بتشكيل خطر على الامن العام، لا تهم الاسباب فهي كثيرة لمن سولت له نفسه بالخروج عن ثورة الحكام الجدد الذين يفصلون القوانين على مقاسهم وعلى هواهم ويحصنون انفسهم من غضب الشعب عليهم حيث اصبح الشعب في نظرهم خائن لا يؤتمن ذنوب الشعب في نظر الحكام الجبابرة طلبه للحرية، ولكن ذلك لا يبرر خنوعه او صبره على الظلم فإن الاحفاد لن يقولوا لماذا طغى الطغاة بل سيقولون لماذا ركع اجدادنا وصبروا على الذل وقد ولدتهم امهاتهم احرارا.

امريكا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول معتدل:

    الامر لا يتقصر على حكام الشعوب فقط بل على المديريات والمحافظات والأقاليم و المدن والقرى و كأن أولئك القوم قد ضمنوا تلك الاعمال لاولادهم وأحفادهم من بعدهم سواء رضوا الناس والعامة بهذا أم لم يرضوا
    الامر كذلك يتجاوز الى المناصب العسكرية والدبلوماسية وحتي على مستوى السفارات والقنصليات في عدد من الدول . وما خفى كان اعظم .
    أضف على ذلك ، هناك ما يطلق باسم النقابات والجمعيات العمومية واتحادات الطلاب و المؤسسات الثقافية و غيرها من المؤسسات الشبة حكومية كشركات النفط والغاز والبنوك الاستثمارية و ما إلى ذلك .
    الشعوب تعبت من التجهيل والتنكيل بها لا لأنهم تحت بطش الحكام بل أتباع الحكام ومن يواليهم .

  2. يقول د.محمود أبو الرز- الأردن:

    مع كامل التقدير لما ورد من مضامين قيّمة حول الثورات العربية والثورات المضادة، في هذا المقال الرفيع، إلا أن من الواجب التصحيح أن: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” ، هو حديث شريف عن النبي “صلى الله عليه وسلم” ، وليس آية من القرآن الكريم .
    لذا اقتضى التنويه وشكراً للقدس العربي الغراء والكاتب المحترم..!

  3. يقول فاروق قنديل ـ النمسا:

    ملاحظة ! هذا حديث مروي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( من رأى منكم منكرا ٠٠٠٠٠٠٠) وليس عن الله سبحانه وتعالى ، وشكرا للكاتب على هذا المقال اللذي لم يجافي الحقيقة فيه

إشترك في قائمتنا البريدية